ظهور الفنان يوسف فوزي مصاباً بـ«الشلل الرعاش» يثير تعاطفاً في مصر

نقابة الممثلين تطمئن الجمهور على صحة خالد النبوي

ظهور الفنان يوسف فوزي مصاباً بـ«الشلل الرعاش» يثير تعاطفاً في مصر
TT

ظهور الفنان يوسف فوزي مصاباً بـ«الشلل الرعاش» يثير تعاطفاً في مصر

ظهور الفنان يوسف فوزي مصاباً بـ«الشلل الرعاش» يثير تعاطفاً في مصر

قبل نحو عشرين عاماً، جسد الفنان المصري يوسف فوزي في مسلسل «أوبرا عايدة» دور طبيب جرّاح عبقري، لكنه حاد الطبع، أصيب بمرض الشلل الرعاش فيختار اللجوء للعزلة، ويقرر في منعطف إنساني أن يظهر وهو يُدلي بشهادة حق في قاعة المحكمة ليُساند تلميذته الطبيبة عايدة ويُشارك في تبرئتها، مُتجاوزاً بهذا الظهور عقبة نفسية ضخمة وهو يظهر في صورة تُهدد مكانته المهنية كجراح شهير.
قبل أيام ظهر يوسف فوزي، وقد ظهرت عليه علامات مرض الشلل الرعاش في مرحلة متقدمة، ولكن هذه المرة ليس عبر دور درامي، وإنما عبر لقاء فيديو سجله معه موقع إخباري مصري، يرصد وضع المرض الذي أصاب الممثل المصري أخيراً.
التقط فوزي هذه المقاربة بين دوره الدرامي في «أوبرا عايدة» وما وصل له حاله في الواقع مع هذا المرض في الحوار المُصوّر، معرباً عن دهشته لالتقاء القدر والدراما لهذا الحد، وهو يتذكر دور الطبيب «جلال عوني» الذي أداه في المسلسل الذي تم إذاعته عام 2000.
أثار ظهور فوزي بهذه الحالة موجة تعاطف كبيرة للوضع المرضي الذي تسبب في ابتعاد الفنان المصري (74 عاماً)، عن الأضواء خلال السنوات الأخيرة، لا سيما أن اسمه ارتبط بالعديد من الأدوار المميزة سواء في الدراما التلفزيونية أو السينمائية، إلا أن موجة أخرى من الانتقادات طالت الصحيفة التي أجرت الحوار، مُشككين في موافقة فوزي على ظهوره بهذه الصورة، في تلميح لتصوير الحوار فيديو خلسة دون علم فوزي، وهو ما نفاه الفنان تماماً، مؤكداً موافقته على الإذاعة، مع شكره للجمهور الذي أبدى تعاطفاً كبيراً معه.
في الحوار المثير للجدل، أبدى فوزي الكثير من الرضا، وتعايشه مع وضعه الصحي المُتراجع، مُستعيناً بعبارات الحمد والشكر لله، ودعوات بحُسن الخاتمة، مشيراً لرضاه أيضاً عن مشواره الفني الذي أعلن عن رفضه الاستمرار به نظراً لأن الأدوار التي أصبحت تُعرض عليه هي «أدوار صغيرة» تدور جميعها عن مريض بالشلل الرعاش، وهو ما رفضه لأنه على حد تعبيره لا يريد «الظهور بهذا الشكل بعد هذا العمر».
يوسف فوزي، الذي أعلن اعتزاله للفن عام 2016. وُلد في 8 فبراير (شباط) 1945، لأب مصري، وأم إنجليزية، وتخرج في كلية التجارة جامعة القاهرة ثم سافر واستكمل تعليمه الجامعي في الخارج، وبعد 5 سنوات عاد إلى مصر وعمل في قسم الصوت باستديو مصر.
ورفض والداه دخوله التمثيل، إلا أنه أصر على حلمه، فظهر أول مرة على الشاشة في دور في فيلم «اللعبة القذرة» عام 1981 للمخرج أحمد يحيى، ثم في فيلم «رجال في سجن النساء» عام 1982 للمخرج حسن الصيفي، وعام 1983. ظهر في 3 أفلام هي: «وحوش الميناء» و«عنتر شايل سيفه» و«الغول».
وتألق فوزي في فيلم «النمر الأسود»، مع الفنان أحمد زكي، ثم شارك مرة أخرى في فيلم «الهروب»، وتوالت مشاركاته في الكثير من الأفلام مثل: «حتى لا يطير الدخان»، و«شاهد إثبات»، «شبكة الموت»، «الجاسوسة حكمت فهمي»، و«ظرف طارق» و«بلبل حيران» و«غش الزوجية» و«ظاظا» وغيرها. فيما كثف عمله في الدراما مع أواخر التسعينيات، وقدم مسلسلات عدة منها: «هوانم جاردن سيتي»، «القرموطي في مهمة رسمية»، و«أوبرا عايدة»، و«فارس بلا جواد»، و«لحظات حرجة»، و«الملك فاروق»، وكانت آخر مشاركاته الدرامية في مسلسل «ولي العهد» مع المخرج محمد النقلي.
وعادة ما يرتبط بالظهور الإنساني الذي يتحدث فيه النجوم بشفافية عن أزماتهم الصحية، بسياق واسع من التعاطف من جانب الجمهور، كما حدث أخيراً مع حالة يوسف فوزي، ومن قبلها كانت هناك الكثير من الحالات، لعل أبرزها اعتراف الفنان المصري الراحل فاروق الفيشاوي بإصابته بمرض السرطان وهو يُلقي كلمته في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وهي الكلمة التي تم تداولها على نطاق واسع على «السوشيال ميديا» وسط موجة من التعاطف والتحية لشجاعة الفنان الراحل، ومن بين النماذج الشهيرة أيضاً التي تعاطف معها الجمهور بشدة، الفنانة اللبنانية إليسا التي أعلنت عن إصابتها بسرطان الثدي عبر فيديو كليب أغنيتها «إلى كل اللي بيحبوني» في تصريح عن تهديد مرضي طال حياتها الشخصية والفنية.
وفي توالي لأخبار الأزمات الصحية للنجوم، فقد أُعلن عن انتقال الفنان المصري خالد النبوي لأحد المستشفيات بعد أزمة صحية مفاجأة، أدت لخضوعه لإجراء عملية قسطرة في القلب، وسط تصريحات من نقيب الممثلين المصري أشرف زكي عن استقرار حالة نبوي الصحية، وعدم صحة ما تردد عن استدعاء حالته لإجراء عملية جراحية أخرى، وأبدى عدد كبير من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي تعاطفهم الشديد معه متمنيين سرعة شفائه.
ويأتي هذا الخبر في وقت يعيش فيه النبوي حالة تألق فني لافتة، لا سيما بعد إذاعة مسلسل «ممالك النار»، الذي أدى فيه دور السلطان طومان باي، وكذلك بطولة فيلم «في يوم وليلة» الذي يُعرض حالياً في السينما.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».