في اختتام مهرجان «أوشفيتز»... دعوة أميركية ـ إسرائيلية إلى وحدة الموقف ضد إيران

ماكرون: لا يمكن استخدام المحرقة لتبرير «الانقسام» أو «الكراهية المعاصرة»

الرئيس الإسرائيلي يتحدث إلى المنتدى الخامس للمحرقة اليهودية في متحف الهولوكوست في القدس أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإسرائيلي يتحدث إلى المنتدى الخامس للمحرقة اليهودية في متحف الهولوكوست في القدس أمس (إ.ب.أ)
TT

في اختتام مهرجان «أوشفيتز»... دعوة أميركية ـ إسرائيلية إلى وحدة الموقف ضد إيران

الرئيس الإسرائيلي يتحدث إلى المنتدى الخامس للمحرقة اليهودية في متحف الهولوكوست في القدس أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإسرائيلي يتحدث إلى المنتدى الخامس للمحرقة اليهودية في متحف الهولوكوست في القدس أمس (إ.ب.أ)

في اختتام المهرجان الدولي لإحياء الذكرى السنوية الـ75 لتحرير معسكر الإبادة النازي «أوشفيتز»، الذي أقيم في القدس الغربية، أمس الخميس، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ونائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، بموقف متشابه، معتبرين إيران تهديدا آخر للبشرية. وفيما حث بنس زعماء العالم إلى «الوقوف بحزم» ضد إيران، واصفا إياها بأنها الدولة الوحيدة التي تتنكر «سياستها» للمحرقة، قال: «يجب علينا أن نقف أقوياء ضد الحكومة الوحيدة في العالم التي تنكر سياستها وقوع المحرقة»، ودعا نتنياهو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات سريعة ضد «طغاة طهران» لتجنب «محرقة أخرى».
وأشاد نتنياهو بالعقوبات الأميركية على إيران، وقال إنه «يجب على دول العالم، التي تقف موحدة في إدانة النازية وجرائمها، أن تتخذ موقفا موحدا مشابها ضد إيران». وقال إنه «يجب على إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها للدفاع عن نفسها».
وقد برز كل من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بخطاب ذي لهجة مختلفة. فدعا بوتين إلى التعاون الدولي لتسوية الأزمات وتحقيق السلام. ودعا إلى عقد قمة لأعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين (روسيا، والولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة والصين)، من أجل «الدفاع عن السلام والحضارة في مواجهة انعدام الاستقرار في العالم»، وقال: «قمة للدول التي فعلت الكثير من أجل إلحاق الهزيمة بالمعتدي (النازي) وإنشاء نظام دولي لما بعد الحرب، ستلعب دورا كبيرا في البحث عن استجابات مشتركة للتحديات والأزمات المعاصرة».
وأعلن الرئيس الروسي في كلمته في المهرجان الدولي أن روسيا مستعدة لهذه المحادثة الجادة في أي مكان وأي بلد، وحيث يكون ملائما لزملائنا. وقال إنه طرح هذه الفكرة على «بعض» زعماء الدول المعنية وحصل على «رد فعل إيجابي».
وحذر بوتين من أنّ «نسيان دروس الماضي والانقسام في مواجهة التحديات، يمكن أن تكون لهما تداعيات رهيبة». وأضاف: «ينبغي علينا التحلي بالشجاعة والقيام بكل شيء للدفاع عن السلام والحفاظ عليه». وأكد أنّ «مسؤولية خاصة لصون الحضارة تقع على الدول الخمس، الدائمة العضوية في مجلس الأمن».
في هذه الأثناء، شدد الرئيس الفرنسي، ماكرون، في كلمته، على أنه لا يمكن استخدام المحرقة لتبرير «الانقسام» أو «الكراهية المعاصرة»، مضيفا: «لا يملك أحد حق استحضار موتاه لتبرير أي انقسام أو أي كراهية معاصرة».
وكان المنتدى العالمي لذكرى «الهولوكوست في إسرائيل»، بالشراكة مع ديوان رئيس الدولة رؤوبين رفلين ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجية، قد دعت زعماء الدول للمشاركة في هذا المهرجان الدولي، وقام بتنظيمه فياتسلاف موشيه كونتور، رئيس المؤتمر اليهودي في أوروبا الذي يعتبر أحد كبار الأوليغارشيين في روسيا ومن المقربين للرئيس بوتين، وأقيم في متحف ضحايا النازية «ياد فاشيم» في القدس الغربية. وقد فوجئ الإسرائيليون من مدى التجاوب مع الدعوة، إذ حضرته وفود عن 51 دولة، بينهم أربعة ملوك و26 رئيس دولة وعشرات الوزراء ورؤساء البرلمانات والمنظمات الدولية.
وكان نتنياهو ورئيس الدولة رؤوبين رفلين قد أجريا خلال اليومين الأخيرين لقاءات سياسية كثيرة، مع الضيوف. وحسب مصادر سياسية في تل أبيب، فإن الموضوع الإيراني هيمن على هذه اللقاءات، ومعه موضوع قرار المدعية العامة الدولية التحقيق مع إسرائيل و«حركة حماس» في جرائم الحرب الدولية التي ارتكبت خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة. وفي اللقاء مع الرئيس ماكرون حث نتنياهو باريس على فرض عقوبات على طهران كما فعلت الولايات المتحدة. وأشاد نتنياهو بالرئيس الفرنسي على تصريحه، الأربعاء، بأن «معاداة الصهيونية، هي معاداة للسامية عندما تكون نفيا لوجود إسرائيل كدولة».
وفي الاجتماع مع بوتين، قال نتنياهو: «أود أن أرحب بصديقنا العظيم الرئيس بوتين. يسرنا أنا وسارة أن نستضيفك مرة أخرى في منزلنا هنا في القدس، وأشكركم على العلاقة القوية بين روسيا وإسرائيل التي تخدم شعوبنا وبلداننا والسلام والاستقرار في المنطقة».
وبدوره، اعتبر بوتين أن من شأن زيارته أن «تعزز العلاقات الثنائية». وشاركت في جانب من الاجتماع، يافا يسساخر، والدة الشابة الإسرائيلية التي تقضي السجن الفعلي في روسيا بعد إدانتها بتهريب كمية من المخدرات.
وقال بوتين للصحافيين: «التقيت للتو مع والدة نعاما، ومن الواضح أن نعاما، تنحدر من عائلة جيدة للغاية، أعلم موقف رئيس الحكومة (نتنياهو) حول اتخاذ القرار المناسب، وتم أخذ كل ذلك بالحسبان خلال اتخاذ القرار».



مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
TT

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

حض مسؤولان أمميان من أعضاء مجلس الأمن على مواكبة العملية الانتقالية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم أن السلطات المؤقتة، برئاسة زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، «أبدت تحفظات» على بعض مندرجاته.

وحذّر المسؤولان الأمميان من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات»، في ظل مخاوف زائدة من العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، واحتمال استغلال «داعش» للوضع الراهن من جهة أخرى.

وعقد مجلس الأمن جلسته هذه حول سوريا، الأربعاء، فاستمع إلى إفادتين، الأولى من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، حول الأوضاع السياسية، ومن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، توم فليتشر، حول الحال الإنسانية في سوريا بعد شهر واحد من انهيار نظام الأسد.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة توم فليتشر يقدم إفادة لأعضاء مجلس الأمن حول سوريا (الأمم المتحدة)

وفي مستهل كلامه، أطلع بيدرسن أعضاء مجلس الأمن على التطورات الأخيرة في سوريا، وانخراطه مع السلطات المؤقتة بقيادة أحمد الشرع، الذي أعلن اتفاقات مع عدد من الفصائل المسلحة لحلها ودمجها في الجيش السوري الموحد، مشيراً إلى إعلان السلطات المؤقتة خططاً لعقد مؤتمر حوار وطني لجمع القوى السياسية والطائفية المختلفة لمناقشة العملية الانتقالية. ولاحظ أنه رغم أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن المؤتمر قد يعقد الشهر الحالي، فإن وزير خارجية الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني أفاد بأن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت، موضحاً أن الاستعدادات جارية لتشكيل لجنة تحضيرية تكفل أوسع تمثيل لشرائح الشعب السوري، علماً بأن الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة قاما بزيارات دبلوماسية إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، بهدف بناء الدعم لـ«استقرار سوريا وأمنها وانتعاشها الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».

6 نقاط

وعدّد بيدرسن ست نقاط رئيسة، أولها: «مواصلة السلطات المؤقتة العمل على هيكلة وتعزيز سلطتها». وأشار في الثانية إلى «علامات على عدم الاستقرار داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة»، بما في ذلك «تقارير متعددة عن حوادث عنف - في المنطقة الساحلية وحمص وحماة على وجه الخصوص - بما في ذلك روايات عن المعاملة المهينة والمذلة»، فضلاً عن «مقاطع فيديو لما يبدو أنها انتهاكات أو عمليات قتل خارج نطاق القضاء لمسؤولين من النظام السابق». وتتعلق الثالثة بوجود «مناطق كبيرة خارج سيطرة السلطات المؤقتة»، إذ «يستمر الصراع» وسط «تهديدات حقيقية لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها». وأوضح أنه «لا تزال مناطق الشمال الشرقي، وكذلك أجزاء من مدينة حلب، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب» في ظل «اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بالمدفعية بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري على وجه الخصوص». وحض على «تطوير كل قنوات الحوار ودعمها، كما حض كل الأطراف على إيجاد طريق للمضي قدماً من دون مواجهة عسكرية». وعبّر عن «قلق عميق إزاء استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي والنشاط العسكري، بما في ذلك خارج منطقة الفصل، في انتهاك لاتفاق فك الارتباط لعام 1974»، مضيفاً أنه «لا بد من وقف الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها». وشدّد على أن «(داعش) لا يزال يشكل قلقا كبيرا، مع استمرار نشاطاته، والمخاوف من أنه قد يسعى إلى الاستفادة من التقلبات الأمنية في بعض المناطق».

وإذ ركز في النقطة الرابعة على الحاجات الإنسانية الملحة للشعب السوري، أكد في الخامسة أن «الطريق إلى الأمام في الانتقال السياسي غير واضح»، علماً بأن «هناك عناصر إيجابية يمكن البناء عليها، ولكن هناك أيضاً عدة نقاط مثيرة للقلق يعبر عنها السوريون»، بما في ذلك «التعبير عن المواقف بشأن طبيعة الدولة قبل العملية الدستورية، أو إصدار قرارات سياسية طويلة الأجل فيما يتعلق بقطاع الأمن، أو في مجالات مثل التعليم». وقال: «تلقى بعض السوريين إشارات إيجابية من السلطات المؤقتة، خصوصاً من حيث التأكيد على الشمولية والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية (...) وفي الوقت ذاته، سمعنا مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية حول التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات في أي مؤتمر للحوار الوطني - وكذلك المشاركة، من حيث معايير الحضور وتوازن التمثيل».

وأكد في النقطة السادسة أنه «مستعد للعمل مع السلطات المؤقتة بشأن كيفية تطوير الأفكار والخطوات الناشئة والمهمة التي تم التعبير عنها حتى الآن والمبادرة بها نحو انتقال سياسي موثوق وشامل»، طبقاً للمبادئ المنصوص عليها في القرار «2254». ومع ذلك، أشار إلى أن «السلطات السورية المؤقتة أبدت تحفظات بشأن استمرار أهمية القرار (2254)»، داعية إلى مراجعته. وأكد أنه «شجع السلطات المؤقتة على الانخراط في حوار بشأن مخاوفها»، محذراً من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات مدنية».

الدعم المطلوب

أما فليتشر، فقدّم لمحة عامة عن الوضع الإنساني الصعب في البلاد، والجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية لتوصيل المساعدات في كل أنحاء البلاد. وقال إن الوضع الإنساني في سوريا «لا يزال مأسوياً» رغم الاستقرار النسبي في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أن «الخدمات الأساسية تحتاج إلى إعادة البناء، ويحتاج المدنيون إلى الحماية، وتواجه النساء والفتيات التهميش». وأكد أن «حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية، مع نزوح أكثر من 620 ألف شخص، ويواجه الكثير منهم ظروف الشتاء القاسية».

وطلب فليتشر من مجلس الأمن «دعم الضمانات باحترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل بحرية»، فضلاً عن «زيادة التمويل للدعم الأطول أمداً»، و«ضمان تدفق الدعم بكفاءة إلى داخل سوريا ومن خلالها، مع عدم إعاقة العقوبات للمساعدات الإنسانية والدعم من البلدان المجاورة».

مواقف الأعضاء

وعبّر أعضاء المجلس عن دعمهم لجهود بيدرسن، ودور الأمم المتحدة في «تيسير العملية الانتقالية والمبادئ المنصوص عليها في القرار (2254)». وتحدث بعضهم عن القلق من استمرار الأعمال العدائية في بعض أجزاء البلاد، خصوصاً الشمال، داعين إلى معالجة التوترات بين الفصائل العسكرية المختلفة، والحفاظ على الهدوء، والاتفاق على وقف النار على مستوى البلاد، فضلاً عن حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، في ظل «تقارير مقلقة» عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وأعمال انتقامية.

وسلط أعضاء مجلس الأمن الضوء أيضاً على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، والحاجة إلى منع «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى من إعادة بناء قدراتها. وطالب البعض بـ«احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، مندداً بالغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة.