تصاعدت حدة التوتر بين البيت الأبيض والديمقراطيين مع دخول محاكمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أسبوعها الثاني. وباشر فريق الدفاع عن ترمب بنقض أدلة فريق الادعاء في اليوم الثاني من مرافعاته.
واعتمد فريق الدفاع على نقطة أساسية في نقض أدلته، وهي أن صلاحيات الرئيس الأميركي التنفيذية تسمح له بتجميد المساعدات إلى بلدان أجنبية، وأن ترمب قرر تجميد المساعدات العسكرية لأوكرانيا في إطار سعيه لمكافحة الفساد هناك، وأن الرئيس الأميركي طلب التحقيق مع نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ونجله هانتر بسبب علاقتهما بشركة «باريزما» الأوكرانية المتهمة بالفساد.
وشدد أعضاء فريق الدفاع على أن الاتهامات التي وجهها الديمقراطيون لترمب لا ترقى إلى مرتبة خلع رئيس أميركي من منصبه. وقال آلان ديرشويتز وهو عضو في فريق الدفاع: «إن الديمقراطيين قدموا أفضل ما لديهم من حجج، لكنهم لم يقتربوا حتى من أي تهم تستحق الخلع».
لكن ما باغت فريق الدفاع والجمهوريين، هو تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، يعرض مقتطفات من كتاب أحد أبرز الوجوه المرتبطة بالعزل: جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق. وبحسب الصحيفة، فإن بولتون يؤكد في الكتاب أن ترمب جمّد المساعدات العسكرية لأوكرانيا شرط فتح تحقيق بآل بايدن. كتاب بولتون الذي سوف ينشر في منتصف شهر مارس (آذار) بعنوان: «الغرفة حيث حصل كل شيء»، هو في حوزة البيت الأبيض منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الذي يراجعه للنظر في أي معلومات سرية قد يتضمنها.
وقد نفى ترمب بشدة تسريبات الصحيفة، فغرّد صباح يوم الاثنين قائلاً: «لم أقل لجون بولتون أبداً إن المساعدات لأوكرانيا مرتبطة بالتحقيقات بالديمقراطيين، بمن فيهم آل بايدن. في الواقع هو لم يشكُ من هذا في وقت إنهاء خدمته. إذا قال بولتون هذا بالفعل، فإن هدفه هو بيع كتابه».
واستمر ترمب: «إن نصوص اتصالاتي بالرئيس زيلينسكي تتضمن كل الأدلة التي نحتاجها، إضافة إلى ما قاله كل من زيلينسكي ووزير الخارجية الأوكراني بأنهما لم يتعرضا لأي ضغوطات».
تصريحات ترمب تعكس الضغوطات التي يشعر بها الجمهوريون لاستدعاء بولتون للإدلاء بإفادته خلال محاكمة مجلس الشيوخ. فمباشرة بعد الاطلاع على مقتطفات كتاب بولتون، أصدر فريق الادعاء بياناً يدعو إلى استدعاء مستشار الأمن القومي السابق. ويقول البيان: «على أعضاء مجلس الشيوخ الإصرار على استدعاء بولتون شاهداً، وأن يقدم كل الوثائق المناسبة التي يملكها. إن المحاكمة في مجلس الشيوخ يجب أن تسعى إلى الاستماع إلى الحقيقة، والسيد بولتون لديه معلومات قيمة لمشاركتها».
وقد كرر كبير المدعين آدم شيف هذه الدعوات، وقال في مقابلة على «سي إن إن»: «يا أعضاء مجلس الشيوخ، عندما يصدر هذا الكتاب في السابع عشر من مارس، سوف تسألون لماذا لم تستدعوا بولتون للتحقيق قبل إصدار حكمكم؟».
أما الجمهوريون فقد حاولوا التخفيف من وطأة التسريبات، وقال النائب الجمهوري جيم جوردن، وهو أحد مستشاري فريق الدفاع: «الوقائع لم تتغير، ولن يؤدي تقرير لنيويورك تايمز من مصدر مجهول الهوية إلى تغيير الوقائع الأساسية».
لكن جوردن ليس عضواً في مجلس الشيوخ ولا يتمتع بصلاحيات التصويت هناك لاستدعاء شهود. الأمر الذي سيحصل بعد انتهاء الدفاع من مرافعاته، وبعد طرح أعضاء مجلس الشيوخ أسئلتهم التي خصصت لها 16 ساعة.
وبما أن التصويت لاستدعاء شهود يتطلب الأغلبية البسيطة للأصوات، أي 51 صوتاً، تتجه الأنظار إلى عدد من الجمهوريين المعتدلين الذين قد يغيرون المعادلة ويفرضون استدعاء شهود. ويحتاج الديمقراطيون إلى تأمين أصوات 4 منهم. وقد قال السيناتور الجمهوري ميت رومني للصحافيين إنه على الأرجح أن يصوت لصالح استدعاء شهود: «أعتقد أنه من الأرجح أن ينضم لي بعض الجمهوريين ويقررون أن هناك ضرورة للاستماع إلى جون بولتون».
وهذا ما قالته السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز، التي أصدرت بياناً مفاده أن «التقارير المحيطة بكتاب جون بولتون تعزز من قضية استدعاء شهود، وهي أدت إلى أحاديث بهذا الشأن بين زملائي في المجلس».
ومما لا شك فيه أن الديمقراطيين سيصعّدون من حملتهم لاستدعاء شهود في الأيام المقبلة على ضوء التسريبات الأخيرة. وقد غردت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قائلة: «بولتون سمع مباشرة من ترمب أن المساعدات لأوكرانيا مرتبطة بتحقيقات سياسية. إن رفض مجلس الشيوخ استدعاءه وطلب وثائق مرتبطة به غير مبرر أبداً».
ولعلّ ما يعتمد عليه الديمقراطيون في ضغوطاتهم، إضافة إلى تسريبات «نيويورك تايمز»، هو بيان من تشارلز كوبر، محامي بولتون لا ينفي فيه هذه التسريبات. ويقول البيان: «من الواضح من خلال تقرير نيويورك تايمز أن عملية مراجعة الكتاب من قبل البيت الأبيض تم اختراقها، وأن هناك أشخاصاً كشفوا عن المعلومات غير الأشخاص المعنيين بمراجعة نص الكتاب». بيان يظهر انتقاداً لمن سرّب لكن لا ينفي محتوى التسريبات. النقطة الأخرى التي يتوقع أن يركز عليها الديمقراطيون هو أن عدم مشاركة البيت الأبيض نص كتاب بولتون مع المحققين في الكونغرس يُعد إثباتاً جديداً لعرقلة عمل الكونغرس، وهو بند الاتهام الثاني في قضية العزل.
وكان ترمب والديمقراطيون تبادلوا الاتهامات في عطلة نهاية الأسبوع حين صعّد ترمب من هجومه على آدم شيف ووصفه بالسياسي الفاسد. وقال ترمب: «آدم شيف (الخائب) هو سياسي فاسد ورجل مريض جداً... هو لم يدفع الثمن بعد لما فعله ببلادنا!».
تصريح رآه البعض بمثابة تهديد لشيف الذي قال في مقابلة على محطة «إن بي سي»: «تغريدات ترمب التي قال فيها إنني سأدفع الثمن تهدف إلى تهديدي».
أمر نفته المتحدثة باسم البيت البيض ستيفاني غريشام التي قالت إن ترمب كان يقصد أن شيف سيخسر مقعده في الانتخابات المقبلة نتيجة سعيه لعزل الرئيس الأميركي.
شبح بولتون يخيّم على اليوم السادس من محاكمة ترمب
الرئيس الأميركي اتهم مستشاره السابق بالكذب لتسويق كتابه
شبح بولتون يخيّم على اليوم السادس من محاكمة ترمب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة