عبرت أنقرة والجزائر عن «اتفاق تام» حول الأزمة في ليبيا التي تشهد هدنة هشة، خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس إلى الجزائر العاصمة التي تناولت أيضاً التعاون الاقتصادي بين البلدين. وكان الملف الليبي محور المحادثات بين إردوغان والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي تتقاسم بلاده مع ليبيا حدوداً بطول نحو ألف كلم. وعقب المحادثات صرح الرئيس الجزائري أمام الصحافيين قائلاً «لدينا اتفاق تام مع الرئيس إردوغان على أن نتبع ما تقرر في برلين وأن نسعى للسلم مع متابعة يومية ودقيقة لكل المستجدات في الميدان».
ومن جانبه قال إردوغان إن «التطورات في ليبيا تؤثر على الجزائر بشكل مباشر (...) وتتعرض تركيا للمشاكل بسبب الأزمة السورية ولا يجب أن نسمح بتحول ليبيا إلى مرتع للمنظمات الإرهابية ولوردات الحرب». وأضاف «نحن أكدنا منذ البداية بأنه لا مكان للحلول العسكرية في ليبيا، ونجري اتصالات مكثفة مع دول المنطقة والفاعلين الدوليين من أجل ضمان استمرار وقف إطلاق النار والسماح بعودة الحوار السياسي».
وتعهدت الدول التي شاركت في مؤتمر برلين في 19 من الشهر الجاري، وبينها تركيا والجزائر، باحترام «حظر تسليم الأسلحة» لطرفي النزاع في ليبيا، حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ومعسكر المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد. كما التزمت الدول بعدم التدخل في الشؤون الليبية أو تمويل «القدرات العسكرية أو تجنيد مرتزقة» لصالح مختلف الأطراف.
ويشن المشير خليفة حفتر هجوماً منذ 4 أبريل (نيسان) 2019 للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج. وحول الهدنة التي أفضت إلى وقف إطلاق النار في 12 من الشهر الجاري، اعتبرت البعثة الأممية أن «الهدنة الهشة مهددة الآن بما يجري من استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخيرة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من قبل الدول الأعضاء، من بينها بعض الدول التي شاركت في برلين». وقتل جراء المعارك في ليبيا أكثر من 280 مدنياً، بحسب الأمم المتحدة التي تشير أيضا إلى مقتل أكثر من ألفي مقاتل ونزوح 146 ألفاً بسبب المعارك.
والخميس أكّدت دول الجوار الليبي خلال اجتماع في الجزائر رفضها كل تدخّل أجنبي، ودعت أطراف النزاع للحوار. وحضر الاجتماع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لإطلاع المشاركين على نتائج قمة برلين. وعلى مستوى العلاقات الثنائية الجزائرية التركية، أعلن تبون عن «اتفاق تركي - جزائري لرفع حجم المبادلات التجارية إلى 5 مليارات دولار عن قريب جدا» علما بأنها بلغت خلال 11 شهرا من 2019 أربعة مليارات دولار. وبذلك أصبحت تركيا خامس متعامل تجاري مع الجزائر بعد كل من الصين وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا بحسب إحصائيات رسمية بالجزائر.
وبخصوص الاستثمارات الخارجية أصبحت تركيا منذ 2017 أول بلد مستثمر في الجزائر بأكثر من ألف شركة، بعد أن حافظت فرنسا على هذا المركز لسنوات عديدة. وكما خلال زيارة إردوغان في فبراير (شباط) 2019 رافقته زوجته أمينة إلى الجزائر وقامت بافتتاح «مخبر للتعلم الآلي» في مدرسة بحي القصبة العتيق مقر السلاطين العثمانيين خلال فترة حكمهم للجزائر. وتمثل زيارة إردوغان للجزائر أولى محطات جولة أفريقية.
وكان إردوغان قد قال في مؤتمر صحافي في إسطنبول، قبل مغادرته إلى الجزائر في إطار جولة أفريقية تستمر 3 أيام وتشمل أيضاً السنغال وجامبيا، بأنه قيم مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال لقائهما في إسطنبول الجمعة الماضي، مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا الذي استضافته ألمانيا الأسبوع الماضي، وتناول معها آخر المستجدات في ليبيا. وأضاف «قلت للمستشارة الألمانية إنكم تدللون حفتر كثيرا، وهذا الشخص الذي تدلّلونه يتسبب في تقسيم ليبيا وينتهك وقف إطلاق النار فيها». وقال إردوغان إن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغني بأنه يضمن حفتر مقابل ضماني للسراج».
انعقد مؤتمر دولي حول ليبيا في العاصمة الألمانية برلين، بمشاركة 12 دولة و4 منظمات دولية وإقليمية، كان أبرز بنود بيانه الختامي، ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار المعلن بمبادرة تركية روسية. ولفت إردوغان إلى أنه أجرى مع تبون لقاء قبل أيام على هامش مؤتمر برلين حول ليبيا، وأن الزيارة ستوفر فرصة لمناقشة العلاقات بشكل مفصل، وسنتبادل أيضاً خلال لقاءاتنا في الجزائر الآراء حول التطورات الأخيرة بمنطقتنا، وفي مقدمتها ليبيا.
تبون وإردوغان يتفقان على ضرورة الحل السياسي في ليبيا
خلال زيارة الرئيس التركي إلى الجزائر
تبون وإردوغان يتفقان على ضرورة الحل السياسي في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة