مفاوضات أميركية ـ عراقية حول الوجود العسكري

نائب قائد قوات التحالف يعتبر ميليشيات إيران «أخطر من داعش»

محتجون عراقيون يشعلون النيران في احد شوارع بغداد أمس (رويترز)
محتجون عراقيون يشعلون النيران في احد شوارع بغداد أمس (رويترز)
TT

مفاوضات أميركية ـ عراقية حول الوجود العسكري

محتجون عراقيون يشعلون النيران في احد شوارع بغداد أمس (رويترز)
محتجون عراقيون يشعلون النيران في احد شوارع بغداد أمس (رويترز)

أكد المبعوث الأميركي الخاص بسوريا جيمس جيفري، أن بلاده تجري مفاوضات مع العراق حول وجودها العسكري هناك، بعد قرار مثير للجدل تبناه البرلمان يطالب بخروج القوات الأميركية، فيما اعتبر نائب قائد قوات التحالف الدولي ضد «تنظيم داعش» أن الميليشيات التابعة لإيران «أخطر من (داعش)».
وقال جيفري خلال مؤتمر صحافي في واشنطن، أمس، إن الإدارة الأميركية مستعدة للنقاش مع حكومة العراق حول دور قواتها في التحالف، لافتاً إلى أن «هناك مخاوف عراقية من عودة (تنظيم داعش) مرة أخرى». وأوضح أن التحالف أوقف عملياته في العراق، ويركز اهتمامه على حماية القوات، مشيراً إلى أن بلاده لا ترصد تصاعدا في أنشطة «داعش» في العراق وسوريا بعد مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني بضربة أميركية في بغداد.
وفي إشارة إلى قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأجنبية، قال إن «القرار غير ملزم لنا، والاتفاق بشأن قواتنا كان مع حكومة بغداد». وأضاف: «كانت عمليات القوات الدولية في التحالف ضد (داعش) متوقفة في العراق بسبب التصعيد والتهديدات التي واجهها من قبل إيران وميليشياتها العراقية، ويجري العمل مع الحكومة العراقية على معالجة هذا الأمر بالحوار والنقاش، وقد كان لقاء الرئيس دونالد ترمب مع الرئيس العراقي برهم صالح على هامش منتدى دافوس مثمراً لهذا الأمر».
ونقلت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن مسؤولين عسكريين في البنتاغون، أن القوات الأميركية قد تنشر منظومة دفاع جوي في العراق بعد الهجمات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت قاعدتي عين الأسد في الأنبار وحرير في كردستان العراق.
وقال مسؤول رفيع في البنتاغون إن الاعتقاد كان بأنه من المستبعد أن تشن إيران هجوماً بصواريخ باليستية، مضيفاً أنه «من المحتمل الآن أن يتم نشر منظومة باتريوت الأميركية للدفاع الجوي لحماية القواعد التي تضم قوات أميركية في العراق». ولم تتصد القوات الأميركية للصواريخ الإيرانية التي أطلقت لعدم امتلاكها منظومة دفاع جوي في تلك القواعد.
وقال نائب قائد عمليات التحالف ضد «داعش» الجنرال أليكس غرينكويتش إن الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران أصبحت تشكل خطراً أكبر من «تنظيم داعش». وقال في حديث للصحافيين، أول من أمس، إنه من المبكر استخلاص النتائج التي ترتبت على عملية القضاء على سليماني، سواء في العراق أو في مناطق أخرى. وأشار إلى أن تصويت البرلمان العراقي على قانون إخراج القوات الأميركية «لم يحظ بموافقة العراقيين كافة، وخصوصاً من قبل الجانبين الكردي والسُني».
وأشار إلى أن أنشطة التدريب والمشورة «على المستوى الأدنى مع القوات العراقية الشريكة لا تزال مستمرة، بيد أن بعض الجهود الاستشارية الرفيعة المستوى توقفت». وأكد أن «غالبية الهجمات التي قام بها وكلاء إيران في الأيام الأخيرة بقيت غير معقدة إلى حد كبير. وبمساعدة القوات العراقية، تمكنت الولايات المتحدة من تحديد نقاط انطلاق الهجمات بسرعة إلى حد ما باستخدام أجهزة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع».
تصريحات غرينكويتش تأتي في خضم نقاش سياسي وعسكري وأمني يجري في واشنطن، حول كيفية التعامل مع الميليشيات العراقية التي تدعمها طهران، والرد على الهجمات التي تزايدت وتيرتها على محيط السفارة الأميركية في بغداد وعلى بعض القواعد العراقية التي تنتشر فيها قوات أميركية في الآونة الأخيرة، بعد مقتل سليماني مع نائب قائد «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، في ضربة أميركية بداية العام.
وتستعد السفارة الأميركية اليوم لاحتمال توجه المظاهرة التي دعا إليها زعيم «التيار الصدري» في العراق مقتدى الصدر إليها، في ظل حالة استنفار أمنية عالية، تخوفاً من تكرار السيناريو الذي جرى في آخر يوم من السنة الماضية حين حوصرت السفارة.
وفيما يتعلق باستراتيجية القضاء على «داعش»، اعتبر غرينكويتش أن ملاحقة خلاياه هي في صلب المهمات التي ما زالت مرتبطة بعمليات القوات الأميركية التي تنفذها بالتنسيق مع الحلفاء في الجيش وقوات الأمن في العراق و«قوات سوريا الديمقراطية». وأكد أن «داعش» ما زال ينشط في وسط وادي الفرات في سوريا امتداداً إلى الحدود العراقية. وتابع أن التنظيم ما زال يشكل خطراً حقيقياً ولا ينبغي وقف العمليات ضده والضغط عليه كي لا تتاح له فرصة الظهور مجدداً. وذكر غرينكويتش أن القوات الأميركية مستمرة وبالتنسيق مع «قسد» في حماية أجزاء من البنى التحتية الأساسية، خصوصاً حقول النفط في شرق سوريا.
وأضاف أن «الصورة الكبيرة هي أن (داعش) لا يزال يشكل تهديداً، ولديه القدرة على الظهور مجدداً، إذا رفعنا الضغط عنهم لفترة طويلة. لكن على المدى القصير ورغم أننا عدلنا بعض أنشطتنا أخيراً في العراق وسوريا، فإنه لا يوجد حتى الساعة تهديد مباشر بأن التنظيم عاد إلى نشاطه فوراً». وقال إن «الولايات المتحدة تبقى على اتصال دائم وتواصل مع شركائها في العراق وسوريا الذين ساعدوا الولايات المتحدة في حماية القوات خلال الأسابيع القليلة الماضية».
وفيما يخص السيطرة على حقول النفط السورية في الشمال الشرقي، قال جيفري إن «قوات سوريا الديمقراطية هي من يتصرف في تلك الحقول البترولية بعدما كانت تحت سيطرة (داعش)»، موضحاً أن «الدور الأميركي يقتصر فقط في مساعدة قوات سوريا الديمقراطية في توفير الأمن لتلك الحقول، وضمان عدم عودة سيطرة (داعش) عليها». وأضاف أن «اتفاقية عدم التصعيد والخلاف مع القوات السورية والروسية والتركية في سوريا لا تزال سارية المفعول وتلتزم بها الأطراف كافة».
وشدد على مواصلة «الدعم السياسي والعسكري لقوات سوريا الديمقراطية في المناطق التي تخضع لسيطرتها، وذلك في محاربة ميليشيات (داعش) الإرهابية، مع تمكين القوات الكردية من الاستفادة من حقول النفط وإدارتها في تلك المناطق لصالحهم، مع الأخذ في الاعتبار في مواصلة الالتزام باتفاقية عدم التصعيد مع القوات الروسية والسورية».
وقال جيفري إن قوات التحالف ستعقد اجتماعاً للدول الأعضاء في كوبنهاغن الأربعاء المقبل، لبحث مستقبل الحرب على «داعش»، ومناقشة تفعيل دور حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العمليات التي يقوم بها التحالف الدولي في العراق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».