الصين تعزز إجراءاتها لمنع تفشي «كورونا الجديد»... وأجانب ينتظرون الإجلاء

الإجراءات الاحترازية عزلت 56 مليون شخص عن العالم

صحافيون يحيطون برئيس مركز الوقاية من الأوبئة الصيني في بكين أمس (أ.ب)
صحافيون يحيطون برئيس مركز الوقاية من الأوبئة الصيني في بكين أمس (أ.ب)
TT

الصين تعزز إجراءاتها لمنع تفشي «كورونا الجديد»... وأجانب ينتظرون الإجلاء

صحافيون يحيطون برئيس مركز الوقاية من الأوبئة الصيني في بكين أمس (أ.ب)
صحافيون يحيطون برئيس مركز الوقاية من الأوبئة الصيني في بكين أمس (أ.ب)

عززت الصين، أمس، القيود على حركة السير سعياً منها لكبح انتشار فيروس كورونا الجديد، بينما تستعد فرنسا والولايات المتحدة لإجلاء رعاياهما من المنطقة الخاضعة للحجر الصحي.
من جهته، قال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، مساء أمس، إنه في طريقه إلى بكين لإجراء محادثات مع مسؤولي الصين وخبراء الصحة حول تفشي فيروس كورونا الجديد. وأضاف أدهانوم على «تويتر» أنه يريد «تعزيز الشراكة» مع الصين فيما يتعلق «بتوفير مزيد من الحماية في مواجهة هذا التفشي».
وكانت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، قالت إن رؤساء تحرير كبرى المطبوعات العلمية اتفقوا على إرسال أي أبحاث عن فيروس كورونا الجديد إلى المنظمة قبل نشرها، وذلك بعد موافقة الفرق البحثية. وأضافت المنظمة أن ذلك سيساعدها على التقييم والتوجيه.
بدورهم، أعلن مسؤولون كبار في القطاع الصحي الصيني، أمس، أن «قدرة تفشي الفيروس تعززت» حتى لو أنه لا يبدو «بشدّة السارس»، وهو نوع آخر من فيروس كورونا أودى بحياة المئات في مطلع الألفية الثالثة. وأقرّ الرئيس الصيني شي جينبينغ مساء السبت بأنّ الوضع «خطير»، محذّراً من «تسارع» انتشار الوباء الذي ظهر في ديسمبر (كانون الأول) في مدينة ووهان في وسط البلاد. ومُنعت حركة السير «غير الضرورية» منذ منتصف الليل في وسط المدينة التي تشهد هدوءاً غير معتاد، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقوم سائقون متطوّعون وظّفتهم السلطات، بنقل المرضى إلى المستشفيات مجاناً. لكن عند الوصول، يتبيّن أن هناك فوضى عارمة، إذ إنه ينبغي على المرضى الانتظار ساعات ليعاينهم طبيب، وليعرفوا ما إذا كانوا مصابين أم لا.
ومساء السبت، كان رجل ثلاثيني حرارته مرتفعة في مستشفى يحاول الحصول على استشارة طبيب. ويقول: «منذ يومين لا أنام وأنتقل من مستشفى إلى آخر»، مضيفا «ليس هناك مكان في الغرف، الموظفون غارقون في العمل، هناك نقص في بعض الأدوية، والمرضى متروكون».
وتخضع ووهان ومنطقتها إلى الحجر الصحي منذ الخميس بهدف الوقاية من انتشار المرض. في المجمل، ثمة 56 مليون شخص مقطوعون عن العالم. في المدينة التي أصبحت مدينة أشباح، تذيع مكبرات الصوت رسالة تدعو السكان للذهاب إلى المستشفى من دون تأخير إذا كانوا يشعرون أنهم ليسوا على ما يرام. وتقول الرسالة «ووهان لا تخاف من مواجهة المحن. لا تسمعوا الشائعات، لا تنشروا الشائعات»، في حين يشكك البعض في الحصيلة التي تعطيها السلطات.
وبحسب الأرقام الصادرة أمس، سجّلت في الصين قرابة ألفي إصابة بينها 56 حالة وفاة، وفق آخر حصيلة نُشرت. من جهته، قال رئيس بلدية ووهان إنه يتوقع تسجيل نحو ألف إصابة أخرى، بناء على عدد مرضى المستشفيات الذين لم يخضعوا بعد لاختبار التثبت من الفيروس. وسُجّلت إصابات بالفيروس في أوروبا وأستراليا. وأُعلن عن الاشتباه بإصابة شخص في الخمسينات في كندا.
وأعلنت الولايات المتحدة، حيث تم تأكيد وجود ثلاث إصابات، تنظيم مغادرة موظفيها الدبلوماسيين ورعاياها العالقين في ووهان، آملة في أن تقلع الثلاثاء الرحلة التي ستقلهم. وتتواصل دول أخرى مع بكين لإجلاء رعاياها، لا سيما فرنسا، إذ ثمة 500 فرنسي يقطنون في ووهان.
وأشارت المجموعة الفرنسية لصناعة السيارات «بي إس إيه» التي تملك فرعاً في ووهان، إلى أن موظفيها يمكن أن يُنقلوا إلى شانغشا على بعد أكثر من 300 كلم نحو الجنوب. وتشير الدراسات حول الإصابات الأولى إلى أن معدل الوفيات جراء الفيروس ضئيل جداً.
ويعتبر البروفسور الفرنسي يازدان يازدانبانا، وهو خبير لدى منظمة الصحة العالمية ويتكفّل بعلاج مصابين بالفيروس في فرنسا، أن معدّل الوفيات «هو حتى الآن أقلّ من 5 في المائة». وكان معدّل وفيات فيروس «سارس» (متلازمة الالتهابات التنفسية الحادّة) أحد أنواع فيروسات كورونا الذي بدأ أيضاً في الصين في عامي (2002 و2003) 9.5 في المائة.
وبالنسبة للخبير في الأمراض المعدية في جامعة ووهان غوي شيين، فإن عدد الإصابات يمكن أن يبلغ «ذروته» نحو الثامن من فبراير (شباط)، قبل أن يبدأ بالتراجع. وقال لصحيفة «الشعب»: «حالياً، عدد المصابين الجدد يرتفع يوماً بعد يوم، لكن ذلك يجب ألا يستغرق وقتاً طويلاً قبل أن يصل إلى ذروته». وفي المستشفيات، ورغم الأجواء المشنّجة والفوضى العارمة، يحافظ بعض السكان على الهدوء. وتقول إيريكا دايفس، وهي مدّرسة بريطانية تعيش في ووهان منذ عامين، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أرى الحاجة للإجلاء»، مضيفة «لنبقَ في المنزل ولننتظر أن يمرّ الأمر».
ومع اكتظاظ المستشفيات، بوشر في ووهان ببناء مستشفيين يضمّ كل واحد منهما أكثر من ألف سرير ويُتوقع أن تنتهي أعمال البناء في وقت قياسي بأقلّ من أسبوعين. في الانتظار، يبدو أن الصين تشدد تدريجياً القيود الداخلية.
فقد أعلنت عدة مدن كبيرة - بكين وتيانجين وشيان وشنغهاي - تعليق رحلات الحافلات الطويلة التي تربطها بسائر أنحاء البلاد. وفي الشرق، قامت مقاطعة شاندونغ التي تضم 100 مليون نسمة، بالأمر نفسه. وقد تعقّد هذه الإجراءات المواصلات للسكان الذي سافروا داخل البلاد في إطار عطلة رأس السنة الصينية التي تستمرّ سبعة أيام.
وقال المركز الصيني لمراقبة الأمراض والوقاية إن سوق ووهان، حيث تقول تقارير إن تجارة الحيوانات البرية ومن بينها الجرذان والأفاعي والقنافذ رائجة فيها، هي «على صلة مرتفعة» بتفشي الفيروس، وفق ما نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة. وأعلنت الصين أمس تعليق تجارة الحيوانات البرّية، بعدما نشأ الوباء في سوق في ووهان، حيث كان يُباع هذا النوع من الحيوانات. وإضافة إلى ذلك، قررت الحكومة الصينية تعليق الرحلات المنظمة من وإلى الصين اعتباراً من اليوم الاثنين، في قرار قد يوجّه ضربة للتجارة في مدن على غرار باريس، وهي وجهة سياحية مهمّة للصينيين. وسُجلت إصابات في ستّ دول آسيوية.
من جهتها، فرضت مقاطعة غوانغدونغ (جنوب) وهي الأكثر اكتظاظاً بالسكان (110 ملايين نسمة) ارتداء الأقنعة الواقية لمنع تفشي الفيروس، وفق ما أعلنت السلطات المحلية. وارتداء الأقنعة إلزامي في ووهان ومقاطعة جيانغشي (وسط)، وكذلك في عدة مدن كبيرة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».