رفيف الظل: البيت لا يأتي لأحد

رفيف الظل: البيت لا يأتي لأحد
TT

رفيف الظل: البيت لا يأتي لأحد

رفيف الظل: البيت لا يأتي لأحد

مِثلَ قطٍ يخرجُ من المطر، ينفضُ أيامَه ويذهبُ إلى العمل. العملُ وحدَه هو ما يجعله يقوى على الزمن. مَنْ يفهمُ ألغازَهُ، وهو يرسمُ عتابَه الرهيفَ على الفصول التي تتوالى دون أنْ تكترثَ بما يقترح من أسماء على أحلام العمل؟ ثم مَنْ يكترثُ بعجوزٍ يتظاهرُ بالفتى وينْقضُ الرماد؟ تفنى المسافةُ بين المنزل وبين ضجيج الناس، ولا يفنى الضجيج. يظلُّ يرتّب أثاث الصباح كلَّ يوم لكي يليقَ بمغادرته الباب وصعوده سلّم المسافة.
هناك، في أعلى السلم، يلقي تحيته على الفراغ المطبق، ثم يتخذُ مقعدَهُ على كرسي من هواء، إلى أن يحينَ موعدُ العودة للبيت. غير أنَّ في القلب من الضجيج ما يخصب الناس وهم يضعون أعضاءَ حبهم في مَهبِّ العطاء.
البيت لا يأتي لأحد، علينا أن نذهب إليه.
جميعنا مأخوذونَ بفكرة مكان الحب .المنزل مجرد فكرة، الناس فقط يمنحونه معنى قيد التحقق. كنت لأعطي الباقي من عمري لقاءَ يوم حبٍ آمن في بيت.
اطرقي الباب.
داخت الزوايا وتسربَ العطبُ من الشقوق،
وذبلتْ مزهرياتُ الحشا، أبْوابا شتَّى.
الوهم أن تعميكَ الستارةُ وهي أختُ الجدار،
والعمى أن تخاف من الريح محتميا بالنافذة.
من سيطرق باب البيت، والستارة تتجسس على الجدار؟
من سيأمنُ للحب، والضجيجُ يتربصُ بالسرير؟
كان طفلا على السطح فطار، وكانت غيمةٌ في الحرف فصارتْ اسمَها. وحين التقيا عند منابتِ الوعد، رأينا الأشجار ترقصُ في ترنيمة خضراء، وبيوت أعشاش تتكاثر في ريشها، ثم قيل: الحرية جناحٌ في الهواء. وقال العقلاء: الحبُّ بيتٌ مجنون، ولم ينتبه الزمانُ لما دار في الدار، ولكن أطفالا خرجوا للسطح وطاروا مع الغيمة، فتغيّر يومَها مزاجُ الشمس، وسمع النائمونَ حلما حارقا، وما ذاقوه.
سيغرسُ البيتُ نصلَه في خاصرة الحب، وسيتكاثر النسل.
كجرحى حرب، ستصطفُّ البناتُ أمام مرآة المدخل، وسيستند البنين على أكتافهنّ، وسيخرجون كلَّ صباح إلى فطور السُّلالةِ، غير متباهين بأب.
ستُطلقُ مئذنة الحي نفيرها، ليتشتت الجمع إلى مجرى أيامهم.
هاتوا كتفا يسندُ هذا الكتف المكسور،
ضعوا لأطفالكم دليلاً واحداً يسعف الغيمَ الماثلَ في مناكبنا.
الحُبُّ هو هنا، يكمنُ في العظام الحميمة التي تعطي من النساء أكثر ممّا تأخذ.
نفقدُ بيوتنا المجنونة، لنحصلَ على جنونٍ خالص.
نحن سلالةٌ تقاوم انقراضَها بجسارة المفقودين.
لولا اليأس، لولاه،
ولولا الكتمان،
لدلقنا في الفيافي نثرَ أسرارنا،
وليغرقَ العاشقُ قبل أن ينطق.



مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).