«ميليشياوي» من طرابلس: طلبنا قوات من تركيا لكنها أرسلت «مرتزقة»

TT

«ميليشياوي» من طرابلس: طلبنا قوات من تركيا لكنها أرسلت «مرتزقة»

على خلاف المتوقع، خرج أحد قيادات ميليشيا «كتيبة ثوار طرابلس»، التي تقاتل في صفوف قوات «الوفاق» بالعاصمة الليبية، ضد «الجيش الوطني» عن صمته، وقال إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وبدلا من أن يرسل جنوده للقتال في معركة طرابلس وفقاً للاتفاقية الموقعة مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، اكتفى بمدهم بمقاتلين من عناصر «المرتزقة». ويأتي تصريح عاطف برقيق، القيادي الذي ينظر إليه على أنه أحد مؤسسي «كتيبة ثوار طرابلس»، وسط تأكيدات بتدفق المقاتلين عبر رحلات جوية مدنية إلى العاصمة، وقال عبر صفحته على «فيسبوك»، أمس: «هناك لعبة تحاك ضد قوات (الوفاق)»، دون الإفصاح عن تفاصيلها.
وأضاف برقيق محذرا: «انتبهوا أيها الأحرار، يا «رئاسي»، يا رجال المحاور القتالية... نحن عقدنا اتفاقاً مع تركيا من أجل مساعدتنا على صد العدوان، وليس لإرسال مرتزقة سوريين (...) اللعبة محبوكة لفرض حفتر علينا (القائد العام للجيش الوطني)».
من جهته، قال سياسي موال لحكومة «الوفاق» في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «حديث رقيق لا يمثل الحكومة، ولا قيادات أمراء المحاور»، مضيفاً: «نحن لا نحتاج إلاّ السلاح فقط، ولسنا بحاجة إلى مقاتلين. لدينا الكثير من الذين لم يتم الدفع بهم للقتال».
وينظر مراقبون ليبيون إلى وعود إردوغان بمساعدة حكومة «الوفاق» في التصدي لـ«الجيش الوطني» على أنها تعتمد على سياسة التهوين من أجل التمكين لأنصاره في غرب البلاد؛ وأرجعوا ذلك إلى أنه قال في بادئ الأمر بأنه يرسل فنيين إلى طرابلس بأعداد قليلة، لكن خلال لقائه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في إسطنبول نهاية الأسبوع الماضي قال: «أرسلنا، ونرسل، وفدنا العسكري إلى هناك... لن نترك السراج وحده. نحن عازمون على تقديم كل الدعم الممكن في هذه النقطة».
ورأى القيادي الميليشياوي أنه لا يوجد أي سبب يمنع التدخل التركي بشكل مكثف في الحرب، زاعماً أنه «لا يوجد اتفاق، أو هدنة، لأن حفتر لم يوقع على شيء»، قبل أن ينتهي قائلاً: «أتمنى أن أكون مخطئاً، ولا يكون ما في رأسي صحيحاً».
ومبكراً قال إردوغان إن العسكريين الأتراك، الذين يجري إرسالهم إلى ليبيا، يقومون بدعم وتدريب قوات «الوفاق»، لكن التقارير التي تأتي من جبهات القتال في ضواحي طرابلس، تشير إلى توافد أعداد كبيرة من المقاتلين الموالين لتركيا، على عكس ما يؤكد إردوغان.
ورصدت البعثة الأممية لدى ليبيا وصول مئات المقاتلين إلى ليبيا، وبهذا الخصوص قال الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا في تصريحات صحافية سابقة: «أستطيع أن أؤكد وصول مقاتلين من سوريا»، مقدرا عددهم بما يتراوح بين ألف وألفين.
ومع تزايد التقارير، التي تتحدث عن استخدام الطائرات المدنية في نقل المقاتلين، حمّل سراج عبد القادر الفيتوري، رئيس الخطوط الأفريقية فرع المنطقة الشرقية، حكومة «الوفاق» المسؤولية عن تحريك أي طائرة، بعدما دعا المواطنين إلى تجنب السفر عبر مطار معيتيقة.
وأضاف الفيتوري في بيان مساء أول من أمس أن «الشركة تحمل المسؤولية الكاملة لكل من سيشارك في تسيير أي رحلة من المناطق، التي يشملها الحظر الجوي لتنجب حدوث كارثة إنسانية، وللحفاظ على سلامة المواطن وأمن الوطن»، ورأى أن تسيير أي رحلة في تلك المطارات «يعتبر تأييدا لجلب المرتزقة والإرهابيين إلى البلاد؛ فلا تلتفتوا لقرارات من باعوا الوطن، واصطفوا حول جيشكم الوطني».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.