العراق... سلطات عاجزة وأحزاب تماطل وانفجار شعبي وشيك

المرجعية الدينية تؤيد المحتجين رغم عمليات حرق في النجف

جانب من الحركة الاحتجاجية في النجف أمس (أ.ف.ب)
جانب من الحركة الاحتجاجية في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

العراق... سلطات عاجزة وأحزاب تماطل وانفجار شعبي وشيك

جانب من الحركة الاحتجاجية في النجف أمس (أ.ف.ب)
جانب من الحركة الاحتجاجية في النجف أمس (أ.ف.ب)

يوماً بعد آخر تتخذ الأزمة العراقية التي طغت على السطح على شكل مظاهرات واحتجاجات شعبية منذ أكثر من 3 أشهر، أبعاداً جديدة تنذر بمزيد من التعقيدات والمخاطر، لجهة الارتفاع الشديد في مناسيب الغضب الشعبي الذي يوشك على الانفجار، في مقابل العجز الواضح الذي تبديه السلطة بمختلف أجنحتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، إضافة إلى سلوك «المماطلة» الذي تتمسك به الأحزاب والكتل السياسية حيال ما يجري وعدم اتفاقها على تلبية الحد الأدنى من مطالب المحتجين المتمثلة في اختيار رئيس وزراء جديد مستقل وخارج عن سيطرتها.
وشهدت بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد أمس، تصعيداً غير مسبوق من قبل جماعات الحراك، قبل ساعات من حلول نهاية «مهلة الأسبوع» التي منحها متظاهرو «ساحة الحبوبي» في الناصرية للسلطات لتحقيق مطالب المحتجين. وتؤكد جماعات الحراك أن اليوم سيشهد تصعيداً مضاعفاً يتم خلاله قطع غالبية الطرق الدولية والرئيسية في بغداد والمحافظات، وتبدأ عمليات القطع بعد منتصف الليل بساعة واحدة، وسيمثل ذلك منعطفاً جديداً في حركة الاحتجاج.
وغطت أعمدة الدخان الأسود الناجمة عن حرق الإطارات، أمس، سماء غالبية المدن المنتفضة. وشهدت بغداد مواجهات بين قوات مكافحة الشعب والمتظاهرين في ساحة الطيران، أسفرت عن سقوط بعض الجرحى نتيجة استخدام القوات الأمنية الأعيرة النارية والغازات المسيلة للدموع. وقام محتجون في الشارع القريب من وزارة الداخلية في الباب الشرقي بإحراق صور كبيرة لقائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد» أبو مهدي المهندس اللذين قتلا في غارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع الشهر الحالي.
كما شهدت ساحة التحرير ونفقها موجة مظاهرات طلابية ضخمة منددة بإيران والولايات المتحدة. وعمد متظاهرون إلى قطع «طريق محمد القاسم» للمرور السريع قبل أن تتمكن قوات مكافحة الشغب من فتحه لاحقاً.
ويبدو أن عمليات حرق مقرات الأحزاب والفصائل المسلحة التي وقعت سابقاً في محافظات ذي قار والديوانية والمثنى وميسان، انتقلت عدواها أمس إلى محافظة النجف الدينية، حيث أحرق محتجون غاضبون مقر «كتائب حزب الله» التي تعدّ من أكثر الفصائل المسلحة موالاة لإيران، كما أحرقوا مقر «حركة الوفاء» التي يتزعمها عضو «تحالف النصر» النيابي عدنان الزرفي. كذلك، عمدوا إلى أحراق جدارية كبيرة لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وأغلقوا غالبية الطرق الخارجة والمؤدية إلى المحافظة التي غطتها أعمدة الدخان نتيجة عمليات حرق الإطارات. وفي وقت لاحق من يوم أمس، باشرت الأجهزة الأمنية في النجف، إخماد نيران الإطارات المشتعلة بعد التفاوض مع المحتجين.
ولم تمنع عمليات الحرق غير المسبوقة التي وقعت في النجف مرجعية النجف من إعلان تأييدها للمحتجين، حيث ذكّرت العتبة الحسينية في كربلاء، أمس، بمقطع من رسالة سابقة للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني تدعم المتظاهرين، قال فيه إن «المواطنين لم يخرجوا إلى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة، إلا لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد».
وتكرر مشهد الاحتجاجات الغاضبة والطرق المقطوعة والإطارات المحترقة في المحافظات الأخرى القريبة من النجف، مثل كربلاء وبابل. وأصدر متظاهرو الأخيرة بياناً قالوا فيه: «نظراً للمماطلة والتسويف بمطالبنا المشروعة من قبل المحافظ ومن قبل الحكومة، قرر ثوار بابل غلق كل من: جسر بته، مجسر الثورة، تقاطع باب الحسين، تقاطع شارع 40، تقاطع الداخل والخارج من جهة المحكمة، مجسر ناد، شارع الجمعية تقاطع المستشفى التركي، وشارع 80». وأكد المتظاهرون في بيانهم أن عمليات القطع تبدأ من اليوم وحتى إشعار آخر. وقام متظاهرون في محافظة كربلاء بإغلاق مكتب البرلمان بـ«اللحام» كما أغلقوا دوائر أخرى بالطريقة نفسها.
وفي محافظة ذي قار التي انطلقت منها «مهلة الأسبوع»، تواصلت الاستعدادات لقطع الطريق الدولية الرابطة بين محافظات الجنوب وبغداد، وانتشرت مئات الصور لأكداس من الإطارات التالفة المعدة لقطع الطرق، وقام المتظاهرون بإغلاق عدد من الطرق والجسور في المحافظة، كما قاموا بإغلاق غالبية الدوائر والمؤسسات الحكومية. وخرج طلاب الجامعة بأعداد غفيرة والتحقوا بالمحتجين في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية.
وكانت جماعة مجهولة استهدفت، أول من أمس، الطالبة والناشطة نهاوند تركي وأباها بعد خروجهما من ساحة الحبوبي، لكن محاولة الاغتيال باءت بالفشل.
وفي محافظة المثنى، تواصل الإضراب الطلابي، والتحق طلبة الكليات الطبية في ساحة الغدير بالمتظاهرين، فضلاً عن غلق دوائر الخزينة والمجاري من قبل الأجراء الخريجين الذين يطالبون بفرص التعيين. كما توقفت حركة التقاطعات وأحرق متظاهرون الإطارات في الشوارع القريبة من المجمع الحكومي في المدينة.
وشهدت محافظة البصرة الجنوبية مظاهرات طلابية حاشدة وقطعاً لبعض الطرق والجسور في المدينة، مما دفع بقيادة العمليات في المحافظة إلى الإعلان عن خطة أمنية مشددة تحسباً من أي طارئ.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن العقيد ثائر عيسى نجم؛ في إعلام قيادة العمليات، قوله إن «قيادة عمليات البصرة وبالتعاون مع مديرية الشرطة وضمن الخطة التي تتعلق بالمظاهرات، وضعت خطة أمنية مشددة ومكثفة تحسباً لأي طارئ في حالة حدوث مظاهرات أو أي تصعيد من قبل المتظاهرين»، مشيراً إلى أن «الخطة تتضمن انتشاراً مكثفاً للمنتسبين في جميع أنحاء محافظة البصرة وتفعيل الجانب الاستخباري».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.