الإعلام الإسرائيلي: مطالبات باستغلال الرفض الفلسطيني وأخرى ترى الصفقة «حبراً على ورق»

هآرتس: تفجير قضية لوينسكي كان الخلاص لنتنياهو من خطة كلينتون

يقرأ صحيفة «الفلسطيني» في أحد شوارع غزة (أ.ف.ب)
يقرأ صحيفة «الفلسطيني» في أحد شوارع غزة (أ.ف.ب)
TT

الإعلام الإسرائيلي: مطالبات باستغلال الرفض الفلسطيني وأخرى ترى الصفقة «حبراً على ورق»

يقرأ صحيفة «الفلسطيني» في أحد شوارع غزة (أ.ف.ب)
يقرأ صحيفة «الفلسطيني» في أحد شوارع غزة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تقبل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومنافسه رئيس حزب الجنرالات، بيني غانتس، خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتسوية «صفقة القرن»، سيطر الموضوع على عناوين الأحداث في إسرائيل، ودخلت وسائل الإعلام والأحزاب وقواعدها الجماهيرية في نقاشات حولها. وهل ينبغي النظر إليها كمشروع سلام حقيقي أم أن غياب أو تغييب الفلسطينيين عنها يعني أنها مجرد مشروع انتخابي يطرحه ترمب لمناصرة وإنقاذ رفيقه نتنياهو، أو حتى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية من دون تقديم حل.
وهاجم المؤرخ والمحلل السياسي، البروفسور أيال زيسر، الفلسطينيين، وكتب في صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، أمس، مقالاً تحت عنوان «أين العروس الفلسطينية حقاً؟»، جاء فيه: «الخطوة الأميركية، وخطوات إسرائيل في أعقابها، كفيلة بأن تدخل إلى التاريخ كحدث تأسيسي له أهميته في ترسيم حدود الدولة. إنها كفيلة بأن تمنح إسرائيل القدرة، لأول مرة في تاريخها، لأن تملي لنفسها حدودها وفقا لاعتبارات الأمن ووفقا للمصالح الإسرائيلية. ومع ذلك، يقف في مركز الغرفة مثل فيل ضخم السؤال الكبير - أو المجهول الكبير: أين العروس؟ أين الفلسطينيون؟ فلحظة نشر خطة القرن كان يمكن لها أن تكون ساعتهم الكبرى. فبعد كل شيء، فإن خطة إدارة ترمب لا تتجاهلهم، بل تتعاطى مع الواقع على الأرض ويوجد فيها تلبية، وبالتأكيد للمدى البعيد، لاحتياجات بل وتوقعات السكان الفلسطينيين، حتى لو لم تقل (آمين) لعموم المطالب الفلسطينية. ولكن القيادة الفلسطينية سارعت حتى قبل نشر تفاصيل الخطة لرفضها رفضا باتا. هذا رد فعل معروف ومتوقع مسبقا، وحتى لو وعد الأميركيون الفلسطينيين بالجبال والتلال، فإن جوابهم سيبقى سلبياً. يدور الحديث عن نمط ثابت في التاريخ الفلسطيني، ويكمن في ضعف وعدم قدرة القيادة الفلسطينية عبر أجيالها، على اتخاذ قرارات محملة بالمصائر، للوقوف أمام الرأي العام الفلسطيني وإقناعه بالحاجة وبالضرورة للتنازلات والحلول الوسط. بدلاً من أن يأخذ الفلسطينيون مصيرهم في أيديهم، فإنهم يعلقون آمالهم منذ الأزل على الآخرين على أمل أن يقوم هؤلاء بالعمل نيابة عنهم. في الماضي كان هؤلاء هم الدول العربية في ميدان المعركة مع إسرائيل، واليوم الأسرة الدولية في ميدان الصراع السياسي».
وفي الصحيفة نفسها كتب الصحافي اليميني، أمنون لورد، يهاجم فيه بيني غانتس، منافس نتنياهو، ويتهمه بالتخريب على السلام: «الخطة التي ستعرض اليوم تتطابق بقدر كبير مع رؤيا إسحق رابين في خطابه السياسي الأخير في الكنيست قبل شهر من اغتياله: غور الأردن، معاليه أدوميم، القدس موحدة، غوش عصيون والكتل الاستيطانية. ولكن الخلفاء غير الشرعيين لألون ورابين يعدون اليوم كميناً لرئيس الوزراء بدلاً من أن يمنحوه إسنادا كاملا ومباركة للطريق. من جهة، يطور رئيس الوزراء جدول أعمال وطنيا مخترقا للطريق؛ ومن الجهة الأخرى، تفاهمات رؤساء (كحول لفان) وبيني غانتس على رأسهم، الذين يهتمون بتخريب المسيرة السلمية. إن خطة ترمب سابقة. ننتقل بها من الهوة السياسية لأوسلو، إلى كامب ديفيد، لطابا وكذا لمحادثات أنابوليس ومفاوضات أولمرت ولفني. يستغل نتنياهو فرصة لا تتكرر لشطب خطوط 1967 مثلما شطبت خطوط 1947 بعد حرب التحرير».
واعتبر رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يدلين، في مقال في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن «خطة ترمب هي الأفضل التي طُرحت على الطاولة من جانب جهة دولية، وخاصة مقارنة بما طرحته إدارات كلينتون وبوش وأوباما. فهي تحافظ على إسرائيل كدولة يهودية، ديمقراطية وآمنة، بالمقاييس المقبولة على أغلبية الإسرائيليين. وتمرر رسالة واضحة للجانب الفلسطيني بشأن الثمن الذي يتحمله رفضهم التاريخي وأن الزمن لا يلعب لمصلحتهم».
وأكد يدلين على أن «الخطة لن تقود إلى سلام... والخطة تفترض دعماً عربياً دون شرط قبولها بشكل مطلق من جانب الفلسطينيين. (لكن) حتى الآن لا يوجد مؤشر على صحة هذا الافتراض من جانب الرياض والقاهرة، وبشكل مقلق أكثر من جانب عَمان».
وحسب يدلين، فإن الخطة جاءت لتضع حداً للوضع القائم الذي يقود إلى دولة واحدة، وبالضرورة لن تكون يهودية وليست ديمقراطية. واليمين، حسب خطابه على الأقل، سيحاول استخدام رافعة الرفض الفلسطيني من أجل ضم الأغوار ومناطق C. وهذه خطوة خطيرة، ومن شأنها أن تؤدي إلى انهيار اتفاقيتي السلام مع الأردن ومصر، وإنهاء فترة الهدوء في الضفة الغربية، وتصعيد في قطاع غزة، وأن تقود إسرائيل إلى مواجهة سياسية مع المجتمع الدولي.
واقترح يدلين «استخدام الرفض الفلسطيني في الأمد البعيد كرافعة لخطوة ترسم واقعا جديدا». وخلص إلى اعتبار أن «خطة ترمب هي فرصة تاريخية تشكل رافعة بالنسبة لإسرائيل لإقرار كيف ستبدو في المستقبل، وفقاً للشروط والمعايير المطلوبة لها. وإذا تمكنا من الحفاظ على خيار لاتفاق يقود إلى دولتين (وفقاً للمقاييس الإسرائيلية)، فسنخرج رابحين منه».
وكتب مراسل صحيفة «هآرتس»، حيمي شليف، مقالاً قال فيه: «نتنياهو كان يجب عليه أن يتأثر أمس من مشهد شاهده في السابق، ولكن بصورة عكسية. ففي شهر يناير (كانون الثاني) قبل 21 سنة قام نتنياهو بزيارة في واشنطن، وأثناء هذه الزيارة تفجرت قضية مونيكا لوينسكي التي أنقذته من ضغط الرئيس بيل كلينتون الذي لا يعتبر من مشجعيه. أمس مرة أخرى وقف إلى جانب رئيس أميركي في يوم تورطه في إحدى مشكلاته، ولكن في هذه المرة الحديث يدور عن دونالد ترمب الذي ينوي أن يقدم لإسرائيل، بهذا القدر أو ذاك، المناطق نفسها التي طلب كلينتون من نتنياهو إخلاءها. الاختلاف في الموقفين برز في الفجوة الواضحة بين الوجه المضغوط والقلق لنتنياهو في بداية لقائه الأول مع كلينتون في 1998 وبين الابتسامة العريضة والسعادة الكبيرة التي ملأت وجهه في بداية لقائه مع ترمب أمس في البيت الأبيض. إن تفجر قضية لوينسكي بين اللقاء الأول واللقاء الثاني كان بمثابة الخلاص بالنسبة لنتنياهو. النبأ الذي نشرته أمس (نيويورك تايمز) الذي بحسبه مستشار الأمن القومي جون بولتون قدم ورقة الدليل القاطع للديمقراطيين للمطالبة بعزل ترمب في مجلس الشيوخ، يزيد من خطورة وضع ترمب».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».