«كورونا» يطيح الروبل وسوق الأوراق المالية الروسية

انتشاره أثر سلباً على قطاع السياحة

تأثرت البورصة الروسية والروبل بشكل بالغ بسبب مخاوف فيروس كورونا (رويترز)
تأثرت البورصة الروسية والروبل بشكل بالغ بسبب مخاوف فيروس كورونا (رويترز)
TT

«كورونا» يطيح الروبل وسوق الأوراق المالية الروسية

تأثرت البورصة الروسية والروبل بشكل بالغ بسبب مخاوف فيروس كورونا (رويترز)
تأثرت البورصة الروسية والروبل بشكل بالغ بسبب مخاوف فيروس كورونا (رويترز)

انضمت سوق الأوراق المالية الروسية إلى «الضحايا الاقتصادية» لفيروس كورونا الجديد، وبعد ارتفاع منذ مطلع العام، تراجعت مؤشراتها بوتيرة متسارعة يوم أمس، على خلفية هروب المستثمرين منها بحثا عن أسواق بمستوى مخاطر أقل من الأسواق الناشئة.
ولم يكن الروبل بحال أفضل، وبعد تراجع أسعار النفط عالميا، متأثراً بانتشار «الفيروس الصيني»، تراجع الروبل أمس أمام العملات الصعبة، وسط توقعات سلبية على المدى القريب. في غضون ذلك قال خبراء إن خسائر القطاع السياحي الروسي قد تزيد على 25 مليون دولار الشهر القادم، بعد أن أعلنت غالبية شركات هذا القطاع وقف رحلاتها إلى الصين، علما بأنها واحدة من 10 وجهات رئيسية بحجم إقبال السياح الروس عليها.
ومع منتصف نهار أمس، تراجع مؤشر بورصة موسكو للأسهم المقومة بالروبل حتى 3115 نقطة، بعد إغلاق نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 3146 نقطة، وتراجع كذلك مؤشر الأسهم المقومة بالدولار من 1600 نقطة، حتى 1564 نقطة. وخسر الروبل الروسي خلال اليومين الماضيين «أرباحاً» راكمها منذ نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، وتراجع منتصف نهار أمس حتى 62.56 روبل للدولار، بعد إغلاق نهاية الأسبوع الماضي عند 62.09 كما تراجع حتى 68.95 روبل لليورو، بعد إغلاق نهاية الأسبوع عند 68.45 وبهذا تراجع الروبل حتى أدنى مستوى له منذ 19 ديسمبر (كانون الأول)، نهاية العام الماضي.
ويتفق الخبراء والمحللون على أن هذا التراجع السريع في السوق الروسية جاء نتيجة تداعيات انتشار فيروس كورونا، ويجمعون على أن هذا التأثير سيستمر طيلة الأسبوع على أقل تقدير. ويرى بوغدان زفاريتش، كبير المحللين في «بروم سفياز بنك» أن الأنباء عن انتشار الفيروس شكلت عامل ضغط على السوق، وهو ما أثر بصورة سلبية على نظرة المستثمرين نحو طيف واسع من الأصول والسندات المحفوفة بالمخاطر، بداية من الأسهم وحتى العملات والسلع. في السياق ذاته حذر «سبير بنك» في تحليله الاقتصادي من أن «تأثير تقديرات خسائر الاقتصاد الصيني بسبب انتشار فيروس كورونا، سيتزايد في الفترة القريبة، ما سيؤدي إلى ضغط على الأصول المحفوفة بالمخاطر طيلة الأسبوع». أما الخبراء من «ألفا بنك» فقد أشاروا إلى أن المستثمرين سيخرجون من تلك الأصول، على خلفية المخاوف من انتشار الفيروس، وهو ما سيشكل عامل ضغط على سوق الأوراق المالية الروسية، لافتين إلى أن الوضع بالنسبة للسوق الروسية والروبل على حد سواء يصبح أكثر تعقيداً، بعد تراجع أسعار النفط دون 60 دولارا للبرميل، لأول مرة منذ ثلاثة أشهر. وتوقعوا أن تكون الخسارة بشكل أكبر في سوق سندات وأسهم شركات قطاعي التعدين، والإنتاج النفطي.
إلى ذلك بدأ قطاع السياحة الروسي يحسب خسائره نتيجة إعلان معظم شركات هذا القطاع وقف رحلاتها إلى الصين. ووفق تقديرات رابطة «عالم بلا حدود» المتخصصة بتطوير النشاط السياحي بين روسيا والصين، يتوقع أن تصل خسائر الشركات السياحية الروسية والصينية التي تقدم الخدمات للسياح الروس حتى 27 مليون دولار خلال شهر فبراير (شباط) القادم. وتقول الرابطة إن عدد المواطنين الروس الذي كان من المفترض أن يسافروا للسياحة في الصين، يقارب نحو 45 ألف سائح، 80 في المائة منهم يتجهون عادة في هذا الوقت من السنة نحو جزيرة هاينان، ويبلغ متوسط سعر الرحلة السياحية 600 دولار أميركي لكل سائح.
ومع الأخذ بالحسبان أن العدد الأكبر من السياح الروس يفضلون السفر إلى هيانان، خلال موسم «الاستجمام على الشاطئ» الذي يمتد في الجزيرة من فبراير وحتى أبريل (نيسان)، يُتوقع أن يزيد حجم الخسائر، إن تدهور الوضع أكثر من ذلك بسبب فيروس كورونا الجديد. ولم تصدر بعد تقديرات حول مجمل خسائر الشركات السياحية الروسية نتيجة هذه الوضع، إلا أنها ستكون كبيرة بلا شك، لأن الصين واحدة من 10 وجهات سياحية مفضلة لدى السياح الروس. ووفق آخر بيانات عن دائرة الإحصاء الفيدرالية الروسية، سافر 1.6 مليون مواطن روسي إلى الصين ضمن رحلات سياحية خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى سبتمبر (أيلول) عام 2019، وبلغ عدد السياح الروس إلى الصين خلال الفترة من يناير وحتى مارس (آذار) العام الماضي 252 ألف سائح.
على الجانب الآخر قد تؤدي القيود على السفر من الصين، إلى حرمان روسيا من المبالغ التي ينفقها السياح الصينيون خلال زيارتهم المدن الروسية. ومع أن روسيا لم تفرض حظرا بعد على الرحلات السياحية من الصين، إلا أن السلطات الصينية أوصت مواطنيها بعدم السفر، كما أن بعض الأقاليم الروسية على الحدود مع الصين أعلنت أنها ستعيد أي مواطن صيني يشتبه بإصابته بالفيروس، ولن تسمح له بدخول الأراضي الروسية. ويُتوقع أن تتراجع وتيرة تدفق المجموعات السياحية من الصين إلى روسيا نتيجة تلك التدابير. وبالتالي تراجع المبالغ التي كانوا ينفقونها في روسيا، والتي زادت وفق بيانات البنك المركزي الروسي للربع الأول من العام الماضي عن إنفاق السياح من دول أخرى، وبلغت 264 مليون دولار. وتقول رابطة الشركات السياحية الروسية إن هذا المبلغ يمثل في الواقع 40 في المائة مما أنفقه أولئك السياح خلال تلك الفترة، لأنهم لا ينفقون مبالغ كبيرة نقداً، وإنما بواسطة خدمات الدفع الصينية، مثل (وي تشات باي)، التي لا تخضع لرقابة دائرة الضرائب الروسية، وبالتالي يصعب تحديد إنفاقهم بدقة.



اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
TT

اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)

تعرضت أغلب عملات الأسواق الناشئة لضغوط مقابل الدولار يوم الأربعاء بعد تقرير قوي عن الوظائف أضاف إلى توقعات بارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول، وهبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوى في 16 شهراً، تحت ضغط من قوة الدولار وتهديدات بفرض تعريفات من جانب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، رغم أن البنك المركزي حدد توجيهات أقوى من المتوقع.

وقالت وانغ تاو، كبيرة خبراء الاقتصاد الصيني في «يو بي إس»: «من المتوقع أن يواجه اليوان ضغوطاً لخفض قيمته؛ ليس فقط من زيادات التعريفات، ولكن أيضاً من الدولار الأقوى بشكل كبير... ولكن رغم هذه التحديات، فإننا نعتقد أن الحكومة الصينية عازمة وقادرة على إدارة خفض قيمة معتدل نسبياً».

وقبل فتح السوق حدد بنك الشعب الصيني سعر النقطة الوسطى الذي يسمح لليوان بالتداول حوله في نطاق 2 في المائة عند 7.1887 للدولار، وهو ما يزيد بمقدار 1548 نقطة عن تقديرات «رويترز».

وافتتح اليوان الفوري عند 7.3250 للدولار، وكان في آخر تداول منخفضاً بمقدار 31 نقطة عن إغلاق الجلسة السابقة عند 7.3315 يوان للدولار اعتباراً من الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) 2023.

وقالت وانغ إنها تتوقع أن يتم التحكم في سعر الصرف حول 7.4 للدولار على الأقل خلال النصف الأول من العام، وإذا تم الإعلان عن زيادات التعريفات الجمركية، فقد يضعف اليوان إلى 7.6 للدولار بحلول نهاية العام.

ونفى ترمب، الذي يتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، تقريراً صحافياً قال إن مساعديه كانوا يستكشفون خطط التعريفات الجمركية التي ستغطي الواردات الحرجة فقط، مما أدى إلى تعميق حالة عدم اليقين بين قادة الأعمال بشأن سياسات التجارة الأميركية المستقبلية.

ومن جانبه، انخفض مؤشر «إم إس سي آي» الذي يتتبع عملات الأسواق الناشئة 0.3 في المائة في الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش بعد جلستين من المكاسب، مع ضعف أغلب العملات الأوروبية الناشئة مقابل الدولار وانخفاض الليرة التركية 0.2 في المائة.

وفي جنوب أفريقيا، ضعف الراند بنسبة 0.8 في المائة بعد مكاسب في الجلسة الماضية، وانخفض مؤشر الأسهم الرئيس في البلاد بنسبة 0.5 في المائة بعد أن أظهر مسح مؤشر مديري المشتريات المحلي أن نشاط التصنيع انخفض للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وصعد الدولار الأميركي قليلاً خلال اليوم مع ارتفاع عائدات الخزانة على نطاق واسع بعد أن أشار أحدث تقرير لبيانات الوظائف إلى سوق صحية باستمرار يوم الثلاثاء، مما خفف الآمال في عدة تخفيضات لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وانخفض الدولار الأميركي في وقت سابق من هذا الأسبوع رغم نفي الرئيس المنتخب دونالد ترمب للتقارير التي تفيد بأن التعريفات الجمركية التي يعتزم فرضها ستكون أقل صرامة، وهو ما رفع مؤشر العملات الناشئة.

وقال هاري ميلز، مدير «أوكو ماركتس»، مسلطاً الضوء على التحركات الحادة في البيزو المكسيكي واليوان الصيني: «إذا كانت حقيقة التعريفات الجمركية أقل مما قاله ترمب خلال الأشهر الثلاثة الماضية أو نحو ذلك، فقد تشهد العملات الناشئة ارتفاعاً وتخفيفاً للآثار التي عانت منها في الشهرين الماضيين».

وكان اليورو مستقراً أو مرتفعاً مقابل أغلب عملات أوروبا الناشئة، حيث بلغ أعلى ارتفاع له 0.2 في المائة مقابل الزلوتي البولندي. وكان أداء الأسهم البولندية أضعف من نظيراتها بانخفاض 0.4 في المائة.

وكان الروبل قد ارتفع في أحدث تعاملات بنسبة 2.1 في المائة مقابل الدولار، ليتجه للجلسة الخامسة من المكاسب، رغم أن التداول كان ضعيفاً حيث تحتفل روسيا بعطلة عامة حتى التاسع من يناير. كما ارتفع الشلن الكيني بنسبة 0.5 في المائة مقابل الدولار.

وانخفض مؤشر أسهم الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً بنسبة 0.8 في المائة ويتجه صوب أول خسارة له في أربع جلسات، مع هبوط الأسهم الآسيوية ذات الأوزان الثقيلة.

وقال ميلز «إذا رأينا رقماً قوياً للغاية لبيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من الأسبوع، فإن هذا من شأنه أن يعطي المزيد من الارتفاع للدولار الأقوى».

وأنهت أغلب الأسواق الناشئة الربع الأخير على نغمة قاتمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن البنك المركزي الأميركي اتخذ موقفاً متشدداً وتوقع تخفيضات أقل من المتوقع في السابق هذا العام.