سنوات السينما

بيتر لور في «إم»
بيتر لور في «إم»
TT

سنوات السينما

بيتر لور في «إم»
بيتر لور في «إم»

- M (إم)
- (1931)
- التقييم: ★★★★
- على أعتاب النازية
الاجتماعي الجانببين أهمها جبهة من أكثر على حدثا كان لانغ فريتز الألماني للمخرج ناطق فيلم أولخروج فمع. الفترة لتلك والسياسي الفيلم سنة 1931. كانت النزعة النازية الألمانية في تصاعد. ليس أننا سنشاهد شباب الحزب النازي وهو يروّع الناس أو يسير في الشوارع موزّعا المنشورات، بل بسبب ذلك الشعور بأن الأمور ليست على ما يرام في برلين الثلأثينات. وهذا الحس ناتج بالاشتراك مع التصوير الداكن الذي قام به فريتز ووغنر الذي صوّر، بين الكثير من الكلاسيكيات الألمانية» نوسفيراتو«سنة 1922 ومن عنصر تشاؤمي يسود الحكاية بأسرها متعاملاً مع قاتل أطفال على نحو يُتيح له اللجوء إلى الركن القلق من تعاطفنا، مازجاً بذلك جانبي شخصيّته في روح واحدة تتنفّس الخوف والتخويف في الوقت ذاته.
لكن إيحاءات الفيلم لم تمنع جوزف غوبلز، وزير البروباغاندا في الفترة، من الإعجاب بالفيلم والقول إنه «عمل معاد للمشاعر الإنسانية الساذجة ويؤيد حكم الإعدام» وانتهى للقول: «أعتقد أن لانغ سيكون من مخرجينا قريباً».
لعل غوبلز لم يكن يعلم أن لانغ كان يهودياً كذلك بطل فيلمه بيتر لور. في عام 1933 استدعي لانغ لمقابلة غوبلز الذي طلب منه تحقيق فيلم عن «الرايخ الثالث». في مذكراته يقول لانغ إنه صرخ في وجه غوبلز رافضاً، لذلك سارع بمغادرة ألمانيا قبل القبض عليه. هذه رواية لانغ المشكوك بأمرها. صحيح أن الاجتماع وقع بينه وبين غوبلز، لكن من الفانتازيا بمكان أن يعلو صوت ألماني (خصوصاً إذا ما كان يهودياً) على صوت مسؤول عسكري فما البال بوزير مثل غوبلز. كذلك لم يفر لانغ على الفور من البلاد بل بعد أربعة أشهر ما يعني إنه لم يخش رد الفعل إلا لاحقاً.
بحث لانغ طويلاً عن ممثل لائق للعب الدور واهتدى إلى ممثل لم يكن ظهر في السينما من قبل هو بيتر لور فأسند له دور البطولة الذي أداه تماماً كما يجب أن يؤدى: تتعاطف معه وتكرره. تتفهم مرضه وترفضه متمنياً موته.
أحداث الفيلم حقيقية وقعت في العشرينات بطلها قاتل أولاد اسمه بيتر كورتن لُقِّب بـ«سفّاح دوسلدورف». فريتز لانغ، الذي كان بدأ الإخراج سنة 1916 وخبر أنواعاً متعدّدة من الأفلام وصولاً إلى «م» ثم بعده، كان يعلم أن الجمهور الألماني سيتذكّر أحداث ذلك السفّاح حين كتب الفيلم مع زوجته ڤيا ثورن هاربو. والمنهج الذي خطّه يقوم على ثلاثة فصول: الأول تعريفنا بالقاتل وبواحدة من ضحاياه (طفلة يشتري لها المجرم البالون ويأخذها من يدها). الثاني الفصل الذي يصوّر تبعية هذه الجرائم على البوليس وعلى مجرمي العالم السفلي. والفصل الثالث، هو القبض عليه وتقديمه للمحكمة.
اللافت، أن المجرمين هم الذين يقبضون على السفاح وليس رجال البوليس. لكن ما يجعل الفيلم رائعاً ومهمّاً إلى اليوم، تصويره الموحي طوال الوقت من افتتاحيته فوق السلالم إلى متابعة تجوال القاتل بحثاً عن ضحايا. المشهد الذي يكتب فيه رجل حرف «م» على ظهر القاتل من دون علمه لكي يسهل اقتفاء أثره من بين تلك المشاهد الحاسمة وذات التنفيذ الرائع في فيلم يصنع من الواقع فناً في التشويق.
في دفاع القاتل عن نفسه في المحكمة يقول: «أنتم تختارون ارتكاب الجرائم، لكني لا أختار. بل أضطر». إيحاء سياسي آخر مر بهدوء آنذاك ثم تفاعل لاحقاً.
لانغ ولور هربا من ألمانيا في العام ذاته وتوجها إلى هوليوود، لكنهما لم يعملا معاً بعد ذلك الفيلم.

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز