اللبنانيون بين عدم الثقة بالحكومة والدعوة إلى منحها فرصة

TT

اللبنانيون بين عدم الثقة بالحكومة والدعوة إلى منحها فرصة

«هي حكومة الثلث المعطل من الجنس اللطيف» أو هي «طبخة بحص» أو «دعوها تعمل لكي نرى خيرها من شرها» بهذه العبارات عبر لبنانيون عن رأيهم بالحكومة الجديدة وردود فعل الشارع في آن معاً. ليضيف أحدهم: «ماذا يمكن أن ننتظر من وزراء يشكرون زعيمهم على الهواء فور توزيرهم، ومن آخرين قاموا بزيارة مرجعيتهم السياسية حتى قبل تسلم حقائبهم».
ويقول الطالب الجامعي أسامة إن «تمييز رئيس الحكومة حسان دياب ومعه كثير من المسؤولين بين الحصول على ثقة المجلس والحصول على ثقة الشارع، يدل على أن المجلس النيابي لم يعد يمثل اللبنانيين. كما أن دياب الذي وعد لدى تكليفه بأنه سيجري انتخابات مبكرة عاد وتملص من الأمر في إجابته على سؤال متعلق بهذا الشأن، مبرراً الأمر بوضع قانون وإرساله إلى مجلس النواب ليدرسه ويقره. وربما يستغرق الأمر فترة طويلة. وبعد ذلك لكل حادث حديث. لذا لا بد من العودة إلى الشارع ليأخذ اللبنانيون حقوقهم ويحققوا مطالبهم».
ويستبعد طبيب الأسنان الدكتور إيلي شعيا أن تنتج هذه الحكومة أو تعمر لفترة طويلة. ويقول لـ«الشرق الأوسط» «لو قُدِّر لـ(حزب الله) حكم البلد بظلال سعد الحريري لكان حقق أعلى أهدافه. أما ولأسباب يدركها وحده، تُرِك منفرداً في مواجهة الضغوط الغربية وسط احتدام المواجهة الأميركية - الإيرانية، فاضطر إلى هذه الحكومة التي تضم بعض الوجوه المميزة، إلا أنها غير قادرة على تأمين غطاء شرعي كافٍ في المرحلة المقبلة، وتجربة حكومة نجيب ميقاتي ذات اللون الواحد لا تزال ماثلة في الأذهان».
وتقول سيدة أعمال لـ«الشرق الأوسط» إنها «تعاني منذ أشهر في مؤسستها، حتى أنها تعجز عن دفع رواتب الموظفين. ومع هذه الحكومة تشعر أن الانهيار سيصبح أسرع. والأنكى أن دياب يستخف باللبنانيين ويستهين بذكائهم، فجوابه على سؤال يتعلق بمدى اختصاص وزيرة الدفاع في الحقيبة التي تسلمتها، كان كارثة. ولا يتناسب مع ما ينتظره اللبنانيون منه. واستباق إعلانه تشكيلة الحكومة بتثبيت سعر صرف الدولار، يدل على أنه يلعب لعبة الطبقة السياسية المعهودة ويسعى إلى تلميع صورة حكومته. إلا أن من اختارهم محسوبون على زعامات بعينها، مهما حاول أن ينفي ذلك. كان عليه أن يحترم عقول اللبنانيين أكثر، وليس تغليب المحسوبيات على المصلحة العامة».
ويعتبر فادي، وهو موظف في إحدى الشركات المالية، أن «هذه الحكومة شكلت القشة التي قصمت ظهر البعير». وبعد تركه عملاً لائقاً في الخارج ليعود إلى لبنان ويمنح أولاده بيئة عائلية لبنانية، يفكر الآن بالسفر من جديد. ويؤكد أن مجموعة من زملائه يفكرون مثله.
إلا أن البعض لا ينظر إلى الحكومة الجديدة بهذه السلبية. وتقول ندى رزق وهي موظفة في شركة غذائية، لـ«الشرق الأوسط» إن «الهجوم المسبق على الحكومة، وبهذا الشكل العنفي وقطع الطرق والتكسير ورشق الحجارة، يؤكد أن هناك من لا يريد الخير للبنان. ألم يطالب المتظاهرون بحكومة اختصاصيين؟ ها هي قد تشكلت. كيف يحكمون عليها بالفشل حتى قبل أن تعمل؟ علينا أن نمهلها ونرى إن كانت قادرة على تحسين الأوضاع بحيث توقف الانهيار الاقتصادي والمالي. وعلينا ألا ننتظر المعجزات، لكن بعض السياسات الحكيمة قد تفتح المجال لخطوات إنقاذ فعالة. وضعنا المأساوي يجبرنا على منح الحكومة فرصة حتى لا تعم الفوضى ونخسر لبنان».
ويوافقها زميلها على ما تقول، ويرى أن «الحكومة الجديدة أوعزت للقوى الأمنية باستيعاب هذا الغضب وتركه يأخذ مداه، ليرتاح الجمهور. وبعد ذلك سيرى أن من تمت تسميتهم قادرون على مواجهة الأوضاع بعيداً عن التجاذبات السياسية. وكون الحكومة من لون واحد سيريح اللبنانيين من النزاعات بشأن المحاصصة التي كانت تشل عمل الحكومات السابقة. لذا أنا متفائل. وعلى المحتجين أن يهدأوا ويراقبوا. وعندما لا يعجبهم أداء حكومة دياب بإمكانهم العودة إلى الشارع».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».