الجيش اليمني يخوض معارك «كسر عظم» في خمس محافظات

تقهقر حوثي في نهم والجوف والبيضاء وهادي يشدد على استكمال التحرير

جولة تفقدية أجراها قائد العمليات اليمنية المشتركة ومحافظ صنعاء في جبهة نهم (سبأ)
جولة تفقدية أجراها قائد العمليات اليمنية المشتركة ومحافظ صنعاء في جبهة نهم (سبأ)
TT

الجيش اليمني يخوض معارك «كسر عظم» في خمس محافظات

جولة تفقدية أجراها قائد العمليات اليمنية المشتركة ومحافظ صنعاء في جبهة نهم (سبأ)
جولة تفقدية أجراها قائد العمليات اليمنية المشتركة ومحافظ صنعاء في جبهة نهم (سبأ)

أفادت مصادر عسكرية يمنية بأن قوات الجيش أطلقت معركة «كسر العظم» ضد الميليشيات الحوثية في خمس محافظات رداً على التصعيد الميداني الواسع الذي بدأته الجماعة الانقلابية قبل نحو 10 أيام باتجاه الجوف ومأرب.
وفيما أكدت المصادر سقوط عشرات الحوثيين بين قتيل وجريح في معارك أمس (الاثنين)، في جبهات نهم والبيضاء والجوف وتعز والضالع، أوضحت أن القوات الحكومية تمكنت من استعادة زمام المبادرة في جبهات نهم، حيث قامت بتأمين الكثير من المواقع في الجهة الشمالية من مديرية نهم وصولاً إلى منطقة الفرضة وعدد من الجبال الأخرى.
في غضون ذلك، أفادت المصادر الرسمية بأن الميليشيات تكبّدت خسائر بشرية في جبهة قانية شمال محافظة البيضاء في أثناء محاولة فاشلة للتسلل إلى مواقع الجيش الوطني.
ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر عسكري باللواء «117 مشاة» قوله: «إن أبطال الجيش الوطني تمكنوا خلال الساعات الأولى من فجر (الاثنين)، من القضاء على مجاميع من عناصر الميليشيات الحوثية، وذلك بعد أن أفشل الجيش محاولة تسلل للجماعة نحو أحد مواقع الجيش بالعر».
وعلى وقع احتدام المواجهات في البيضاء وتحركات الجماعة الحوثية وتعزيزاتها باتجاه عقبة ثرة في مديرية مكيراس شمال مديرية لودر التابعة لمحافظة أبين، أفادت المصادر الرسمية بأن رئيس الحكومة معين عبد الملك، استعرض في اتصالات هاتفية مع محافظ البيضاء اللواء ناصر السوادي، وقائد محور بيحان اللواء مفرح بحيبح، التطورات الميدانية والعسكرية في عدد من جبهات القتال ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية.
وأوضحت المصادر أن عبد الملك ناقش «الترتيبات القائمة لإسناد الجيش الوطني ورجال القبائل في المعارك الدائرة في مديرية نهم شرق صنعاء واستكمال تحرير ما تبقى من مناطق تحت سيطرة الميليشيات الحوثية الانقلابية بمحافظة البيضاء، والدعم الحكومي في هذا الجانب». ونقلت وكالة «سبأ» عن رئيس الحكومة أنه أكد أن الشرعية في ظل الالتفاف الشعبي والقبلي حولها «لن تقف مكتوفة الأيدي وستواجه بحزم الجرائم المستمرة للميليشيات الحوثية وسعيها الواضح لإطالة أمد الحرب، وتعميق مأساة الشعب اليمني والكارثة الإنسانية الأسوأ في العالم التي تسببت بها». ورأى رئيس الوزراء اليمني أن استمرار تصعيد ميليشيات الحوثي الانقلابية يمثل دليلاً واضحاً على رفضها الصريح لجهود السلام، وعلى ارتهانها الكامل لأجندة داعميها لتخفيف الضغط والعزلة الدولية اللذين يواجههما النظام الإيراني».
وفي سياق ميداني متصل، أفادت مصادر الإعلام الحربي للجيش اليمني بأن قائد القطاع الغربي للميليشيات الحوثية في تعز لقي مصرعه مع عدد من مرافقيه في مواجهات مع الجيش الوطني غرب المدينة.
وذكرت المصادر أن القائد الحوثي المكنى «أبو عبد العزيز» قُتل مع أربعة من مرافقيه في مواجهات اندلعت عقب محاولة الميليشيات التسلل باتجاه مواقع الجيش الوطني غرب مدينة تعز.
وفي الأثناء ذكرت المصادر أن ثلاثة مدنيين قُتلوا وأُصيب سبعة آخرون (الاثنين) بقصف لميليشيات الحوثي الانقلابية استهدف سوقاً شعبية غرب مدينة تعز. واستهدف القصف الحوثي -حسب المصادر- سوق المقهاية في منطقة الضباب بصاروخ «كاتيوشا» في الوقت الذي تحاول فيه الجماعة تفجير الأوضاع الميدانية في أغلب الجبهات.
وقال نائب مدير التوجيه المعنوي في محور تعز العسكري العقيد عبد الباسط البحر، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش الوطني شنت هجوماً واسعاً على عدد من المواقع العسكرية التابعة لميليشيات الحوثي الانقلابية منها نجد الطير وسائل الرباح وجبل القرن وتباب ياسين ووادي حنش باتجاه حذران، غرب مدينة تعز».
وتزامن ذلك –حسب البحر- مع صد قوات الجيش الوطني هجوماً للانقلابيين على منطقة الكريفات، شرق تعز، مضيفاً أن «الميليشيات الانقلابية تكبدت خسائر بشرية ومادية كبيرة وتم تدمير مخزن سلاح في وادي حذران تابع للميليشيات بينما سقط قتيلان في صفوف الجيش في الجبهة الغربية وقتيلان في الكريفات، شرقاً، وخمسة جرحى».
وأوضح العقيد البحر أن «المعارك عنيفة منذ يوم الأحد في تعز وسط قصف ميليشيات الانقلاب بالمدفعية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا على عدد من أحياء المدينة، حيث سقطت ثماني قذائف على أحياء بير باشا وقذيفتين على أحياء منطقة البعرارة وقذيفتين على أحياء وادي القاضي وقذيفة واحدة على أحياء المسبح».
وأكد أن «ميليشيات الانقلاب حاولت، مساء الأحد، القيام بمحاولة تسلل لمواقع الجيش الوطني على أطراف معسكر الدفاع الجوي شمال غربي مدينة تعز، غير أن قوات الجيش أفشلت المحاولة».
وذكر أن «الميليشيات عززت مواقعها، منذ أسبوع، في أغلب جبهات تعز بالسلاح الثقيل في محاولات مستميتة لإحراز أي نصر معنوي ولو حتى بالوصول إلى تلة أو موقع»، حسب تعبيره. وفي محافظة الجوف التي تشهد معارك ضارية في مناطق متفرقة بين قوات الشرعية والميليشيات الحوثية، أفادت مصادر أمنية وطبية بأن قذيفة أطلقتها الميليشيات على عاصمة المحافظة (الحزم) أدت إلى مقتل مسؤول حكومي محلي.
وقالت المصادر إن القذيفة أدت إلى مقتل الدكتور ناصر مثنى، مدير عام مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة والذي ينحدر من محافظة تعز ويعمل في الوظيفة الحكومية بمحافظة الجوف منذ عام 1997. كان الموقع الرسمي للجيش اليمني قد أفاد بأن عدداً من عناصر الميليشيات قُتلوا في مواجهات شمالي شرق محافظة الجوف عقب محاولتهم التسلل باتجاه مواقع الجيش الوطني في جبهة العقبة، وقال إن «قوات الجيش أفشلت تلك المحاولات وأجبرت الجماعة على التراجع والفرار، بعد وقوع قتلى وجرحى في صفوفها». وفي حين استهدفت مقاتلات تحالف دعم الشرعية، تعزيزات للميليشيات كانت في طريقها إلى منطقة المواجهات، أدى ذلك إلى تدمير عدد من العربات التابعة لها، ومصرع وجرح كل من كان على متنها. وحسب الموقع العسكري نفسه، أسقطت القوات الحكومية طائرة مسيّرة تابعة لميليشيات الحوثي في منطقة «الجرعوب» بمديرية المتون، غرب محافظة الجوف.
وذكرت المصادر الرسمية أن محافظ الجوف اللواء أمين العكيمي، قام بتفقد مختلف جبهات المحافظة واطّلع على أحوال المقاتلين في المواقع الأمامية، مشيداً بالروح المعنوية العالية التي يتمتعون بها، ومثمناً التضحيات الجسيمة التي يقومون بها في مواجهة الميليشيات المتمردة.
كانت الجماعة الحوثية قد خسرت في الأيام الماضية العشرات من قادتها في الجبهات، وكان آخرهم العميد السياغي، والعقيد زيد علي حسين الرزامي، والعقيد شاكر حسين عبد الله ساتر، وعباس عبده محمد طه جبل، وهيثم حسن أحمد الحاج. وأفادت المصادر اليمنية، أمس، بأن الرئيس عبد ربه منصور هادي، اتصل هاتفياً بكل من وزير الدفاع الفريق الركن محمد المقدشي، ومحافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، ومحافظ الجوف اللواء أمين العكيمي، ومحافظ صنعاء اللواء عبد القوي شريف، للاطلاع على تطورات الأوضاع الميدانية والعمليات العسكرية التي يخوضها الجيش في مختلف المواقع والجبهات.
وأثنى هادي على انتصارات الجيش -وفق وكالة «سبأ»- «في مختلف مواقع وجبهات العزة والكرامة والدفاع ببسالة عن النظام الجمهوري والوحدة وعزة وكرامة أبناء الشعب اليمني في مواجهة قوى التمرد والانقلاب للميليشيات الحوثية الإيرانية».
وقال هادي: «إن التضحيات الكبيرة لأبطال المؤسسة العسكرية التي تتوّج بالانتصارات المتوالية على الميليشيات الإيرانية ستظل محل تقدير واعتزاز كل أبناء الشعب اليمني»، مشدداً على «أهمية مواصلة تلك البطولات وصولاً إلى تحرير كامل التراب اليمني وتخليص الوطن من شرور العصابة الانقلابية الساعية إلى عودة اليمن إلى العهود الظلامية»، حسبما نقلت المصادر الرسمية.
وذكرت وكالة «سبأ» أن هادي شدد على أهمية الارتقاء بالمؤسسة العسكرية إلى الأفضل من حيث التدريب والتأهيل والتسليح والاستعداد الدائم واليقظة والحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة. وقال: «إن الشعب يعي كثيراً مخاطر هذه الميليشيات ومخططاتها التدميرية ولن يقبل بالتمرد والانقلاب وسيظل مدافعاً عن الثورة والجمهورية والثوابت الوطنية ومشروعه الوطني الجامع».
كانت الميليشيات الحوثية قد شنت هجمات مكثفة على مواقع الجيش اليمني في نهم والجوف خلال الأيام الماضية، في سياق مخططها لاستعادة نهم والجوف والزحف نحو مأرب، غير أنها فشلت أمام عمليات الجيش الذي يؤكد مراقبون عسكريون أنه استطاع دحر الميليشيات من كثير من المواقع بالتزامن مع تقدمه في جبال هيلان الواقعة في مديرية صرواح غرب مأرب.
وفي وقت سابق دعا قائد العمليات المشتركة في الجيش اليمني اللواء صغير بن عزيز، المواطنين إلى تجنب الزج بأبنائهم إلى محرقة الموت في صفوف الانقلابيين، وقال في تصريحات رسمية إن «الجيش الوطني يسطر بطولات عظيمة في مختلف جبهات القتال».
ونفى بن عزيز أي انتصارات حوثية، وقال: «الجيش الوطني لن يتراجع عن هدفه الرئيسي وهو تحرير العاصمة صنعاء، ومحاولات الحوثي لخداع الناس بانتصاراته الوهمية لن تثني قوات الجيش وأبناء الشعب اليمني عن استكمال التحرير وتحقيق النصر ودحر التمرد».
من جهته رأى نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن الأحمر، أن «جماعة الحوثي الانقلابية تعيش حالة هيستيريا على أثر الهزائم التي تلقتها في جبهات مختلفة وعلى إثر مقتل أحد مموليها ومشرفيها الإرهابي قاسم سليماني، وتدفع بكل قوتها للانتقام لذلك من دماء اليمنيين وإزهاق أرواحهم والسيطرة على مواردهم وقرارهم».
وقال الأحمر إن همجية الجماعة الحوثية العدوانية تصطدم بثبات وبأس اليمنيين واصطفافهم ورفضهم أن يكون هناك «حزب الله» آخر في اليمن أو أن تكون البلاد مرتعاً لولاية الفقيه، لكي تمتد إليه يد التآمر والغدر الإيرانية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».