إضرابات فرنسا تقلق سوريين وتبطئ معاملاتهم الرسمية

TT

إضرابات فرنسا تقلق سوريين وتبطئ معاملاتهم الرسمية

يعاني لاجئون سوريون في فرنسا من قلق عميق تجاه الإضرابات التي يرونها في المدن الفرنسية، وتمنعهم من استخدام وسائل النقل المختلفة. أضف إلى ذلك غياب الأمن والاستقرار، نظراً لتعرضهم لـ«تواصل مع سوريين يهددونهم».
وعندما تتصل لاجئات مقيمات في مدن كـ«ليموج» بمخافر الشرطة، للشكوى، خصوصاً في حال قيام بعض المارة بطرق أبوابهن، وتكسير الباب الكهربائي لبناياتهنّ عشوائياً، لا يحصلن على أي مساعدة من الشرطة، لمعرفة سبب ما يجري في البناية من أصوات وتحطيم للزجاج. وهذا الأمر لم يكن موجوداً أمام أعينهن في دمشق قبل عام 2011.
والغريب أن معظم مخافر الشرطة تطلب من اللاجئات الاتصال بالإسعاف بدل الشرطة، معتبرةً أن اللاجئة في حالة «تخيل» أو توهم للحادث، رغم أن معظم الجيران الفرنسيين يتصلون بالشرطة ذاتها.
السيدة عزة توضح لـ«الشرق الأوسط» ما واجهته مؤخراً، وتحدثت عن تأخر الشرطة عن البحث عما تعرضت له من سرقة، ومن محاولة اختراق الباب الرئيسي لشقتها من قبل شخص لا تعرفه، ومِن قيام كثير من الفرنسيين بتحطيم قوارير أمام شقتها، خصوصاً في نهاية كل عام. أحد الشبان الفرنسيين يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «مهام الشرطة الفرنسية أصبحت حالياً متعددة، ما بين حماية المتظاهرين والمشاركين بالإضرابات في عدد من المدن الفرنسية. وفي إحدى المدن قام عناصر الشرطة بضرب عدد من المتظاهرين، وبدأ التحقيق ضد المتورطين، بالإضافة إلى مراقبة كثير من الإرهابيين الذين اعتدوا سابقاً بشكل عنيف».
إلى ذلك، يشتكي الشاب جمال من تأخُّر معظم السوريين عن الذهاب إلى باريس للتقدم بطلبات اللجوء، وسبب ذلك الإضرابات في محطات القطار والزحام في الحافلات، الأمر الذي يؤجل هذا الموضوع لشهر أو أكثر. ويضيف: «نعلم أن بلداناً كالدنمارك وغيرها أعادت سوريين إلى تركيا أو سوريا، لكننا نعرف أيضاً أن كثيراً من السوريين عادوا بشكل غير شرعي إلى تركيا، وما زالوا مستمرين على هذا المنوال لقلقهم، والكآبة المًوجودة لدى عدد من العائلات، نتيجة عدم إيجادهم لعمل بسهولة». سمية توضح أن «العيش هنا لا يشبه المعيشة في سوريا أو تركيا، فهنا الحصول على موعد في مشفى أو لدى طبيب يزيد الأوجاع نظراً للانتظار طويلاً، لا سيما أن بعض المشافي والأطباء أيضاً اتبعوا الإضرابات المستمرة. كما أن آنسات سوريات يتصل بهن أناس أرسلتهم دمشق للنصب عليهم عبر (الماسنجر) أو (الواتساب)، ولا يجدن من يحميهن من هؤلاء».
وقد يكون من أغرب ما سمعه وقرأه السوريون في فرنسا خبر عودة أحد السوريين المقيمين في فرنسا إلى دمشق، ويُدعى عدنان عزّام (وُلِد في السويداء عام 1957)، وكان كاتباً مختصاً ببحوث الغرب والشرق، وحاصلاً على ماجستير في الصحافة من المدرسة العليا للصحافة في باريس.
كما تلقى عزام مسبقاً وسام الاستحقاق الفرنسي برتبة «فارس»، وقرر إهداء حصان عربي أصيل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبراً ذلك «تعبيراً عن عرفان سوريا لمساعدتها في محنتها». الشاب محمد المقيم في ليموج يستغرب ما قام به عزام، خصوصاً ما قيل عن اجتيازه «على صهوة حصان المسافة بين سوريا وتركيا وأوروبا بأغلب مدنها، ومجتازاً أميركا الشمالية، عائداً من إسبانيا عبر دول العالم العربي إلى حيث بدأت الرحلة، خلال 1300 يوم، وكان يرتدي سترة صفراء!».
من جهة أخرى، تؤكد ليتيسيا، قرب ليموج، أن «الصبر أمر واجب على الفرنسيين واللاجئين هنا أيضاً، لأن الحصول على رد بخصوص أي ملف بمدينة أو قرية بفرنسا يحتاج لأشهر. كما أن خفض الاستهلاك أصبح مدروساً لدى الفرنسيين، بعد أن زادت نسبة الفقر بين الفرنسيين، خصوصاً لدى مَن لم يعمل خلال شبابه، وفضّل الحصول على المساعدات بدل العمل».
وكان صحافيون فرنسيون نشروا عن «دخول بضائع صينية مختلفة لفرنسا، دون المرور عبر الفحوص والحدود الشرعية، وملاحقة المواد الغذائية التي تدخل رغم وجود معلومات عن وجود بعض أنواع البكتريا المسببة للأمراض، في المواد المهربة عبر مافيات من قبل الصين».
وبينما صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً عن بدء القيام باستثمارات صناعية في فرنسا، وخفض البطالة، فإن ما يقلق السوريين هو تجاهل خبرتهم كعامل ممكن في مؤسسات فرنسية، وإمكانية إفلاس المشروع الاستثماري السوري سواء كان مطعماً، أو غير ذلك، من خلال الضرائب والقوانين المختلفة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.