أشتية: نعد الضفة الغربية منطقة واحدة

قال إن حكومته لا تتعامل مع تصنيفات المناطق المتفق عليها في أوسلو

TT

أشتية: نعد الضفة الغربية منطقة واحدة

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن حكومته تعمل من أجل وقف التمييز، ومحو خطوط الترسيم المصطنعة لتصنيف المناطق المعروفة بـ«أ» و«ب» و«ج» في الضفة الغربية.
وأضاف أشتية، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: «نعد الضفة الغربية بأكملها منطقة واحدة لا يمكن أن تتجزأ»، وأكد أن الحكومة الفلسطينية لا تميز بين تلك المناطق المصنفة، وأنها تعمل على تطويرها وتنميتها في الوقت نفسه. وقال أشتية إنه رغم تصرفات إسرائيل في المنطقة «ج» وباقي الضفة، فإنه بالنسبة له بصفته رئيساً للوزراء، وبالنسبة لحكومته، فإن الضفة بكاملها هي منطقة «أ».
والضفة الغربية مقسمة إلى 3 مناطق، بحسب اتفاقات «أوسلو»، وهي: «أ» و«ب» و«ج». وبحسب التصنيف المعمول به منذ 26 عاماً، فإن المنطقة «أ» تتضمّن المراكز السكانية الفلسطينية الرئيسية، وتقع تحت السيطرة الفلسطينية أمنياً وإدارياً، وتبلغ مساحتها 18 في المائة من مساحة الضفة الغربية؛ فيما تقع مناطق «ب» تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية والسيطرة الأمنية لإسرائيل، وتبلغ مساحتها 21 في المائة من مساحة الضفة الغربية؛ أما مناطق «ج» فتقع تحت السيطرة الإسرائيليّة أمنياً وإدارياً، وتبلغ مساحتها 61 في المائة من مساحة الضفة الغربية. وفي المنطقة «ج» توجد مستوطنات ومساحات أراضٍ واسعة وطرق خاصة بالمستوطنين، وتؤدي إلى القدس المعزولة عن باقي الضفة الغربية. لكن في سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلنت السلطة إلغاء التصنيفات، وقالت إنها تعتزم منح تراخيص بناء في كل الضفة، حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات الإسرائيلية أمنياً وإدارياً.
ووجه وزير الحكم المحلي مجدي الصالح آنذاك للمجالس البلدية والمحلية بإعادة هيكلة المخططات التنظيمية في المناطق كافة، بغض النظر عن التصنيفات الإسرائيلية. غير أن أي شيء لم يتغير على الأرض، بل هدمت إسرائيل في خطوة اعتيادية مكررة ممتلكات فلسطينية في المنطقة «ج»، وأرست لبناء مستوطنات جديدة. وفي معرض رده على سؤال حول الجدوى الاقتصادية من بناء وتطوير منطقة من الممكن أن تدمرها إسرائيل، قال أشتية: «إن المسألة ليست اقتصادية، بل هي تعبير عن الإرادة السياسية. إذا قمنا فقط بحسابات الجدوى الاقتصادية والخسائر المادية، فلن يتم فعل شيء. من جانبنا، هناك إرادة سياسية للحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية، وهذا هو الشيء الأكثر أهمية، ولا يمكن لأي اتفاقية أن تمنعنا من تطوير أراضينا وزراعة الحقول وتحسين البنية التحتية، لا يوجد أي شروط تمنعنا من ذلك. وحين يدمر الإسرائيليون حقلاً أو مصنعاً أو غيره، فهم من ينتهكون الاتفاقيات».
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني أنه لا يوجد أي شيء في الاتفاقيات يمنع تنفيذ مشاريع تطويرية في مناطق «ج»، مشيراً إلى أهمية تنفيذ مشاريع في المناطق التي تمنع إسرائيل إيصال البنية التحتية لها، مثل منطقة مسافر يطا في الخليل، لافتاً إلى أنه تم إمداد هذه المنطقة مثلاً بأنابيب مياه من قبل المجلس المحلي، إلا أن الإدارة المدنية الإسرائيلية دمرتها منذ أشهر.
وشدد على أنه اعتمد منذ بدء توليه الحكومة استراتيجية واضحة للانفصال عن التبعية للاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز القدرة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني، بما في ذلك مجالات الزراعة والصناعة، مشيراً إلى أنه يعمد إلى ربط الأسواق المحلية بالدولية، والاستيراد والتصدير منها وإليها مباشرة. وأوضح أنه تم التوصل لاتفاق مع العراق لبيع السلطة الفلسطينية الوقود بسعر منخفض، خاصة أن الوقود يعد أكبر النفقات لدى الحكومة، ويتم كل يوم شراء 3 ملايين لتر من إسرائيل، ويتم دفع 650 مليون شيقل إسرائيلي كل شهر، لكن الوقود العراقي المخفض سيحد من مصاريف الميزانية إلى حد كبير. ورفض أشتية الانتقادات من منظمات غير حكومية حول التنمية، مبيناً أن هناك نمواً اقتصادياً بنسبة 1.9 في المائة، وأن ذلك يرجع إلى خفض الإنفاق، وتحسين تحصيل الضرائب، ومنه تهريب الوقود من إسرائيل، مبيناً أنه سيقدم خطته الاقتصادية الكاملة إلى الرئيس محمود عباس والمواطنين الشهر المقبل.
ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية تواجه 4 حروب تشنها إسرائيل في وقت واحد، وهي: حرب جغرافية من خلال توسيع المستوطنات؛ والضغط الديموغرافي، كما هو الحال خلال هدم منازل الفلسطينيين في مناطق القدس و«ج» لإجبارهم على مغادرة تلك المناطق، والتضييق عليهم؛ والحرب المالية، بمصادرة أموال الفلسطينيين في ظروف مختلفة؛ وحرب على التاريخ والمقامات الإسلامية والمسيحية، مثل المسجد الأقصى وقبر يوسف والمسجد الإبراهيمي، حيث تحاول إسرائيل فرض روايتها على تاريخ فلسطين المرتبط بهذه المناطق وغيرها. وعد أن هذه الحروب تتم في ظل محاولات لزيادة البطالة والفقر، وعزل غزة، إلى جانب الانخفاض الحاد في الدعم، وخاصة الأميركي، لـ«الأونروا»، والضربات الدبلوماسية التي قامت بها، مثل نقل السفارة إلى القدس، وإغلاق مقر منظمة التحرير في واشنطن.
وقال: «رغم السرقة الإضافية لأموالنا الضريبية التي قررها نفتالي بينيت، فإننا مستمرون. نريد دولة فلسطينية، ونسير على هذا النهج، وهذا هو الاتجاه الصحيح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».