شيخ الأزهر: السياسة تختطف الدين اختطافاً في الشرق والغرب

خلاف بين الطيب ورئيس جامعة القاهرة حول «التراث» بمؤتمر «تجديد الفكر»

جانب من فعاليات جلسات مؤتمر الأزهر أمس (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات جلسات مؤتمر الأزهر أمس (الشرق الأوسط)
TT

شيخ الأزهر: السياسة تختطف الدين اختطافاً في الشرق والغرب

جانب من فعاليات جلسات مؤتمر الأزهر أمس (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات جلسات مؤتمر الأزهر أمس (الشرق الأوسط)

قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أمس، إن «السياسة تختطف الدين اختطافاً في الشرق والغرب»، في حين دعا مؤتمر «الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي» الذي اختتم فعالياته بالقاهرة إلى «ضرورة مواجهة دعوات التعصب، وأفكار التنظيمات الإرهابية، ونشر ثقافة التعايش»، معلناً تدشين «مركزاً للتراث والتجديد»، يضم علماء مسلمين من داخل مصر وخارجها، وآخرين متخصصين في تجديد الفكر الإسلامي.
وفجرت كلمة ألقاها الدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، تحدث فيها عن التراث والعلوم الدينية، خلافاً مع الطيب الذي رد في مداخلة، موجهاً كلامه للخشت، بأن «القول إن التراث يورث التراجع حديث فيه (مزايدة)... وإهمال التراث بأكمله ليس تجديداً، وإنما إهمال».
وشارك في مؤتمر الأزهر علماء من 41 دولة عربية وإسلامية. وتضمنت محاور المؤتمر 7 جلسات نقاشية، تركز محاورها على أطر مفاهيم التجديد، وآلياته، وتفكيك المفاهيم المغلوطة، وقضايا المرأة والأسرة، ودور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي.
وقال عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، خلال جلسة «دور المؤسسات الدولية والدينية في تجديد الفكر الإسلامي» أمس، إن «حماية فكرنا تتطلب تجديداً في الفكر، وتعبئة لكل المفكرين المسلمين في طرح الفكر السليم، والرد على تحريفات كثير ممن خرجوا علينا بمقولات وسياسات حان وقت وقفة لها جريئة، تقوم على فكر سليم سديد لرد هذه الأباطيل».
وأكد الدكتور شوقي علام، مفتي مصر: «نحتاج إلى استعادة المنهج العلمي الصحيح الذي حاد عنه طرفا النقيض: دعاة التطرف والجمود من ناحية، ودعاة الانفلات والتغريب من ناحية أخرى. أما جماعات التطرف والإرهاب، فقد تعاملت مع التراث تعاملاً حرفياً جامداً كأنه مقدس، واستدعت خطاباً وأحكاماً اجتهادية قد استنبطت لواقع يغاير واقعنا، فاختلقوا صداماً لا معنى له بين التراث والمعاصرة، وما كان لهذا الصدام أن يقع لولا القراءة الخاطئة الجامدة للتراث»، مضيفاً: «إذا جئنا للطرف الآخر، نجدهم يستقون أفكارهم من نماذج معرفية غريبة عن الإسلام، لا تمت إلى النموذج المعرفي الإسلامي الوسطي الأصيل بصلة، والتجديد عندهم لا يتجاوز معنى التجريد؛ أي تجريد الإسلام من ثوابته التي تعرف عندنا بالمعلوم من الدين بالضرورة».
وفي غضون ذلك، نشبت مناوشات بين الطيب والخشت، أمس. وقال الخشت، في كلمته خلال جلسة «دور المؤسسات الدولية والدينية في تجديد الفكر»، إنه «لا بد من تطوير العقل الديني، وفق متطلبات العصر، فما زلنا أسرى أفكار الأشعرية والمعتزلة. فالعقيدة الأشعرية تقوم في جزء كبير منها على أحاديث الآحاد»، مضيفاً: «لا بد من تجديد علم أصول الدين، والتجديد يتطلب تغيير طرق التفكير ورؤية العالم، من خلال تصحيح الصورة للقرآن أمام المجتمعات الغربية»، لافتاً إلى أن «الواقع الحالي للعلوم الدينية ثابت قائم على النقل والاستنساخ، وليس فيه تحليل نقدي أو علمي، ولا أي استفادة من العلوم الإنسانية، بل استعادة للفنون القديمة. وهنا، من الضروري تطوير علوم الدين، وليس إحياء علوم الدين، ولو عاد الشافعي لجاء بفقه جديد، وكذلك ابن حنبل لو عاد لجاء بفقه جديد»، قائلاً: «نحن ما زلنا نعيش فترة فتنة عثمان بن عفاف حتى الآن».
وفي مداخله خلال الجلسة، رداً على الخشت، قال الطيب إن «إهمال التراث بأكمله ليس تجديداً، إنما إهمال»، وتوصيف التراث بأنه «يورث الضعف والتراجع مزايدة... فهذا التراث الذي نهون من شأنه اليوم هو الذي خلق أمة كاملة، وتعايش مع التاريخ»، مضيفاً أن «مقولة التجديد هي مقولة تراثية، وليست حداثية، والحداثيون حين يصدعوننا بهذا الكلام هم يزايدون على التراث، ويزايدون على قضية الأمة المعاصرة الآن»، مشيراً إلى أن «الأشاعرة لا يعتمدون في منهجهم على أحاديث الآحاد، إنما على الأحاديث المتواترة».
وأضاف الطيب أن «الفتنة التي نعيشها الآن هي فتنة سياسية، وليست تراثية، فالسياسة تختطف الدين اختطافاً في الشرق والغرب، حينما يريد أهلها أن يحققوا هدفاً مخالفاً للدين»، موضحاً أننا «نشترى الموت بأموالنا».
وعلى هامش جلسات المؤتمر أمس، أكد الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للأوقاف بالإمارات، أن «التفسير الخاطئ للنصوص التي تبثها الجماعات الإرهابية للشباب، وحثهم على العنف والقتل باسم الدين، جعل الصورة النمطية للإسلام معادية للغير، مدمرة للحضارة الإنسانية، متعطشة لدماء المخالفين. كما روجت لعدم الاعتراف بالأوطان، وتقسيم العالم إلى دار إسلام ودار كفر»، مطالباً بـ«ضرورة تصحيح المفاهيم المغلوطة للشباب عن حقيقة الإيمان، والإسلام، والانتماء للأوطان، وحقيقة الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك شرح مفهوم الردة شرحاً دقيقاً وافياً، لقطع الطريق على تدليس الجماعات الإرهابية، بتأويلها المغلوط للنصوص ولي عنقها واجتزائها من سياقها».
ومن جهته، قال الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني، أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، إن «من واجبات الحكومات والدول حماية أمن شعوبها ومجتمعاتها من العقائد الفاسدة والفكر التخريبي»، مضيفاً أن «مجابهة إفساد الأخلاق يجب أن تبدأ بداية علمية فكرية في تحديد الأخطار وتمييزها عن غيرها، فلا يكون هناك قمع للحريات، ولا انفلات باسمها».
وفي حين أكد الدكتور محمد السماك، الأمين العام للجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار في لبنان، أن «مجتمعاتنا تعرضت لجرائم وأفكار ضالة أساءت للوطن، وشوهت صورة الإسلام، ومن الواجب علينا العمل على تجديد الفهم للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية المطهرة، بما يستوعب ويعيد بناء بلادنا على قواعد إسلامية حديثة، وبما يضع حداً لسوء التأويل والتفسير والاستغلال للنصوص الدينية المقدسة من قبل الجماعات المنحرفة المتطرفة».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.