قبائل ليبيا تتوافد على بني وليد لوضع «خريطة طريق» لحل الأزمة السياسية

قبائل ليبيا تتوافد على بني وليد لوضع  «خريطة طريق» لحل الأزمة السياسية
TT

قبائل ليبيا تتوافد على بني وليد لوضع «خريطة طريق» لحل الأزمة السياسية

قبائل ليبيا تتوافد على بني وليد لوضع  «خريطة طريق» لحل الأزمة السياسية

توافدت على مدينة بني وليد، جنوب شرقي العاصمة طرابلس، أمس، وفود من المجالس الاجتماعية لقبائل عدة بأنحاء البلاد كافة، استعداداً لعقد لقاء تشاوري اليوم يهدف إلى المساهمة في حل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
وقال خالد الغويل، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، إن المؤتمر يسعى في المقام الأول إلى التحاور بين مختلف المجالس الاجتماعية في عموم البلاد، التي توافدت أمس على مدينة بني وليد، بهدف مناقشة الأوضاع والأزمات التي تمر بها ليبيا، مشيراً إلى أن هذا «اللقاء التشاوري، المقرر اليوم، يعد خطوة إيجابية تستبق الدعوة لمؤتمر جامع لكل الأطياف المجتمعية».
وأضاف الغويل، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن «لقاء قيادات القبائل ليس له أجندة مسبقة، لكنه سيتمحور حول إرساء دعائم الدولة الوطنية، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي، والاتفاق على مؤتمر يضم كل الليبيين حول أجندة وطنية، بالإضافة إلى خريطة طريق موحدة يتفق الجميع عليها».
ويأتي هذا الحراك القبائلي، الذي وُجهت فيه الدعوة إلى جميع قبائل ليبيا، بموازاة المؤتمرات والتحركات الدولية، سعياً لمنع إطالة أمد الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ 8 أعوام وأكثر، ودعم الدور الذي تلعبه دول الجوار الليبي.
ومن جهته، قال الشيخ علي مصباح أبوسبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان، إنه اجتمع مع بعض مشايخ ورفلة، وعلى رأسهم الشيخ محمد البرغوثي، وعقيلة الجمل رئيس المجلس الاجتماعي لبنى وليد، مبرزاً أن المناقشات ركزت على برنامج الاجتماع الذي سيلتئم اليوم وجدول أعماله.
وأرسل أبوسبيحة رسالة طمأنة لبعض الممتنعين عن حضور اللقاء، وقال إن «الاجتماع ليس له برنامج مسبق، إلا ما يقرره المجتمعون بأنفسهم»، مشدداً على أن «دور بني وليد ينحصر في استقبال الوفود وضيافتهم، وتقديم الخدمات العامة فقط، دون التدخل في أي شيء»، قبل أن يلفت إلى أن «الدعوة اقتصرت على المجالس الاجتماعية والأعيان لأنها تمثل القاعدة العريضة للمجتمع، واستبعدت كل الكيانات الأخرى، لأن كل كيان له أجندته الخاصة».
ويلقى اللقاء، الذي تعول عليه كثير من القبائل في لعب دور سياسي، تأييداً ملحوظاً من قبل أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وهو ما تم ترجمته في تسجيل مصور، ألقاه آخر متحدث باسم النظام السابق موسى إبراهيم، أعلن فيه موقفه من لقاء بني وليد، واصفاً إياه بـ«الخطوة الإيجابية على الطريق الصحيح، بصفته لقاء ليبياً - ليبياً يقف في مقابل المؤتمرات الأجنبية».
وتحدث إبراهيم في التسجيل الذي تناقلته وسائل إعلام محلية، أمس، عن مؤسستين تستطيعان، إذا توفرت الظروف، أن يوجدا مظلة لحل الأزمة الليبية: الأولى مؤسسة الجيش، والثانية تتمثل في القبائل الليبية. واشترط لذلك أن «تكون المؤسسة سيادية غير مرتبطة بالقوى الأجنبية أو الإقليمية، وتوحد كل الليبيين»، لافتاً إلى أن «القبائل هي الأخرى مؤسسة اجتماعية لديها رصيد في حل الحروب الأهلية والصراعات منذ القرن السابع عشر».
ودعا إبراهيم الجميع في أنحاء ليبيا إلى المشاركة في حوار بني وليد الذي يخلو -كما قال- من «الأجندات المسبقة أو الوصايا على أحد»، لافتاً إلى أن هذه المدينة التي تعرضت للحصار والقصف «تفتح ذراعيها للجميع من أجل مصلحة الوطن».
وكان المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة قد دعا المجالس الاجتماعية كافة في ليبيا، وعموم قياداتها وفعالياتها الشعبية، لحضور هذا الملتقى من أجل التباحث، واتخاذ ما يلزم حيال ما يجري على الساحة الليبية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».