كلاسيكيات روسية وكتب عربية جديدة في معرض القاهرة للكتاب

كلاسيكيات روسية وكتب عربية جديدة في معرض القاهرة للكتاب
TT

كلاسيكيات روسية وكتب عربية جديدة في معرض القاهرة للكتاب

كلاسيكيات روسية وكتب عربية جديدة في معرض القاهرة للكتاب

تشارك هيئة قصور الثقافة المصرية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الواحدة والخمسين الذي بدأت فعالياته 22 يناير (كانون الثاني) الحالي حتى 4 فبراير (شباط) المقبل بعدد كبير من الإصدارات المصرية والعربية والترجمات العالمية، ويتصدرها 18 عنواناً من روائع الثقافة الروسية في الأدب والفكر والفلسفة بمناسبة عام الثقافة المصري – الروسي، ومنها «الشقيقتان» تأليف ألكسي تولستوي ترجمة محمد بدران، و«المعلم ومارجريتا» تأليف ميخائيل بولغاكوف ترجمة يوسف حلاق، و«سوار العقيق» تأليف ألكسندر كوبرين ترجمة أبو بكر يوسف، ثم «بحثاً عن السعادة» تأليف ألكسندر أغناتنكو ترجمة توفيق سلوم، و«مولد إنسان» تأليف مكسيم جوركي، و«عش النبلاء» تأليف إيفان تورجينيف وهما من ترجمة غائب طعمة فرمان، و«الآباء والبنون» تأليف إيفان تورجينيف ترجمة خيري الضامن، و«بطل من هذا الزمان» تأليف ليرمونتوف، و«الموسيقي الأعمى» تأليف فلاديمير كورولينكو، و«التمساح وبوبوك... وقصص أخرى» تأليف دوستويفسكي، ومن ترجمة فؤاد كامل، «تاريخ الفلسفة الروسية» تأليف نيقولاي لوسكي، و«رؤية دوستويفسكي للعالم»، وهما من تأليف نيقولا برديائف. ومن الإصدارات الأخرى، «أمسيات قرب قرية ديانكا» لنيقولاي جوجول ترجمة إبراهيم ذكي خورشيد، و«ذات يوم في مصر» تأليف مجموعة من الكتاب وهو من ترجمة الدكتور أنور إبراهيم وعلي فهمي عبد السلام.
من جهة أخرى، أعلن الشاعر جرجس شكري المسؤول عن إدارة النشر بالهيئة عن صدور عدد من كلاسيكيات الأدب والفلسفة، منها «الكون والفساد» لأرسطو ترجمة أحمد لطفي السيد، و«المدينة الفاضلة» لـكارل بيكر ترجمة شفيق غربال، و«اعترافات هيتشكوك» ترجمة محمود علي، و«ماجدولين» التي قام بتعريبها الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي.
أما الناقد الروائي سيد الوكيل المسؤول عن سلسلة «إبداعات قصصية»، فذكر أن زوار المعرض سوف يكونون على موعد مع 30 عملاً قصصياً وروائياً، منها ثمانية كتب جديدة لكتّاب بعضهم لا يعرف القراء عنهم شيئاً، ومنها رواية «خلخلة الجزور» للأديب فكري داود، و«قهوة بونتيرو» وهي مجموعة قصصية من تأليف حسام المقدم، و«الشارع أصفر» تأليف إسلام العشري.
وأشار الوكيل إلى أن «النشر الخاص رغم قدراته التسويقية لم ينجح في إزاحة النشر المؤسسي. وقد لاحظت هذا في بداية رئاستي للسلسلة، فقد كنا نبحث عن كتاب متميزين لننشر لهم وكانوا غالباً يفضلون النشر الخاص. أو يمنحوننا الأعمال التي لا يرحب بها النشر الخاص كالقصة باعتبار أننا في زمن الرواية، لكن مع الوقت نجحنا في تقديم روايات متميزة بدأت برواية (شاهينوب) لهدى حسين وفازت بجائزة معرض الكتاب، وآخرها رواية (عنكبوت في القلب) المرشحة في القائمة القصيرة لجائزة الشيح زايد، كما أننا نجحنا في جذب كتاب كبار مثل سلوى بكر، وسوف يكون في متناول رواد المعرض مجموعتها القصصية (مسرح زوبة)، وهناك أعمال مميزة كثيرة، لمحسن يونس، وسمير المنزلاوي، وطارق فراج، وسيد نجم، وممدوح رزق، ومصطفى البلكي».
وقال الوكيل، إنه نتيجة لهذا الأداء فإن الإقبال على السلسلة فاق كل توقعاتي، فخلال عام 2019، ورد إلينا 45 عملاً، أغلبها متميز وصالح للنشر، وبسبب هذه الكثافة قمت بإجراء توسعات في هيئة التحرير، ولدينا عدد كبير من النقاد والأكاديميين يفحصون الأعمال المرشحة للنشر من أجل رفع مستوى التقييم الفني للأعمال القادمة للوصول لأعلى مستوى ممكن».



«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.