الكتل العراقية تضع أمام صالح 3 مرشحين لرئاسة الحكومة

قلق أممي من استمرار الانسداد السياسي

TT

الكتل العراقية تضع أمام صالح 3 مرشحين لرئاسة الحكومة

في حين وجهت الأمم المتحدة انتقادات حادة للقادة السياسيين العراقيين بشأن عدم القدرة على مواجهة الأزمة، فإن الكتل السياسية أعادت ثانية رمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية برهم صالح بشأن اختيار المكلف تشكيل الحكومة. المهلة التي انتهت أول من أمس بشأن اختيار مرشح مقبول انتهت معها مهل كثيرة، من بينها «مهلة وطن» التي فرضها المتظاهرون وبدأوا تصعيداً غير مسبوق منذ ثلاثة أشهر، كما انتهت المهلة التي كان حددها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لاختيار المرشح.
وطبقاً لما كشفه لـ«الشرق الأوسط» النائب محمد الخالدي، رئيس كتلة «بيارق الخير» في البرلمان العراقي، فإن «المشاورات المكثفة داخل الكتل السياسية عادت إلى الواجهة ثانية لجهة الاتفاق على اختيار مرشح لتشكيل الحكومة وعرضه على رئيس الجمهورية لإصدار مرسوم التكليف». وأضاف الخالدي: «هناك أسماء عدة جرى تداولها خلال الفترة الماضية، لكن التنافس ينحصر الآن بين كل من وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي ووزير التخطيط الأسبق ورئيس مستشاري رئيس الجمهورية علي الشكري ومدير جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي»، مبيناً أن «هذه الشخصيات الثلاث هي الأكثر مقبولية من كل ما تم تداوله من أسماء خلال الفترة الماضية».
إلى ذلك، أكدت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، أن القادة السياسيين في العراق لا يزالون «غير قادرين على الاتفاق على طريق المضي قدماً». وقالت بلاسخارت في بيان أمس، إنه «في الأشهر الأخيرة خرج مئات الآلاف من العراقيين من جميع مناحي الحياة إلى الشوارع للتعبير عن آمالهم في حياة أفضل خالية من الفساد والمصالح الحزبية والتدخل الأجنبي كما أن مقتل وإصابة متظاهرين سلميين إلى جانب سنوات طويلة من الوعود غير المنجزة قد أسفر عن أزمة ثقة كبيرة». وأضافت بلاسخارت، أنه «بعد شهرين من إعلان رئيس الوزراء (عادل عبد المهدي) استقالته لا يزال القادة السياسيون غير قادرين على الاتفاق على طريق المضي قدماً، في حين كان هناك إقرار علني من جميع الجهات بالحاجة إلى إصلاح عاجل». وبينت بلاسخارت أنه «آن الأوان لوضع هذه الكلمات موضع التنفيذ وتجنب المزيد من العرقلة لهذه الاحتجاجات من جانب أولئك الذين يسعون لتحقيق أهدافهم الخاصة ولا يتمنون الخير لهذا البلد وشعبه». وأشارت إلى أن «من الواضح أن التصعيد الأخير في التوترات الإقليمية قد أخذ الكثير من الاهتمام بعيداً عن العمل المحلي العاجل غير المنجز»، وشددت على ضرورة ألا «تطغى التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي فلن يؤدي ذلك إلا إلى المزيد من غضب الرأي العام وانعدام الثقة».
لكن توقع عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية الدكتور ظافر العاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، استمرار الأزمة السياسية والمظاهرات الجماهيرية «حتى في ظل الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة»، مبيناً أن «الأزمة التي يعيشها العراق حالياً هي أعمق من مجرد استبدال حكومة بحكومة أو شخصية لرئاسة الحكومة بشخصية أخرى». وأكد العاني، أن «المظاهرات التي اندلعت منذ أشهر كانت ولا تزال أهدافها أهم من مجرد حلول ترقيعية تحاول الطبقة السياسية إقناع المتظاهرين بها»، مبيناً أن «المتظاهرين أنفسهم أكدوا أن الأزمة لم تعد تمكن في تغيير الحكومة أو استبدال الأشخاص بقدر ما يبحثون عن حلول أكثر جذرية تتعلق ببنية النظام السياسي، وهو ما يعني أن الأزمة مرشحة للتمدد لأن الطبقة السياسية الحالية غير قادرة على التعامل مع ما هو جذري ولا تملك سوى الحلول الترقيعية».
في سياق ذلك، أكدت كتلة «سائرون» البرلمانية التي يدعمها مقتدى الصدر، أن الكتلة لن تسمح بتمرير أي شخصية مستهلكة أو حزبية وغير كفؤة لمنصب رئيس الوزراء. وقال النائب عن الكتلة علاء الربيعي في تصريح، إن «(سائرون) بصفتها الكتلة الأكبر برلمانياً أوصلت رسالتها إلى رئيس الجمهورية بأن يختار شخصية مستقلة وغير منتمية إلى الأحزاب وبحسب مطلب الشارع والمرجعية بأن يكون غير جدلي ومقبول من الجماهير». وأضاف الربيعي، أن «تحالف (سائرون) يقف بالضد من ترشيح أي شخصية من الأحزاب والكتل السياسية، وعلى الجميع النظر للشعب العراقي بالتوافق على شخصية يرضى بها الشارع، وأن يتم التنازل من الجميع للعراق وللشعب العراقي ومطالبه المشروعة»، مشدداً على أن «الجميع مطالب بالانصياع لصوت المتظاهرين ومطالبهم المشروعة في اختيار رئيس وزراء مستقل وكفء و(سائرون داخل) مجلس النواب موقفها ثابت، وواضح أنه لم ولن تسمح بتمرير أي شخصية مستهلكة أو حزبية وغير مستقلة وتدعمها الأحزاب».
إلى ذلك، أكد النائب عن تحالف (صادقون)، أحمد الكناني، أن ما يشاع عن حسم مرشح رئيس الوزراء الآن أمر مبالغ فيه. وقال الكناني إن «القوى السياسية من حيث المبدأ اتفقت مع رئيس الجمهورية على حسم مرشح رئاسة الوزراء في الأيام القريبة المقبلة».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.