واشنطن: قائمة رعاة الإرهاب لا تحول بين السودان والتعامل المصرفي

تيبور ناجي قال إن حكومة حمدوك شريك... و2020 هو عام السودان

تيبور ناجي (غيتي)
تيبور ناجي (غيتي)
TT

واشنطن: قائمة رعاة الإرهاب لا تحول بين السودان والتعامل المصرفي

تيبور ناجي (غيتي)
تيبور ناجي (غيتي)

قطع مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، تيبور ناجي، بأن بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب لا يحول بينه وبين التعامل مع المنظومة المصرفية العالمية، وكشف عن مفاوضات تجري بين الإدارة الأميركية والحكومة الانتقالية في السودان، وصفها بأنها أكبر من وجود الخرطوم ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ووصل تيبور ناجي إلى الخرطوم الاثنين، ضمن زيارة قام بها لعدد من الدول الأفريقية، والتقى خلال زيارته وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبد الله. وقال ناجي، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف من العاصمة السودانية الخرطوم، إن وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب لا يحول بينه وبين التعامل مع النظام المصرفي العالمي، وإن العقوبات التي تمنع ذلك رفعت في عام 2017.
وأرجع ناجي عجز النظام المصرفي السوداني عن العودة للنظام المصرفي العالمي إلى عدم قدرة الخرطوم على التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية بسبب متأخرات ديون السودان إلى تلك المؤسسات، التي أثرت على سمعته.
ورفض المسؤول الأميركي تحديد موعد لخروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بيد أنه قال في إفادات في حفل استقبال أقامته سفارته بالخرطوم إنه يزور السودان للمرة الثانية خلال أقل من عام، واصفاً ذلك بأنه «عام السودان».
وأضاف: «أتمنى أن يكون عقد السودان كذلك»، وتابع: «نحن ننظر للحكومة الجديدة باعتبارها شريكاً إيجابياً للغاية، ويمكننا القيام بأعمال تجارية، والجلوس لمعالجة القضايا كافة، ونحن متفائلون بالمفاوضات النشطة المستمرة بيننا في عدد من المجالات».
وقال في المؤتمر الصحافي إن مفاوضات الإدارة الأميركية مع الحكومة الانتقالية في السودان تتناول ملفات أكبر من مجرد التباحث حول وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأوضح ناجي أن بلاده مهتمة بشريحة الشباب ومجتمع الأعمال، مبيناً أن الدولة لا تستطيع توفير وظائف للشباب السوداني، وأن القطاع الخاص هو القادر على ذلك، وأنه يأمل في علاقات بين مجتمع الأعمال السوداني والأميركي.
وبحسب نشرة صحافية صادرة عن الخارجية السودانية، فإن وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبد الله التقت ناجي، ومبعوث الرئيس الأميركي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث، وبحثت معهما مستجدات الأحداث في السودان، والخطوات التي خطتها الحكومة السودانية باتجاه تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وقالت عبد الله إن حكومتها تبذل جهوداً حثيثة لتحقيق التنمية المستدامة، ومواجهة الحاجات العاجلة، والتحديات التي تواجهها، وطلبت من الجانب الأميركي حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ليستطيع التعامل مع المؤسسات المالية الدولية.
ووفقاً لنشرة الخارجية، فإن ناجي أبدى إعجابه بالتغيير الذي شهده السودان، مؤكداً أمله في تجاوز الحكومة الانتقالية للتحديات الماثلة أمامها، وشدد على استعداد بلاده لمساعدة السودان، بما في ذلك المباحثات المتعلقة بوجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، إضافة إلى مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح الجارية في عاصمة جنوب السودان مدينة جوبا.
ويخضع السودان منذ عام 1997 لعقوبات اقتصادية وتجارية أميركية ألحقت باقتصاده خسائر فادحة، بعد أن كان مدرجاً ضمن القائمة الأميركية للدول التي ترعى الإرهاب في أغسطس (آب) 1993، بسبب إيواء الحكومة الإسلامية لمن تصنفهم الإدارة الأميركية بأنهم جماعات إرهابية، وعلى رأسهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وتوفير ملاذات آمنة لهم.
ورفعت العقوبات الاقتصادية عن السودان جزئياً على عهد الرئيس السابق باراك أوباما، ونفذت القرارات في عهد الرئيس دونالد ترمب، بيد أن الإدارات الأميركية أبقت عليه ضمن الدول الراعية للإرهاب.
وأسقط السودانيون نظام المعزول عمر البشير بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019، وهو النظام الذي ارتبط برعاية الإرهاب، وكان متوقعاً حذف اسم السودان من القائمة التي تعوق الانتقال الديمقراطي، بحسب الحكومة السودانية، لكن واشنطن عوضاً عن ذلك، وضعت شروطاً جديدة، بأن يدفع السودان تعويضات لأسر ضحايا الإرهاب الأميركيين الذين يتهمون حكومة البشير بالضلوع في حوادثه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».