حكومة لبنان الجديدة: غضب في الشارع وعلى مواقع التواصل

- قطع أحد الطرق في بيروت احتجاجاً على الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)
- طريق قطعه المحتجون في العاصمة بيروت (إ.ب.أ)
- قطع أحد الطرق في بيروت احتجاجاً على الحكومة الجديدة (إ.ب.أ) - طريق قطعه المحتجون في العاصمة بيروت (إ.ب.أ)
TT

حكومة لبنان الجديدة: غضب في الشارع وعلى مواقع التواصل

- قطع أحد الطرق في بيروت احتجاجاً على الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)
- طريق قطعه المحتجون في العاصمة بيروت (إ.ب.أ)
- قطع أحد الطرق في بيروت احتجاجاً على الحكومة الجديدة (إ.ب.أ) - طريق قطعه المحتجون في العاصمة بيروت (إ.ب.أ)

يبدو أن تشكيل حكومة جديدة في لبنان بعد نحو ثلاثة أشهر من استقالة حكومة سعد الحريري، لم يأتِ على قدر آمال وتطلعات جزء كبير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الشارع في 17 أكتوبر (تشرين الأول) للمطالبة بنزع السلطة السياسية التي يتهمونها بالفساد.
وبعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس حسان دياب تشكيل حكومة جديدة، وقعت مواجهات بين عدد من المحتجين على حكومة دياب، وبين القوى الأمنية، بسبب قيام الأخيرة بمنع المحتجين من الدخول إلى ساحة النجمة في بيروت، حيث مقر مجلس النواب، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
ورشق المحتجون القوى الأمنية بالحجارة والمفرقعات، بينما قامت القوى الأمنية برش المحتجين بالمياه وإلقاء القنابل المسيلة للدموع. وتسببت المواجهات بسقوط عدد من الجرحى.
ويعتبر المحتجون أن الحكومة «غير مستقلة ولا تمثل إلا بعض أركان السلطة»، رافضين «الاستهتار بمطالبهم بعد مائة يوم من الثورة».
وكان عدد من المحتجين الرافضين لحكومة دياب، تجمعوا مساء أمس (الثلاثاء) في وسط بيروت بالقرب من المجلس النيابي، إثر ورود معلومات عن اقتراب الإعلان عن تشكيل الحكومة.
ويرى المحتجون الرافضون للحكومة الجديدة أنها تشكلت من «وزراء تابعين للسلطة السياسية»، ودعوا إلى إسقاطها، قائلين إن «الحكومة لن تمر، وهي حكومة غير اختصاصيين وحكومة مستفزة، ولا تلبي مطالب المحتجين منذ 17 أكتوبر».
وقام المحتجون بقطع الكثير من الطرقات في العاصمة بيروت، وجنوبها وفي جبل لبنان وشماله وشرقه وجنوبه، بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة.
ويطالب المحتجون بتشكيل حكومة تكنوقراط إنقاذية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وخفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية، واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين.
إلا أن موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول تشكيل حكومة جديدة في لبنان كان إيجابياً، حيث قال إنه سيعمل مع رئيس الوزراء الجديد من أجل دعم الإصلاحات في البلد المثقل بالديون الذي يصارع أزمة اقتصادية، وفقاً لوكالة «رويترز». وأوضح بيان أصدره المتحدث باسم غوتيريش أيضاً أن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم لبنان في «تعزيز سيادته واستقراره واستقلاله السياسي».
وبعد 33 يوماً من تكليف دياب بتشكيل حكومة جديدة، أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكيّة مساء أمس من القصر الجمهوري في بعبدا، مراسيم تشكيل حكومة جديدة من 20 وزيراً، بينهم 6 وزيرات للمرة الأولى برئاسة حسان دياب، خلفاً لحكومة سعد الحريري.
وتنتظر الحكومة مهمة صعبة تتمثّل بإعادة إحياء اقتصاد منهار واسترداد ثقة المتظاهرين الذين عادوا إلى الشارع فور الإعلان عن التشكيلة الجديدة.
وقال وزير المال اللبناني الجديد غازي وزني أمس إن الأزمة المالية والنقدية التي لم يشهدها لبنان «منذ ولادته» تحتاج إلى دعم الداخل والخارج.
ودفعت أزمة السيولة البنوك إلى الحد من وصول المودعين إلى ودائعهم بالليرة اللبنانية والعملات الأجنبية لا سيما الدولار الأميركي. كما فقد الكثير من اللبنانيين وظائفهم وتضاعفت نسبة التضخم.
وقال وزني إنه إذا استمرت هذه الأزمة فسوف «نصل إلى الإفلاس»، مشيراً إلى أن لبنان يعيش في انكماش اقتصادي وأنه يتعين على الحكومة أن تضع خطة أو برنامج إنقاذ شامل من أجل استعادة الثقة.
وأوضح أن لبنان سيواجه مشكلة كبيرة إذا لم تحصل الحكومة على دعم من الخارج.
وتتألف الحكومة من وزراء يتولّون جميعاً، باستثناء اثنين هما رئيس الحكومة حسّان دياب ووزير البيئة دميانوس قطار، حقائب وزارية للمرة الأولى، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتضمّ الحكومة الجديدة 6 نساء، وللمرة الأولى في تاريخ الحكومات اللبنانية، أسندت إلى امرأة هي زينة عكر عدرا حقيبة الدفاع ومنصب نائبة رئيس الحكومة، لتصبح أول وزيرة دفاع بالعالم العربي.
وقد رفضت أحزاب عدّة المشاركة في الحكومة، على رأسها تيار المستقبل برئاسة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وحزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة وليد جنبلاط. وبالتالي، انحصرت اتصالات دياب خلال العمل على تشكيلة حكومته على فريق واحد يتمثل بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون ويرأسه صهره جبران باسيل، وحلفاؤه وأبرزهم «حزب الله» و«حركة أمل» التي يترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وجرى الاتفاق أمس على تأليف حكومة لا تتضمن ثلثاً معطلاً لأي طرف، حيث تبلور الاتفاق الذي قضى بتوسعة الحكومة إلى 20 وزيراً.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، برزت ردود الأفعال الرافضة لحكومة دياب رغم إشادة البعض بوجود تمثيل بارز للمرأة اللبنانية فيها.
وانتشر وسم «حكومة الفشل» على «تويتر»، حيث علَق أحد المغردين قائلاً: «تبدلت الأسماء... والحاكم واحد #حكومة_الفشل».
https://twitter.com/fatfatjunior/status/1219888596825640960
وكتب آخر: «#حكومة_الفشل مثل أحزابكم الفاشلة والفاسدة».
وغردت احدى الناشطات: «هلّق المفهوم لكلمة اختصاصيين إنّو نجيب كمشة عالم متعلّمة ومعها شهادات بس نحطّون بالمكان الخطأ لأن «حسب» كيف بتزبط المحاصصة؟ #حكومة_الفشل».
https://twitter.com/Eliejamhour1/status/1219885937586581505

https://twitter.com/MonzerGhinwa/status/1219880635671683072



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.