«الحرس» يقدم خليفة سليماني رسمياً ويكشف عن هوية نائبه

نائب قائد «فيلق القدس» الجنرال حمد حسين زاده حجازي («فارس»)
نائب قائد «فيلق القدس» الجنرال حمد حسين زاده حجازي («فارس»)
TT

«الحرس» يقدم خليفة سليماني رسمياً ويكشف عن هوية نائبه

نائب قائد «فيلق القدس» الجنرال حمد حسين زاده حجازي («فارس»)
نائب قائد «فيلق القدس» الجنرال حمد حسين زاده حجازي («فارس»)

قدم «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، رسمياً إسماعيل قاآني القائد الجديد لـ«فيلق القدس» وخليفة القائد السابق قاسم سليماني الذي قُتل بطائرة مسيّرة في غارة جوية أميركية بأوامر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل 3 أسابيع.
وأعلن «الحرس الثوري» عن تعيين الجنرال محمد حسين زاده حجازي نائباً لقائد «فيلق القدس» الجديد، قاآني.
وقال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي إن قواته «تمر بأكثر مراسم الوداع مرارة وحزناً اليوم»، مشيراً إلى أن قواته «خسرت قائداً كبيراً» ووصف سليماني بـ«أسطورة لا تنسى وغير قابلة لتكرار»، بحسب ما نقل عنه موقع «سباه نيوز» الناطق الرسمي باسم «الحرس الثوري» الجهاز الموازي للجيش الإيراني.
وجاءت الضربة المفاجئة التي استهدفت سليماني، بعد نحو 8 أشهر من إدراج الولايات المتحدة جهاز «الحرس الثوري» في قائمة الإرهاب. وبمقتل سليماني؛ فإن «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، ينضم إلى أذرع أخرى شهدت إعادة هيكلة وتغييراً في القادة، بدأت بتعيين سلامي، بعد أقل من أسبوعين على الخطوة الأميركية بتسمية «الحرس» منظمة إرهابية.
وقال سلامي أمام حشد من كبار قادة «الحرس الثوري»، أمس، إن سليماني بعد مقتله «أكثر خطورة على الأعداء»، وتابع: «نقاط كثيرة على الكرة الأرضية تحولت إلى ساحة مقاومة على يد سليماني»، لافتاً إلى أنه «تسبب في مخاطر مجهولة، في لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان ضد الأعداء (...)». وزعم سلامي أن 50 مليون شخص شاركوا في تشييع سليماني، بعدما مرّ موكبه بأربع مدن هي الأحواز وطهران ومشهد وقم وكرمان مسقط رأسه.
وعن القائد الجديد لـ«فيلق القدس»، قال سلامي إنه كان رفيقاً لسليماني على مدى 25 عاماً، مضيفا أن قاآني ونائبه حجازي «سيواصلان طريق قاسم سليماني».
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد عين اللواء إسماعيل قاآني قائداً لـ«فيلق القدس» بعد أقل من 24 ساعة على مقتل سليماني. وقال في مرسوم التعيين إن أهداف «فيلق القدس» المسؤول عن العلميات الخارجية لـ«الحرس الثوري»؛ «ستبقى كما كانت في زمن سليماني».
بدوره، تعهد قاآني بمواصلة مسار سليماني. وهاجم الطريقة التي قتل بها سليماني بضربة درون أميركية في مطار بغداد. وقال: «لم يكونوا رجالاً للمواجهة في ميدان الحرب لكي يواجهوه، قتلوا في ذروة الجبن، لكننا سنضرب الأعداء بكل مروءة».
في يوليو (تموز) 2018، هدد سليماني، الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشن حرب «غير متكافئة» (غير تقليدية)، أثناء سجال بين الرئيسين الإيراني والأميركي. وقال سليماني حينذاك إن الحرب التي يشنها ضد القوات الأميركية ومصالحها في المنطقة، لن تتطلب تدخلاً مباشراً من القوات الإيرانية، وذلك في إشارة إلى جماعات مسلحة تحارب تحت لواء «فيلق القدس» في المنطقة.
ويعدّ نائب قاآني، محمد حجازي (63 عاماً) الذي قدمه «الحرس الثوري»، من أبرز قادة «الحرس الثوري» الذين ارتبط اسمهم بقمع الاحتجاجات. وشغل منصب قائد فرقة «ثار الله» في «الحرس الثوري»، وهي القوات الخاصة المسؤولة عن إدارة أمن العاصمة طهران في 2009.
ويحمل حجازي شهادة الدكتوراه في الإدارة الاستراتيجية من كلية الدفاع الإيرانية، وهو من أساتذة جامعة الإمام الحسين العسكرية التابعة لـ«الحرس الثوري». وأدرج الاتحاد الأوروبي في 26 يناير (كانون الثاني) 2009 اسم حجازي في لائحة العقوبات، بسبب دور فرقة «ثار الله» في قمع احتجاجات «الحركة الخضراء» بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009 التي فاز بموجبها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية.
وقبل ذلك، كان حجازي نائباً لقائد «الحرس الثوري» ورئيساً للأركان المشتركة في «الحرس الثوري» من سبتمبر (أيلول) 2007 إلى فبراير (شباط) 2008.
لكن أهم المناصب التي شغلها حجازي على مدى 10 أعوام (1997 - 2007) كان قيادة قوات الباسيج؛ إحدى الأذرع الخمس لـ«الحرس الثوري»، بمرسوم من المرشد الإيراني علي خامنئي.
ولم يعرف عن صلة حجازي بـ«فيلق القدس» إلا الصيف الماضي، عندما نشر حساب للجيش الإسرائيلي باللغة الفارسية على موقع «تويتر» مذكرة تحمل ما سماه «أحد أهم أسرار (حزب الله) اللبناني و(فيلق القدس)»، كاشفاً عن هوية 4 أشخاص على صلة بنقل مصانع صاروخية إيرانية إلى لبنان، قائلاً إنهم «يشكلون تهديداً لمستقبل لبنان».
وكشفت المذكرة الإسرائيلية أن دور حجازي في «فيلق القدس» أنه «مسؤول أنشطة إيران في لبنان ومشروع الصواريخ المسيرة تحت إمرة سليماني»، كما عدّته مسؤولاً عن قوات «الحرس الثوري» التي تواجد بشكل مستمر في لبنان.
وكشفت المذكرة عن دور مسؤول الوحدة اللوجيستية في «الحرس الثوري» علي أصغر نوروزي، وقالت إنه مسؤول «عن نقل المعدات والأجهزة من إيران إلى سوريا قبل نقلها إلى مصانع صواريخ مسيّرة في لبنان». كما ضمت القائمة قيادياً يدعى العميد مجيد نواب، المسؤول التقني في صناعة الصواريخ المسيرة الإيرانية. ونواب، وفقاً للمذكرة الإسرائيلية، أحد «أبرز ضباط الأسلحة المسيّرة (المساعدين) لـ(حزب الله) تحت إمرة سليماني» وهو «المسؤول التقني في مشروع مصنع صواريخ (أرض - أرض)، ويشرف على المواقع الصاروخية التابعة في جنوب لبنان».
إضافة إلى الإيرانيين الثلاثة، كانت المذكرة قد أشارت إلى معلومات عن فواد شكر؛ مسؤول الصواريخ المسيّرة في «حزب الله» اللبناني، موضحة أنه «من قادة (حزب الله) والمستشار الأعلى لحسن نصر الله»، ورصدت الخارجية الأميركية 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن فواد شكر بسبب دوره في الإعداد والتخطيط لهجمات أكتوبر (تشرين الأول) 1983 التي استهدفت القوات الأميركية.
وانضم حجازي إلى قوات «الحرس الثوري» في مسقط رأسه أصفهان، منذ بداية تأسيس قوات «الحرس الثوري». وكان من بين قادة «الحرس الثوري» المشاركين في قمع الأحزاب الكردية؛ بمحافظتي كردستان وأذربيجان الغربية في بداية الثمانينات.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.