تهديدات بسحب المساندين لـ«الجيش الوطني» بعد «الإساءة» لعهد القذافي

رئيس حكومة الشرق وصف عهده بالتخلف ونتائج حكمه بـ«الصفر»

TT

تهديدات بسحب المساندين لـ«الجيش الوطني» بعد «الإساءة» لعهد القذافي

فجرت تصريحات رئيس الحكومة الليبية المؤقتة بشرق البلاد، عبد الله الثني، اتهم فيها عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، بـ«التخلف»، موجة غضب واسعة بين أنصار النظام السابق، وقالوا إن «مثل هذه الأكاذيب تبعث على الفتنة، وتزيد الانقسام بين أطياف الشعب».
وكان الثني قد قال في حوار لفضائية «سكاي نيوز» عربية، مساء الخميس الماضي، إن «القذافي هو من أوصل ليبيا إلى ما هي فيه الآن من تهميش للمواطنين، وتخلف في مجالات عدة، من بينها التعليم والصحة في بلد غني بالنفط».
وزاد الثني من هجومه على أنصار النظام السابق، وقال إنهم «يسوقون أكاذيب تتعلق بانهيار البنية التحتية في البلاد، في حين عاشت ليبيا 4 عقود من التخلف بما تعنيه الكلمة... شهدت فيها انخفاضاً في مستويات عدة، بما فيها أخلاقيات المواطنين عبر نظريّة بالية. والنظام الشمولي للقذافي كان سبباً كافياً لمأساتنا في ليبيا».
وتوقع أنصار للنظام السابق أن يتم سحب أبناء القبائل، الداعمين لـ«الجيش الوطني»، رداً على ما وصفوه بـ«خطاب الفتنة المبني على الأحقاد».
وقال خالد الغويل، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن لمسؤول على رأس الحكومة أن يتحدث بأكاذيب من شأنها شق الصف الليبي، في لحظة فارقة من عمر البلاد».
وتوقع الغويل أن تُحدث اتهامات الثني «غضبة واسعة وسط القبائل المحبة للقذافي»، بقوله: «إن لم يقدم رئيس الحكومة المؤقتة اعتذاراً عما بدر منه، فمن الممكن أن يتم سحب الشبان الداعمين للمؤسستين العسكرية والأمنية في شرق ليبيا».
ورأى الغويل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن مثل هذه الأحاديث «تخدم الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة، والجيوش الإلكترونية»، موضحاً أن «الثني تسبب في حرج كبير لحفتر (القائد لعام للجيش الوطني) ومجلس النواب»، وأنه «لولا انضمام شباب النظام الجماهيري إلى صفوف القوات المسلحة لما تمكنت من خوض حروبها الأخيرة لتحرير بنغازي ودرنة، ثم طرابلس».
رئيس حكومة شرق ليبيا، الذي قال إن القذافي لم يحقق شيئاً على المستوى الداخلي للمواطنين، و«سياسته الداخلية كانت صفراً»، قارن بين عصري القذافي، والراحل السلطان قابوس بن سعيد في عمان، فقال إن الأخير بنى دولة حقيقية متقدمة، في حين أن القذافي «لم يقدم شيئاً أو يهتم بالمواطنين، ولم يؤسس لجيش أو شرطة، بل اكتفى فقط ببناء نظام شمولي يعتمد على شخصه فحسب، ولذا وقعت الكارثة التي لا نتأسف عليها وهي ثورة 17 فبراير (شباط)، التي كانت المخرج الحقيقي وطوق النجاة مما كنا فيه».
وعبر أحد شيوخ قبيلة القذاذفة عن غضبه، ورفضه لما ذهب إليه الثني، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير «لا يجهل قيمة ما فعله الأخ القائد لبلاده خلال فترة حكمه، لكنه دائماً ما يقع في مطبات أثناء حديثه للإعلام، نظراً لعدم خبرته السياسية، وانجراره وراء نشر التصريحات بعد أن كان نسياً منسياً طول السنوات الماضية».
وأضاف الشيخ، الذي رفض ذكر اسمه موضحاً: «لينظر الثني إلى وضع الدولة الآن وما قدمته الحكومة، قبل أن يقارن بما كانت عليه أثناء نظام ثورة الفاتح (...) يجب أن يحاسب على حديثه غير المسؤول»، بحسب قوله.
وفيما أيدت أطراف سياسية ونشطاء، خصوصاً بغرب البلاد حديث الثني، ورأوا أن ليبيا تراجعت كثيراً في عهد القذافي، مقارنة بفترة الحكم الملكي في عهد إدريس السنوسي، قال عبد المنعم أدرنبة، مؤسس حراك ما يسمى «مانديلا ليبيا» لدعم سيف الإسلام سياسياً، إن «هناك استنكاراً كبيراً في صفوف أنصار النظام السابق، ودعوات لسحب أبناء القبائل من المؤسسات المدنية والعسكرية».
واستغرب أدرنبة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ما سماه تناقض الثني، وقال إنه «يسعى من وقت لآخر إلى كسب ود أنصار (الزعيم)، حيث دعا مؤخراً إلى إعادة المواطنين المهجّرين من أنصار النظام إلى ليبيا، وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار، سعياً لاستخدامهم ورقة ضد حكومة (الوفاق) في طرابلس».
ومضى أدرنبة يقول: «لولا أنصار القذافي ما تكونت المؤسسات المدنية والعسكرية في البلاد»، لافتاً إلى أن «الدولة الآن تعتمد على خبراتهم في المجال الدبلوماسي والعسكري على سبيل المثل».
واشتكى الشيخ علي مصباح أبو سبيحة، رئيس مجلس قبائل الجنوب الثني، إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقال إن «إساءة وتهجم رئيس حكومتكم على الزعيم معمر القذافي، الذي ما زال يحظى بالاحترام من غالبية الشعب الليبي، تعد من المحظورات». ورأى في بيان، أمس، أن ما أقدم عليه الثني يعدّ جريمة في حق الشعب الليبي عامة، وقال بهذا الخصوص: «باعتباركم وضعتم أنفسكم ممثلين للشعب، فالأمر يقتضي منكم مساءلة الثني، وإن لم تفعلوا فإن ذلك يعد تقصيراً منكم في لمّ شتات هذا الوطن».
وكان مصطفى الزائدي أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، قد علّق على ما ذهب إليه الثني، دون أن يأتي على اسمه، وقال إن «الأوطان لا تبنى بالافتراءات، ولا تتأسس على الأكاذيب والدعايات».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.