إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي

طهران حذرت الأوروبيين من إحالة ملف اتفاق فيينا إلى مجلس الأمن... وظريف لن يحضر منتدى {دافوس}

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من كلمة ألقاها وزير الخارجية محمد جواد ظريف أمس
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من كلمة ألقاها وزير الخارجية محمد جواد ظريف أمس
TT

إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من كلمة ألقاها وزير الخارجية محمد جواد ظريف أمس
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من كلمة ألقاها وزير الخارجية محمد جواد ظريف أمس

واصلت إيران التصعيد ضد تفعيل فرنسا وبريطانيا وألمانيا آلية فض النزاع المنصوص عليها في الاتفاق النووي. واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الدول الثلاث بممارسة «الألاعيب السياسية»، وهدد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا أحالت الدول الأوروبية الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.
وتوجه ظريف أمس إلى البرلمان، غداة تهديد رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، بإعادة النظر في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرا إلى جاهزية البرلمان لتمرير مشروع في هذا الصدد. وقال نواب أول من أمس إن المشروع يتضمن انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي.
وظلت المعاهدة المبرمة في عام 1968 أساس الحد من انتشار الأسلحة النووية في أنحاء العالم منذ الحرب الباردة، ويشمل ذلك الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى العالمية في عام 2015، والذي ينص على السماح لها بالوصول إلى شبكة التجارة العالمية في مقابل قيود على برنامجها النووي.
وأعلنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الأسبوع الماضي أن إيران تنتهك اتفاق 2015، وفعّلت البلدان الثلاثة آلية لتسوية النزاعات قد تسفر في نهاية الأمر عن إحالة القضية إلى مجلس الأمن وإعادة فرض جميع القرارات الأممية بما فيها العقوبات الدولية على إيران.
وقالت الدول الثلاث لدى تفعيل آلية فض النزاع، إنها ما زالت ترغب في نجاح الاتفاق النووي ولم تنضم إلى حملة «الضغوط القصوى» الأميركية. ومع ذلك، أبدت بريطانيا رغبتها باستبدال الاتفاق النووي بواسطة اتفاق الرئيس الأميركي دونالد ترمب. فيما تحدث وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن ضرورة الشروع في مفاوضات جديدة، تشمل أنشطة إيران النووية بعد 2025 وبرنامجها للصواريخ الباليستية وأنشطتها الإقليمية.
واتفق رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على الحاجة لوضع إطار عمل طويل الأجل لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وقال بيان حكومي بريطاني، أول من أمس، بعد لقائهما على هامش مؤتمر ليبيا في برلين، إنهما «اتفقا على أهمية عدم التصعيد والعمل مع الشركاء الدوليين لإيجاد سبيل دبلوماسي لمواجهة التوتر الحالي».
ونقل موقع البرلمان الإيراني «خانه ملت» عن ظريف قوله: «إذا واصل الأوروبيون سلوكهم غير اللائق أو أحالوا ملف إيران إلى مجلس الأمن، فسوف ننسحب من معاهدة منع الانتشار النووي»، مضيفا أن خطوات طهران لتقليص التزاماتها النووية انتهت في الوقت الراهن.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن ظريف «في حال عاد الأوروبيون إلى التزاماتهم، ستتوقف إيران كذلك عن التخلّي عن التزاماتها، لكن إذا واصل الأوروبيون نهجهم فلدينا خيارات مختلفة» متهما الدول الأوروبية بممارسة «الألاعيب السياسية».
وتكتنف الضبابية مصير الاتفاق النووي منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب منه في العام الماضي، وأعاد فرض عقوبات على طهران، وبدأ سياسة «الضغوط القصوى» بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق قائلا إنه يتعين التفاوض بشأن اتفاق أشمل يضم القضايا النووية وبرنامج إيران الصاروخي والأنشطة الإيرانية في الشرق الأوسط. وردت إيران على ذلك بتقليص التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق على الرغم من إعلانها أنها ترغب في الحفاظ عليه. وكان الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني محور تصعيد بين طهران وواشنطن تحول إلى ضربات عسكرية متبادلة في الأسابيع القليلة الماضية.
وفي خضم هذا التصعيد تعرضت طهران التي تخلت عن كل قيود تخصيب اليورانيوم بداية هذا الشهر، لضغوط متزايدة من الدول الأوروبية التي تقول إنها تريد إنقاذ اتفاق 2015 النووي، وأشارت هذه الدول إلى استعدادها لدعم دعوة ترمب إلى إبرام اتفاق أشمل مع إيران.
وكرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي رفض إيران «اتفاق ترمب» وأضاف «وضع اسم شخص على اتفاق يظهر أنهم ليسوا على دراية بالأوضاع. أي اتفاق يحمل اسم شخص ليس له معنى».
ونقلت «رويترز» عن موسوي قوله: «على الرغم من النيات غير الطيبة التي نراها من بعض الدول الأوروبية فإن باب المفاوضات معها لم يُغلق، والكرة في ملعب هذه الدول». لكنه قال أيضا خلال مؤتمر صحافي: «لا أعتقد أن إيران مستعدة للتفاوض في ظل الشروط التي في أذهانهم».
وقال موسوي في مؤتمر صحافي أسبوعي في طهران: «مزاعم القوى الأوروبية بشأن انتهاك إيران للاتفاق لا أساس لها من الصحة». وتابع: «استمرار إيران في تقليص التزاماتها النووية يتوقف على الأطراف الأخرى، وعلى ما إذا كانت مصالح إيران مضمونة بموجب الاتفاق».
وأجرت طهران مرارا محادثات مع مسؤولين أوروبيين لإيجاد سبل للحفاظ على الاتفاق النووي، لكنها اتهمت الدول الأوروبية بالفشل في ضمان مزايا اقتصادية لإيران كان يفترض أن تحصل عليها مقابل الحد من البرنامج النووي.
وفي جزء آخر من تصريحات في البرلمان، دافع وزير الخارجية الإيراني عن أداء الجهاز الدبلوماسي بعد توقيف السفير البريطاني لدى طهران روب ماكير، على هامش وقفة لتأبين ضحايا الطائرة الأوكرانية التي أسقطها إيران قبل نحو أسبوعين.
وقدم نواب البرلمان الإيراني أول من أمس مشروع قانون يلزم الحكومة بخفض العلاقات الدبلوماسية مع طهران.
وغادر السفير البريطاني طهران بعد ضغوط إيرانية الأسبوع الماضي لكن بريطانيا قالت إنه في زيارة اعتيادية. وذلك بعدما وصفه القضاء الإيراني بالشخص غير مرغوب فيه.
وقال ظريف أمس: «رددنا بأشد اللهجة على تدخل السفير البريطاني في مظاهرات طهران»، واعترف ظريف بحق الإيرانيين في الاحتجاجات السلمية لكنه يرفض تدخل الدول الأجنبية. من جانبه اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سلوك السفير البريطاني «معارضا للأعراف الدبلوماسية وغير متعارف»، كما دافع عن تغريدات حادة لوزير الخارجية والنائب عباس عراقجي ضد السفير البريطاني واعتبرها في سياق أنشطة الجهاز الدبلوماسي.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن ظريف لن يحضر المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الأسبوع لأن المنظمين «غيروا جدول أعماله فجأة». وأضاف «كان مقررا أن يحضر... لكنهم غيروا جدول الأعمال فجأة ولم يكن الجدول الذي وافقنا عليه. لذلك لن يحضر منتدى دافوس».
وكانت «رويترز» قد ذكرت في تقرير الأسبوع الماضي أن ظريف لم يعد على قائمة تضم نحو ثلاثة آلاف شخص من المقرر أن يشاركوا في المنتدى السنوي الذي يعقد تحت شعار: «مساهمون من أجل عالم مستدام ومتماسك».



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.