الإدارة الأميركية تتهم إسرائيل بزيادة «عيار النفاق» لروسيا

مصادر إسرائيلية تحدثت عن غضب من تصعيد الأزمة مع بولندا

الرئيس الروسي بوتين وبنيامين نتنياهو يفتتحان النصب التذكاري لضحايا حصار لينينغراد في القدس أمس (رويترز)
الرئيس الروسي بوتين وبنيامين نتنياهو يفتتحان النصب التذكاري لضحايا حصار لينينغراد في القدس أمس (رويترز)
TT

الإدارة الأميركية تتهم إسرائيل بزيادة «عيار النفاق» لروسيا

الرئيس الروسي بوتين وبنيامين نتنياهو يفتتحان النصب التذكاري لضحايا حصار لينينغراد في القدس أمس (رويترز)
الرئيس الروسي بوتين وبنيامين نتنياهو يفتتحان النصب التذكاري لضحايا حصار لينينغراد في القدس أمس (رويترز)

كشفت مصادر في اليمين الإسرائيلي، أمس الخميس، أن غضبا يسود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الطريقة التي تدير فيها حكومة بنيامين نتنياهو علاقاتها مع بولندا، والتي تتسم بتصعيد الأزمة الناشبة بين البلدين منذ سنتين. وقالت هذه المصادر إن الأميركيين يعتبرون سياسة إسرائيل ضربا من النفاق بعيار زائد لروسيا على حساب حليفنا المشترك في وارسو.
وقالت هذه المصادر إن الغضب الأميركي ارتفع صباح أمس الخميس، إثر تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيته، خلال استقبالهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد واصلا نهجهما بتبني الرواية الروسية تجاه أحداث الحرب العالمية الثانية، والتي تتناقض مع الرواية البولندية. وقال المصدر اليميني الإسرائيلي إن «واشنطن لا تفهم التوجه الإسرائيلي ضد الصديق والحليف المشترك لنا ولإسرائيل. فبولندا، تحت قيادة الرئيس أنجي دودا ورئيس وزرائه ماتيوس مورافسكي، تعتبر أقرب إلى إسرائيل والولايات المتحدة من بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي)». وخرج معهد «ميدا» اليميني، الذي أسسه مساعدو نتنياهو قبل سنتين في مقال افتتاحي، يدعو فيه حكومة إسرائيل إلى وقف الاستفزازات للقيادة البولندية الحالية وإيجاد صيغة لتصحيح العلاقات. وقالت إن «هذه القيادة يمينية تنتمي للمدرسة نفسها التي ينتمي إليها ترمب ونتنياهو ولا يجوز التصرف معها كخصم».
وكانت إسرائيل قد دخلت في أزمة سياسية مع بولندا منذ سنتين عندما تم سن قانون في البرلمان البولندي يمنع منح اليهود الناجين من المحرقة النازية تعويضات مالية عن ممتلكاتهم المصادرة خلال الحرب العالمية الثانية، إن لم يكونوا مواطنين بولنديين. وتفاقمت مع سن قانون آخر يحظر اتهام الحكومة البولندية إبان الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع النازية. وقد أرسلت وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي كان نتنياهو يشغل فيها منصب الوزير، احتجاجا رسميا إلى السفير البولندي في تل أبيب ياتسيك خودوروبيتش، مشددة على أنها لن تسمح بمساواة مصير اليهود بأي مجموعة سكانية أخرى هناك. وعند تغيير السفير تم الاعتداء على السفير الجديد، مارك مغيروفسكي، قرب سفارة بلاده في تل أبيب. وقد استدعت بولندا السفيرة الإسرائيلية لجلسة توبيخ، وأدان رئيس الحكومة البولندية، ماتيوس مورافسكي، بشدة، الاعتداء، واعتبره «اعتداء عنصريا عنيفا».
وفي يونيو (حزيران) الماضي صرح وزير المواصلات الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بأن بولندا كانت شريكة للنازية في المحرقة، وردد تصريحا كان قد أدلى به رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحاق شامير، قال فيه إن «الإنسان البولندي يرضع العنصرية والكراهية لليهود مع حليب أمه».
وكانت الولايات المتحدة تتدخل في كل مرة لفض الخلافات بين الطرفين. ونشبت الأزمة الأخيرة عندما قرر الرئيس دودا، إلغاء زيارته المقررة إلى إسرائيل وعدم المشاركة في المنتدى العالمي لذكرى «الهولوكوست» وفعاليات مراسيم إحياء الذكرى السنوية الـ75 لتحرير معتقلي معسكر الإبادة النازي في بولندا «أوشفيتس». فقد فوجئ بعدم إدراج اسمه بين الخطباء في المؤتمر، مع أن أوشفيتس يقع في بلاده. وعرضت عليه إسرائيل أن يكون المتحدث الوحيد في مأدبة العشاء التي أقيمت في مقر رؤساء إسرائيل، لكنه رفض.
وفي يوم أمس استقبل إسرائيل كاتس، بصفته وزير الخارجية، الرئيس بوتين. وقال أمامه: «نحن مطلعون على النقاشات التاريخية حول الجهة التي حررت أوشفيتس وكل أوروبا من النازية، ونعرف من الذي حرره بشكل فعلي. نعرف الحقيقة التاريخية». وقد اعتبرت هذه لسعة إلى بولندا ونفاقا للرئيس بوتين، حيث إن روسيا تقول إنها حررت أوروبا كلها من براثن النازية، بينما تقول بولندا إن الاتحاد السوفياتي بقيادة ستالين استبدلت الاحتلال النازي بواسطة احتلال روسي ديكتاتوري وقمعي.
وفي يوم أمس، افتتح بوتين ونتنياهو نصبا تذكاريا إحياءً لذكرى حماة لينينغراد وسكانها الذين لقوا مصرعهم جراء الحصار فرض على المدينة إبان الحرب العالمية الثانية. فقال نتنياهو، إن «هذا العمود الذي يرمز إلى الشجاعة ويخاطب جميع البشر، يتحدث العبرية والروسية واللغة العالمية، بمفردات مغزاها حب الوطن والتضحية المطلقة والعزيمة التي لا توصف والقتال العنيد وتحقيق النصر. سيدي الرئيس بوتين، قد انضممت إليكم قبل عام ونصف العام، بناء على دعوتكم لي، في عرض الـ9 من شهر مايو (أيار) في الساحة الحمراء بموسكو. كان هذا المشهد مؤثرا للغاية. أديت معكم التحية العسكرية تكريما لذكرى مقاتلي الجيش الأحمر، بمن فيهم عدد هائل من اليهود الذين قدموا تضحيات عظيمة من أجل شعبهم ومن أجل البشرية جمعاء. وسنحيي بعد قليل، بحضور عشرات الزعماء من كل أنحاء العالم، ذكرى تحرير معسكر الإبادة النازي أوشفيتس. سنذكر دائما أن جنود الجيش الأحمر هم الذين فتحوا أبواب أوشفيتس على مصراعيها. مرت 75 عاما منذئذ والعبرة مطبوعة داخل وجداننا بكل قوة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».