مجلس الأمن يناشد الأطراف الليبية توقيع اتفاق لوقف النار قريباً

مشاورات أممية لإرسال «مراقبين غير مسلحين»

مجلس الأمن يناشد الأطراف الليبية توقيع اتفاق لوقف النار قريباً
TT

مجلس الأمن يناشد الأطراف الليبية توقيع اتفاق لوقف النار قريباً

مجلس الأمن يناشد الأطراف الليبية توقيع اتفاق لوقف النار قريباً

حض مجلس الأمن الأطراف الليبية على «المشاركة بشكل بنّاء» في اللجنة العسكرية المشتركة، التي جرى تأليفها أخيراً، خلال «مؤتمر برلين»، من أجل «توقيع اتفاق لوقف النار في أقرب وقت ممكن». بينما واصلت الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين)، مشاورات بخصوص إرسال «مراقبين غير مسلحين» للإشراف على الهدنة المنشودة.
وكشف دبلوماسيون غربيون لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات الجارية في غرف مغلقة «تركز على إنشاء فريق مراقبين، على غرار بعثة الأمم المتحدة لدعم تنفيذ اتفاق الحديدة بين الأطراف اليمنية»، علماً بأن بعثة «(أنسميل) في ليبيا ترسل تقارير عن الأوضاع في البلاد، وعن مدى التزام الأطراف بوقف الأعمال القتالية»، لا سيما بين قوات «حكومة الوفاق الوطني»، بقيادة فائز السراج، وقوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر.
ورجّح دبلوماسي أن تحتاج «أنسميل» إلى تفويض جديد من مجلس الأمن لتوسيع نشاطها، ومراقبة وقف النار بعد التوقيع عليه، علماً بأنها حظيت أخيراً ببعض الصلاحيات الإضافية، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2486.
وعقد أعضاء مجلس الأمن جلسة مغلقة استمعوا فيها إلى إحاطة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بخصوص «مؤتمر برلين» الذي عُقِد، الأحد الماضي، حول ليبيا. وأفاد رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الفيتنامي الدائم لدى المنظمة الدولية، دانغ دين كوي، بأن أعضاء مجلس الأمن رحبوا «بالنتائج التي توصل إليها القادة الدوليون في المؤتمر»، مؤكدين مجدداً «دعمهم» للمبعوث الخاص للأمين العام غسان سلامة، و«الجهود التي بذلها للتوصل إلى وقف دائم للنار، وحل سياسي ليبي بقيادة ليبية»، وحضوا الأطراف الليبية على «المشاركة بشكل بناء في اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) من أجل توقيع اتفاق لوقف النار في أقرب وقت ممكن»، معلنين أنهم سيجرون «مناقشات إضافية خلال الأيام المقبلة لمتابعة نتائج (مؤتمر برلين)».
وبعد جلسة مجلس الأمن، عبر غوتيريش عن اعتقاده أن «(مؤتمر برلين) خطوة كبيرة، إذ كانت المرة الأولى للجلوس على طاولة واحدة مع كل هذه الدول، التي لديها نفوذ مباشر أو غير مباشر فيما يتعلق بالصراع، والحصول على التزام منها بعدم التدخل، والتزام بدعم وقف النار، وحظر التسلُّح، ودعم عملية سياسية، وعدم انتهاك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ودعم إصلاح المؤسسات الاقتصادية والأمنية للبلاد»، وإذ أقر بأن «الطريق لا يزال طويلاً»، قال غوتيريش مستدركاً: «لدينا هدنة، لكنها تتعرض لبعض الانتهاكات، غير أنها ليست انتهاكات واسعة النطاق، بل موضعية حتى الآن. هذه فقط هي البداية»، مضيفاً أن «أحد الطرفين (حفتر) لم يعبّر بعد علناً عن دعمه للنتائج، رغم أنه يشارك في العمل الجاري حالياً».
ولفت غوتيريش إلى عقد أول اجتماع لاقتصاديين من الجانبين فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي، بموازاة انعقاد اللجنة العسكرية المشتركة، واعتبر أن «إنشاء منتدى سياسي سيكون بمثابة كيان يقود إلى عملية إصلاح، تسمح بتطبيع الحياة السياسية الليبية»، مشيراً إلى «أسماء قدمها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، لكن ستكون هناك أسماء عدة تختار منها الأمم المتحدة، ويجب أن تحظى بقبول الطرفين».
في غضون ذلك، شدد غوتيريش مجدداً على أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ومن ثم «التحرك باتجاه عملية سياسية حقيقية»، موضحاً أن «اجتماع مجلس الأمن مهم للغاية». ودعا إلى «تحويل الهدنة إلى وقف للنار، وإلى عملية سياسية حقيقية»، معتبراً أن «ضغط المجتمع الدولي مهم ودور مجلس الأمن مهم».
وبسؤاله عما إذا كان قد طلب من مجلس الأمن تبني قرار بشأن اتفاق برلين، أجاب غوتيريش موضحاً: «الأمر لا يعود لي... هذا بالطبع يعتمد على الدول الأعضاء، لكنني أعتقد أن تبني مجلس الأمن للمخرجات وما يعقبها من خطوات، ربما يكون مهماً للغاية»، مطالباً طرفي النزاع بأن «يقبلوا بالكامل مخرجات (قمة برلين)».
بدوره، حضّ الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك كل الدول الأعضاء على «الضغط على الطرفين للتأكد من إسكات البنادق»، ملاحظاً أن «هناك هدنة هشة صامدة، ولدينا بعض المقدرة على رصد الانتهاكات، وهذا جزء من ولايتنا، ولكننا لا نتمتع بقدرة واسعة النطاق على الرصد».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم