خريطة طريق {صدرية} بالتزامن مع «المليونية» للتعامل مع الوجود الأميركي

السيستاني ينتقد تأخير تشكيل الحكومة العراقية... وصالح يدعو لدولة كاملة السيادة دون إملاءات أجنبية

حشود ضخمة في «المليونية» الصدرية ضد الوجود الأميركي في بغداد أمس (أ.ب)
حشود ضخمة في «المليونية» الصدرية ضد الوجود الأميركي في بغداد أمس (أ.ب)
TT

خريطة طريق {صدرية} بالتزامن مع «المليونية» للتعامل مع الوجود الأميركي

حشود ضخمة في «المليونية» الصدرية ضد الوجود الأميركي في بغداد أمس (أ.ب)
حشود ضخمة في «المليونية» الصدرية ضد الوجود الأميركي في بغداد أمس (أ.ب)

مع استمرار المظاهرات الجماهيرية، للشهر الرابع على التوالي، ودخول حكومة تصريف الأعمال شهرها الثاني، انتقد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيستاني، أمس، من سماهم «الفرقاء السياسيين» بسبب التأخير في تشكيل الحكومة.
وقال ممثل السيستاني في كربلاء، أحمد الصافي، في خطبة الجمعة، إن «المرجعية الدينية تؤكد موقفها المبدئي من ضرورة احترام سيادة العراق، واستقلال قراره السياسي، ووحدته أرضاً وشعباً، ورفضها القاطع لما يمسّ هذه الثوابت الوطنية من أي طرف كان، وتحت أي ذريعة».
وأضاف أن «للمواطنين كامل الحرية في التعبير بالطرق السلمية عن توجهاتهم بهذا الشأن، والمطالبة بما يجدونه ضرورياً لصيانة السيادة الوطنية، بعيداً عن الإملاءات الخارجية». وبين أن «المرجعية الدينية تؤكد ضرورة تنفيذ الإصلاحات الحقيقية التي طالما طالب بها الشعب، وقدم في سبيل تحقيقها كثيراً من التضحيات»، محذراً من أن «المماطلة والتسويف في هذا الأمر لن تؤدي إلا إلى مزيد من معاناة المواطنين، وإطالة أمد عدم الاستقرار الأمني والسياسي في البلد».
وأوضح السيستاني أن «تشكيل الحكومة الجديدة قد تأخر طويلاً عن المدة المحددة لها دستورياً. فمن الضروري أن يتعاون مختلف الأطراف المعنية لإنهاء هذا الملف، وفق الأسس التي أشير إليها من قبل، فإنه خطوة مهمة في طريق حلّ الأزمة الراهنة»، مبيناً أن «المرجعية الدينية تدعو مرة أخرى جميع الفرقاء العراقيين إلى أن يعوا حجم المخاطر التي تحيط بوطنهم في هذه المرحلة العصيبة، وأن يجمعوا أمرهم على موقف موحد من القضايا الرئيسية والتحديات المصيرية التي يواجهونها، مراعين في ذلك المصلحة العليا للشعب العراقي، حاضراً ومستقبلاً».
إلى ذلك، اقترح زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، خريطة طريق للتعامل مع الوجود الأجنبي في العراق، فيما دعا إما إلى دمج «الحشد الشعبي» بوزارتي الدفاع والداخلية أو التزامه الكامل بأوامر القائد العام للقوات المسلحة.
ودعا الصدر، في كلمة ألقيت نيابة عنه، خلال المظاهرة «المليونية» التي انطلقت في بغداد أمس (الجمعة)، والتي حملت عنواناً واحداً، وهو السيادة إلى «غلق كافة القواعد العسكرية الأميركية على الأراضي العراقية، وخروج كافة القوات الأجنبية، وغلق مقرات الشركات الأمنية الأميركية والأجواء العراقية أمام الطيران الأميركي، وإلغاء كافة الاتفاقات الأمنية مع الولايات المتحدة».
وطالب الصدر الحكومة العراقية بـ«حماية مقرات البعثات الدبلوماسية والسفارات وموظفيها لكافة الدول، ومنع الانتهاكات ومحاسبة الفاعلين». كما تعهد «بإعلان توقف مؤقت للمقاومة حتى خروج آخر جندي، ومعاقبة كل من يحاول خرق الهدنة السيادية من أي الطرفين، في حال الالتزام بالشروط المحددة». ودعا إلى «دمج الحشد الشعبي بوزارتي الدفاع والداخلية. وفي حال عدم حدوث ذلك، على الحشد الالتزام بكافة القرارات الصادرة من القائد العام للقوات المسلحة، باعتباره جزءاً من المنظومة الأمنية».
ومن جهته، أيد الرئيس العراقي برهم صالح، الموجود في دافوس، دعوة الصدر إلى صيانة السيادة العراقية. وقال صالح، في تغريدة على «تويتر»: «العراقيون مصرون على دولة ذات سيادة كاملة غير منتهكة، خادمة لشعبها، معبرة عن إرادتهم الوطنية المستقلة، بعيداً عن التدخلات والإملاءات من الخارج، دولة ضامنة لأمنهم وحقوقهم في الحياة الحرة الكريمة، دولة في أمن وسلام مع جيرانها».
وفيما يستمر الجدل بشأن الوجود الأجنبي في البلاد، مع عدم وجود أفق بشأن اختيار رئيس وزراء جديد، أكد الخبير القانوني علي التميمي أن رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، كونه رئيس حكومة تصريف أعمال، لا يستطيع إخراج القوات الأجنبية من البلاد.
وفي السياق ذاته، يرى أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي، رئيس مركز أكد للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «رؤية السيد مقتدى الصدر تأتي في إطار العودة إلى السياق السياسي في إدارة الدولة»، مبيناً أن «الولايات المتحدة مستعدة لتخفيض وجود المدربين والمستشارين، لكن تريد وجود دولة عراقية وحكومة جديدة للتفاهم معها».
وأضاف علاوي: «أما مسألة الحشد فلا بد من إكمال عمل الأمر الديواني (237)، لأن لديهم قانوناً صدر من البرلمان، لكن يجب أن يكون هناك اتفاق سياسي شامل لإنهاء السلاح خارج الدولة، وحل أو تذويب الفصائل المسلحة».
وبشأن ما عبرت عنه المرجعية الدينية في النجف بشأن تأخير تشكيل الحكومة العراقية، ودعوة الفرقاء السياسيين للعمل معاً من أجل ذلك، يقول حسن توران، نائب رئيس الجبهة التركمانية في العراق، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشكلة التي نواجهها أننا أمام طبقة سياسية غير مستوعبة للأحداث بصورة جادة، فضلاً عن أنها منقسمة فاقدة للرؤية المشتركة التي تنتشل العراق من أزمته».
وأضاف توران، وهو نائب سابق في البرلمان العراقي عن محافظة كركوك، أن «المطلوب الآن هو الإسراع في تسمية رئيس الوزراء، والذهاب إلى انتخابات مبكرة، كونها هي الحل الحقيقي لمشكلات البلاد، بعيداً عن القرارات والإجراءات العاطفية المتعجلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.