قال مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن استقلال السلطة القضائية في المغرب «لم يكن أبدا غاية أو هدفا، بل ركيزة لضمان الحقوق وصون الحريات، ورد المظالم ومكافحة الفساد وتحقيق الأمن القضائي، والمساهمة في بناء المغرب الجديد في سياق عالم متحول بقيم وعلاقات معقدة متغيرة متسارعة».
وقدم فارس، أمس خلال الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية 2020 بالرباط، حصيلة أول سنتين من استقلال السلطة القضائية، وفصلها عن وزارة العدل بالمغرب. وقال إن «التحدي الذي كان أمامنا هو البناء في العمق، ومواجهة الإكراهات بكل واقعية وتغيير العقليات بكل صبر، والتوجه نحو المستقبل بفكر خلاق مبدع». مشددا على أن نجاح مشاريع مجتمعية كبرى كهذه «يتطلب الكثير من الجرأة والحكامة لوضع الأسس الصحيحة، وإرساء الممارسات الفضلى على أرضية صلبة وبخطى ثابتة». ومن بين الأوراش الكبرى لإرساء دعائم السلطة القضائية المستقلة خلال السنة الماضية، أشار فارس إلى استكمال التأسيس الهيكلي للسلطة القضائية، من خلال «حرص المجلس الأعلى للسلطة القضائية على إعداد مخطط استراتيجي للموارد البشرية، سواء على مستوى استقطاب الأطر والكفاءات، أو على مستوى تكوينها وتأهيلها، والرفع من قدراتها وتدبير شؤونها الإدارية، وتتبع مساراتها الوظيفية». كما عمل المجلس على «تكريس استقلال السلطة القضائية في بعده الفردي، الذي يرتكز في الكثير من مداخله على تكريس الضمانات الدستورية والقانونية المخولة لفائدة القضاة، وتتبع مساراتهم المهنية، وتدبير ملفاتهم الإدارية، وتلقي شكاواهم وتظلماتهم بفعالية وحرص ومسؤولية».
ودعا فارس المسؤولين القضائيين بمختلف محاكم المملكة إلى «صيانة حرمة المحاكم وهيبة العاملين بها، من خلال التزامكم بقيمكم الأخلاقية، وواجباتكم القانونية. وستجدون في المجلس الأعلى كل الدعم والسند لمكافحة جميع مظاهر الفساد، ومواجهة كل منافذ الاختلال والتسيب». كما دعاهم إلى جعل المحاكم نماذج لإدارة قضائية ناجعة وفضاءات لإنتاج عدالة سريعة متطورة... لا مجال فيها اليوم للتساهل مع المستهترين والسماسرة المتاجرين بمشاكل المواطنين وهمومهم.
وأضاف فارس موضحا: «يجب التذكير بكل حزم أن المجلس سيتصدى بنفس الجدية لكل الشكاوى الكيدية، التي تستهدف فقط التشهير أو التشويش، أو التأثير على حياد القضاة واستقلاليتهم». وقال إن «الدفاع عن استقلال القاضي وكرامته، وإن كان واجبا فرديا على القضاة، ويدخل في صميم عمل المجلس الأعلى كمؤسسة، فإنه في المقام الأول حق للجميع، ومكسب يجب الذود عنه والحفاظ عليه من كل المؤثرات. ولا بد أن يدرك الجميع أنه لا تساهل مع من يسيء إلى صورة القضاء، أو يطبع مع الفساد».
من جانبه، شدد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك ورئيس النيابة العامة، على الأهمية التي يكتسيها موضوع محاربة الفساد، داعيا كل أعضاء النيابة العامة إلى الإسهام في محاربة الفساد، وجعله على رأس اهتماماتهم. وأكد عبد النباوي أن «المرحلة تقتضي بذل المزيد من الجهد من أجل إرساء قواعد نيابة عامة مواطنة، قريبة من انشغالات المواطنين، مصغية لهم، وتتفاعل مع الأحداث التي تستأثر باهتمامهم». داعيا أعضاء النيابة العامة إلى الانخراط «عن اقتناع وإيمان في صياغة نموذج متطور للنيابة العامة، توفر للمواطن سهولة الولوج إلى العدالة، والانفتاح على المحيط، والتواصل الإيجابي، ومحاربة كل مظاهر الفساد، سواء داخل بيت العدالة أو خارجه، عن طريق الحرص المستمر على تطبيق القانون بفعالية ونجاعة».
وفي جرده للمعطيات الرقمية للسنة القضائية المنتهية، أشار عبد النباوي إلى أن عدد القضايا المسجلة خلال 2019 بلغ 51591 قضية مرتفعا بنسبة 21.21 في المائة مقارنة مع سنة 2018، فيما بلغ عدد القضايا المحكومة 46727 قضية، أي بزيادة 17.7 في المائة مقارنة بالعام السابق.
المغرب: رئيس السلطة القضائية يدعو إلى عدم التساهل مع الفساد
ارتفاع عدد القضايا المسجلة بمحاكم البلاد بنسبة 21 % في 2019
المغرب: رئيس السلطة القضائية يدعو إلى عدم التساهل مع الفساد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة