إبعاد نشطاء يساريين يهود عن الضفة الغربية

في سبيل منعهم من كشف ممارسات الاحتلال

TT

إبعاد نشطاء يساريين يهود عن الضفة الغربية

في خطوة اعتبرت «انتقامية هدفها حجب المعلومات حول ممارسات الاحتلال»، أصدر وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بنيت، أمراً إدارياً بإبعاد نشطاء يساريين إسرائيليين يهود عن الضفة الغربية وحظر دخولهم إليها.
ويشمل القرار نحو 30 ناشطا إسرائيليا في حركة «فوضويون ضد الجدار»، المعروفة بمعارضتها جدار الفصل العنصري الذي يحيط بالضفة الغربية ويلتهم مساحات واسعة من أراضيها. ومن بين أبرز قادة الحركة، الذين يمنع دخولهم الضفة، يونتان بولاك، الذي يطارده اليمين الإسرائيلي منذ سنوات ويعتدون عليه وفي الأسبوع الماضي طاردته قوة من المخابرات العامة لرفضه المثول أمام محكمة إسرائيلية تريد محاكمته في دعوى مقدمة ضده وتتهمه بأنه اعتدى على جنود الجيش الإسرائيلي.
المعروف أن بنيت، ومنذ تعيينه وزيرا للأمن قبل شهرين، وهو يدير سياسة انتخابية لخدمة اليمين المتطرف. وكان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عينه في المنصب عندما علم أنه يدير مفاوضات سرية بهدف الانضمام إلى ائتلاف حكومي برئاسة بيني غانتس، زعيم حزب الجنرالات «كحول لفان». فقد بدأ في تنفيذ خطة لضم المستوطنات إلى إسرائيل وأعلن عن مناطق فلسطينية محميات طبيعية لتحويلها لاحقا إلى المستوطنات. وفي يوم أمس، خرج بتعليماته إلى الجيش أن يمنع دخول اليساريين إلى الضفة الغربية، وفق أوامر تستند إلى قوانين الطوارئ التي وضعها الانتداب البريطاني واستخدمتها السلطات الإسرائيلية لعشرات السنين ضد مواطنين عرب (من فلسطينيي 48)، ثم استخدمتها قبل بضع سنوات ضد مستوطنين يهود متطرفين، مشتبهين بالاعتداء على فلسطينيين وممتلكاتهم. وقال بنيت إنه قرر ألا يقتصر إصدار أوامر الإبعاد على المستوطنين ونشطاء اليمين وأنه من اليوم ستوجه أيضاً ضد «نشطاء فوضويين من اليسار».
وأضاف بنيت أنه أصدر تعليماته لقوات الجيش كي تعمل بـ«قبضة حديدية» لمواجهة المظاهرات التي يشارك فيها النشطاء ضد جدار الفصل في الضفة الغربية، وذلك «بهدف تقليص المساس بجنود الجيش»، على حد قوله. وزعم أن «الناشطين في «فوضويون ضد الجدار»، يعملون بالتنسيق مع ناشطين فلسطينيين في الضفة ومنظمات «يسارية متطرفة»، بهدف تنفيذ أنشطة «استفزازية» في 4 مواقع أساسية، وهي بلعين ونعلين وقدوم والنبي صالح. فهذه النشاطات تتسبب بأذى لجنودنا وتلحق أضرارا دعائية كبيرة بإسرائيل في الخارج».
لكن أوساطا سياسية مقربة من بنيت اعتبرت خطوته بمثابة «ضربة يوجهها إلى الفلسطينيين الذين يستغلون سذاجة اليهود اليساريين». وقالت، في تصريحات لصحيفة «هآرتس»، إن «عدد الإسرائيليين الذين يشاركون في المظاهرات في الضفة بات أقل من السابق بكثير، ويجب القضاء عليه تماما. فالوزير مقتنع بأنه في حال إبعاد الناشطين الإسرائيليين فإن مظاهرات الفلسطينيين ضد إسرائيل ستتوقف».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».