واشنطن العاصمة تحتفظ بجاذبيتها الاستثمارية للمشترين العقاريين

مع نشاط قياسي للبناء العقاري الأميركي في ديسمبر

حركة الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة استجابت لاستعداد المشترين الراغبين في شراء المنازل الراقية
حركة الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة استجابت لاستعداد المشترين الراغبين في شراء المنازل الراقية
TT

واشنطن العاصمة تحتفظ بجاذبيتها الاستثمارية للمشترين العقاريين

حركة الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة استجابت لاستعداد المشترين الراغبين في شراء المنازل الراقية
حركة الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة استجابت لاستعداد المشترين الراغبين في شراء المنازل الراقية

ما زال للسوق العقارية الأميركية، وخصوصا في مدينة واشنطن العاصمة، جاذبيتها أمام المستثمرين حول العالم، وخصوصا في ظل ارتفاع حركة مشروعات البناء العقاري وتنوع مستوياته في مختلف المدن بالولايات المتحدة.
وتظل مدينة واشنطن العاصمة، التي بها البيت الأبيض والكونغرس والكثير من المباني التاريخية والسياحية الشهيرة، فضلا عن كبرى الشركات والمؤسسات الأميركية، محتفظة ببريقها بالنسبة للمستثمرين العقاريين، الذين يحرصون على أن يكون لهم موطئ قدم في المدينة التي يتردد اسمها يوميا في جميع أنحاء العالم.
ويبدو أن حركة الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة ككل استجابت لاستعداد المشترين من الراغبين في شراء المنازل سواء لذات اللمسات الرفاهية وكذلك فنيات البناء الراقي والمساحات الواسعة وتعدد الوحدات الداخلية فضلا عن الحدائق المحيطة بها أو تلك المستويات الأكثر بساطة بما يتناسب مع ميزانيات الأسر الأصغر والأقل دخلا أو صغار المستثمرين.
ونشطت سوق البناء العقارية الأميركية مسجلة أعلى مستوى لها منذ عام 2006 خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث قفز معدل البناء بنسبة 16.9 في المائة، حسب أحدث بيانات لوزارة التجارة الأميركية، لتسجل أعداد الوحدات المبنية 1.6 مليون وحدة في الشهر الماضي، وهو أعلى معدل له منذ ديسمبر منذ أكثر من 13 عاما.
وتستعيد سوق البناء زخمها بعد أن خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة ثلاث مرات في العام الماضي، بما أدى لانكماش معدلات فوائد القروض العقارية إلى متوسط يبلغ 3.65 في المائة بعد أن بلغ ذروته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 حين وصل إلى 4.94 في المائة وفقا لـ«سي إن بي سي».
ويمثل القطاع العقاري أكثر من 3 في المائة من حجم الاقتصاد الأميركي، وفقا لـ«رويترز»، وقد استعاد الاستثمار في هذه السوق نشاطه في الربع السابق من العام، بعد تراجع على مدى ستة أرباع سنوية متتالية، حيث كانت تلك أطول فترة من نوعها منذ حالة الركود بين عامي 2007 و2009.
هذه البيانات تأتي وسط ارتفاع مستوى الثقة لدى المستثمرين استجابة لزيادة المشترين المحتملين للمنازل وتحسن النظرة المستقبلية للمبيعات ككل.
وزاد معدل ثقة شركات البناء العقاري خلال ديسمبر الماضي بالنسبة للمنازل المخصصة للأسر الصغيرة، حيث سجل 76 نقطة في الشهر الماضي، حسب مؤشر مؤسسة وليس فارجو للسوق العقارية، وهو أعلى معدل له منذ يونيو (حزيران) عام 1999.
وخلال ديسمبر الماضي ارتفع إجمالي بيع المنازل في الولايات المتحدة بأكثر من 6 في المائة وفقا لمؤسسة «ريدفين» العقارية، وبلغ متوسط سعر البيع نحو 312 ألف دولار.
أسعار العقارات في المناطق التي بداخل مدينة واشنطن العاصمة ارتفعت على نحو تجاوز الأرقام القياسية السابقة، وعلى مدى السنوات الماضية ظلت هناك نحو 10 مناطق بالمدينة تسجل أعلى من مليون دولار للمنزل.
وخلال عام 2019 كانت منطقتا سبرينغ فالي وبيركلي في صدارة المناطق وأعلى الأسعار، حيث وصل سعر المنزل بهما إلى نحو 1.8 مليون دولار و1.7 مليون دولار على التوالي، وعلى الجانب الآخر خسرت منطقتا باليساديس وبيرليث مكانهما على قائمة المليون فانخفضتا إلى 995 ألف دولار و970 ألف دولار، وفق إحصائية لموقع دي سي أوربان تيرف العقاري.
أما بالنسبة لمناطق ماساتشوستس أفينيو هايتس ووودلي وهوثورن فقد سجلت أعلى من مليون دولار وبلغت أسعارها على التوالي 2.2 مليون دولار و1.5 مليون دولار ومليون دولار تقريبا لكنه لم تسجل أكثر من 11 عملية بيع في العام الماضي.
وسجلت الأسعار في منطقة جورج تاون نحو 1.2 مليون دولار للمنزل وفي منطقة كريستوود نحو مليون دولار. وكان معدل العقارات التي يزيد سعرها على مليون دولار قد ارتفع بنسبة 4.3 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حسب بيانات اتحاد المقاولين العقاريين الأميركيين.
ومع ارتفاع أسعار المنازل في مدينة واشنطن العاصمة بالنسبة لكثير من راغبي الشراء، إلا أن المناطق المحيطة بمحطات مترو المدينة وما حولها لم تكن ضمن المدن العشر الأعلى سعرا في الولايات المتحدة خلال النصف الثاني من عام 2019 حسب بيانات اتحاد المقاولين العقاريين الأميركيين.
واحتلت السوق العقارية للمدينة الشهيرة المرتبة الثالثة عشرة بالنسبة لأسعار المنازل للأسر الصغيرة بين سائر الأسواق العقارية بالمدن الأميركية.
وجاءت مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا في صدارة العشرة بمتوسط سعر الوحدة نحو 1.3 مليون دولار، في حين جاءت مدينة سان فرنسيسكو في المرتبة الثانية بين المدن الأعلى سعرا وبلغ سعر الوحدة بها 1.05 مليون دولار.
مدن أخرى كانت أعلى سعرا من واشنطن العاصمة مثل بولدر بولاية كولورادو ولوس أنجليس بولاية كاليفورنيا وناساو كاونتي في نيويورك وستامفورد بولاية كينيتيكت.
وكانت بيانات اقتصادية صدرت مؤخراً كشفت عن ارتفاع عدد مشروعات الإسكان الجديدة التي بدأ العمل فيها بالولايات المتحدة خلال الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له منذ 13 عاما، ليعطي سوق الإسكان الأميركية قوة دفع في بداية العام الجديد، مع استمرار أسعار الفائدة المنخفضة ونمو الوظائف وتفاؤل المشترين وشركات التشييد.
وبحسب بيانات وزارة التجارة الأميركية فقد ارتفع عدد المشروعات السكنية التي بدأ العمل فيها خلال الشهر الماضي بنسبة 16.9 في المائة إلى ما يعادل 1.61 مليون وحدة سنويا، مقابل ما يعادل 1.375 مليون وحدة سنويا في الشهر السابق وفقا للبيانات المعدلة.
وأشارت وكالة بلومبرغ للأنباء إلى أن هذه الزيادة هي الأكبر منذ ثلاث سنوات وتتجاوز كل تقديرات المحللين الذين تم استطلاع رأيهم. في الوقت نفسه تراجع عدد تراخيص البناء التي صدرت في الشهر الماضي، والذي يعتبر مؤشرا على نشاط التشييد في المستقبل بنسبة 3.9 في المائة إلى ما يعادل 1.42 مليون وحدة سنويا.
وارتفعت أسعار أسهم شركات تشييد المساكن في بداية تعاملات بورصة نيويورك للأوراق المالية، حيث وصل المؤشر المجمع لهذا القطاع إلى أعلى مستوى له منذ أغسطس (آب) 2005.
وذكرت بلومبرغ أن هذه البيانات تشير إلى أن قطاع تشييد المساكن أسهم في نمو الاقتصاد الأميركي خلال الربع الأخير من العام الماضي بعد مساهمته في نمو الاقتصاد خلال الربع الثالث من العام لأول مرة منذ نهاية 2017.
ورغم أن هذه الزيادة قد لا تستمر عند المستويات الحالية، فإن الطلب على المساكن يزداد مدفوعا بأسعار الفائدة التي انخفضت إلى أقل مستوياتها منذ نحو ثلاث سنوات، واستمرار الأداء القوي لسوق الوظائف، وتحسن الأجور مما يؤدي إلى زيادة الأموال المتاحة لدى المشترين المحتملين للمساكن.
وبحسب بيانات وزارة التجارة فقد ارتفع عدد مشروعات المساكن ذات الوحدة الواحدة بنسبة 11.2 في المائة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ منتصف 2007، في حين تراجعت تراخيص بناء هذا النوع من المشروعات بنسبة 0.5 في المائة خلال الشهر الماضي.
وارتفع عدد مشروعات المساكن متعددة الوحدات الجديدة خلال الشهر الماضي بنسبة 29.8 في المائة يصل إلى أعلى مستوى له منذ 1986.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».