نائب مغربي معارض يعد بقطع علاقة حزبه بالسلطة إذا تبوأ زعامته

وهبي: الإسلام السياسي يُستغل كفزاعة

TT

نائب مغربي معارض يعد بقطع علاقة حزبه بالسلطة إذا تبوأ زعامته

وعد النائب عبد اللطيف وهبي، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، بقطع علاقة حزبه بالسلطة، وأن يصبح حزبا مستقلا «لا يتلقى التعليمات من فوق». كما وعد بـ«تطبيع» العلاقة مع حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، الذي صنفته القيادة السابقة للحزب ضمن الخطوط الحمراء، وقال إن الإسلام السياسي يستغل كفزاعة.
جاء ذلك خلال لقاء صحافي عقده وهبي أمس بالمقر المركزي للحزب بالرباط، أعلن خلاله ترشحه لمنصب الأمين العام للحزب، خلفا لحكيم بن شماش، ومنافسا لمحمد الشيخ بيد الله، الوزير السابق ورئيس مجلس المستشارين السابق، الذي ترشح بدوره لقيادة هذا الحزب للمرة الثانية، بعد أن شغل المنصب ذاته عام 2009.
وسيجري انتخاب أمين عام جديد لـ«الأصالة والمعاصرة»، الذي يعد ثاني أكبر الأحزاب السياسية المغربية من حيث عدد المقاعد في البرلمان، بعد حزب العدالة والتنمية، خلال المؤتمر العام للحزب، المقرر عقده في 8 فبراير (شباط) المقبل، بعد صراعات عاصفة بين قيادييه، كادت أن تؤدي إلى انشقاق قبل أن تجري مصالحة ولملمة الخلافات.
وتتجه الأنظار إلى المؤتمر العام المقبل للحزب، الذي قد يشكل ولادة جديدة لهذا الحزب، الذي ظل يعاني من وصمة قربه من السلطة، كونه أحد الأحزاب التي أنشأتها الدولة. فيما يرى كثيرون أن الحزب قد يعيد إنتاج نفسه إذا لم تتغير قيادته.
وخلافا لبيد الله الذي ينظر إليه على أنه استمرار للنهج السابق للحزب، وأحد المقربين من السلطة، قدم وهبي نفسه على أنه حامل مشعل التغيير داخل الحزب. إلا أنه لا يعرف ما إذا كان يحظى بالتأييد الكافي من أعضاء حزبه، يمكنه من الفوز بالمنصب، فضلا عن مدى «رضا السلطة» عن شخصية «مشاكسة» تتوق للزعامة.
في هذا السياق، وتعليقا على عدم حضور بعض قيادات الحزب اللقاء الصحافي الذي عقده لإعلان ترشحه لمنصب الأمين العام، وما إذا كانت إشارة إلى افتقاره الدعم، قال وهبي إنه لم يلزم أحدا بالحضور، و«غيابهم لا يعني أنهم لا يدعمونني».
وبشأن علاقته المستقبلية مع حزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، قال وهبي إن اعتبار العدالة والتنمية خطا أحمر من قبل حزبه كان مجرد شعار سياسي اتخذه الحزب، وعلى المؤتمر المقبل أن يقرر فيما إذا كانت ستكون هناك خطوط حمراء أم لا. وزاد موضحا: «بالنسبة لي أنا لا أومن بالخطوط الحمراء، وكل من يشتغل في إطار الدستور والقانون والإجماع حول الثوابت لا يحق لي أن أتعامل معه بخطوط حمراء».
وأوضح وهبي أنه ليس لديه موقف معارض للإسلام السياسي، الذي أصبح بنظره يستغل «كفزاعة». في حين أن الأحزاب التي لديها رؤية دينية، مثلها مثل باقي الأحزاب السياسية. وتساءل: «هل إمارة المؤمنين ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ليست إسلاما سياسيا؟»، مشيرا إلى أن المكون الديني جزء من ثقافة المغرب السياسية، ويمكن توظيفه في توحيد الأمة وممارسة العمل السياسي.
من جهة أخرى، شدد وهبي على أن «الأصالة المعاصرة» سيتحول إلى حزب مستقل، وسيقطع مع مرحلة «الاستقواء بالسلطة والقرارات والتعليمات»، وقال في هذا السياق: «سنحاول أن نكون حزبا عاديا يحترم جميع الأحزاب والالتزامات الديمقراطية، ويسعى إلى التموقع ضمن الأوائل». مضيفا «سنفاجئكم بمواقفنا تجاه القضايا الوطنية».
وجوابا على سؤال بشأن ضمانات عدم عودة الحزب إلى وضعه السابق، أوضح وهبي أن الضمانات هي الصراع الذي حدث داخل الحزب، والذي أخرج العفريت من قمقمه، وبعده لم يعد بالإمكان فرض ديكتاتورية، أو هيمنة داخل الحزب، بل الجميع سيخضع للمؤسسات، ولن يقبل أي تعليمات من فوق، بل الحزب هو الذي يقرر، وإذا ما حدث أي تراجع فذلك سيؤدي إلى «انفجار نصفي» داخل الحزب.
وبشأن العلاقة مع حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يرأسه عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، والذي لا يخفي طموحه لتصدر انتخابات 2021، وأضحى الغريم السياسي لحزب العدالة والتنمية، طالب وهبي من قيادة الحزب أن «تضع مسافة بينها وبين حزبه لما فيه مصلحة الحزبين». وقال إن «الحزب الذي سيمنحه الشعب المرتبة الأولى سأعلن احترامي له». رافضا فكرة الصراع أو التبعية والولاء لحزب معين، بقوله: «نحن نعارض التجمع لأنه في الأغلبية لا غير».
وردا على سؤال بشأن الوضعية المالية للحزب وما راج من اختلالات، قال وهبي إن الوضعية المالية للحزب موضوع مطروح بحدة، ويحتاج إلى دراسة ونقاش لمعالجته، مشيرا إلى أن كل ما يتعلق بهذا الملف وظف ضمن الصراع الداخلي، الذي عرفه الحزب أكثر منه حقيقة، وشدد على أنه «من مس بأموال الحزب سنتعامل معه وفق القانون».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.