«الثورة» تطيح البرامج التلفزيونية اللبنانية حتى إشعار آخر

جديدها وضع في الأدراج وأبقي على تلك التي تواكبها

برنامج «عشرين ثلاثين» على شاشة «إل بي سي آي» واكب أحداث الثورة منذ بداياتها
برنامج «عشرين ثلاثين» على شاشة «إل بي سي آي» واكب أحداث الثورة منذ بداياتها
TT

«الثورة» تطيح البرامج التلفزيونية اللبنانية حتى إشعار آخر

برنامج «عشرين ثلاثين» على شاشة «إل بي سي آي» واكب أحداث الثورة منذ بداياتها
برنامج «عشرين ثلاثين» على شاشة «إل بي سي آي» واكب أحداث الثورة منذ بداياتها

إذا تصفحت بسرعة برامج التلفزيونات اللبنانية منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) تاريخ انطلاق الانتفاضة اللبنانية حتى اليوم، فلا بد أن تلاحظ تراجعا كبيرا في إنتاجاتها الجديدة. فتلك المحطات كانت تخطط لموسم تلفزيوني غني بالدراما وبرامج حوارية منوعة وسياسية. وبدأت في عرض بعضها والترويج لغيرها منذ أواخر سبتمبر (أيلول) 2019، إلا أنها عادت وخلطت أوراقها من جديد بسبب الحراك المدني في لبنان. فالمظاهرات التي عمت لبنان من شماله إلى جنوبه بين ليلة وضحاها فاجأت القيمين على تلك المحطات، مما دفع بهم إلى التخلي عن مخططاتهم. كما أن كثافة النقل الخارجي الذي تطلبته المرحلة الميدانية لمتابعة مستجداتها أطاحت بمتابعة أي برنامج تعرضه. وهو ما أجبر المحطات على وضع خطط جديدة لشبكات برامجها.
أما العنوان العريض المتبع من قبل المحطات، فتمثل بالتقنين في المصاريف إلى حدّ جعل بعضها يتأخر عن تسديد أجر موظفيه، فيما قررت غالبيتها دفع نصف الأجر الشهري لهؤلاء، بعد حالة شحّ مادية ملحوظة. فيما أعلنت غيرها عن صرف عدد من موظفيها في خطوة منها لعصر نفقاتها.
فالإعلانات التجارية التي كانت تغطي معظم مصاريف تلك القنوات تراجعت، وتسبب ذلك باتخاذ التدابير اللازمة لاستمرارية خجولة لا موعد محدداً لتجاوزها. وهكذا بدأت محطات التلفزة بالتخلص من هذا البرنامج وذاك وإيقاف عمليات تصوير والاكتفاء بما يناسب ميزانياتها.
وانطلاقا من هذا الأمر أبقت «إل بي سي آي» على برنامج «عشرين 30» لألبير كوستانيان الذي يواكب أحداث الساعة في حوارات سياسية واقتصادية، وكذلك على البرنامج الانتقادي الساخر «لهون وبس» لهشام حداد. ووزعت برامج أخرى تواكب أحداث الانتفاضة اللبنانية على باقي أيام الأسبوع كـ«فساد بفساد» و«نحنا معك».
ويعلّق رئيس مجلس إدارة تلفزيون «إل بي سي آي» بيار الضاهر: «كان علينا اعتماد التغيير في برمجتنا لسببين: أولا لأن اهتمامات الناس تبدلت فتحولت نحو البرامج السياسية، وثانيا لأن السوق الإعلانية تأثرت جذريا بالوضع، فانعكس ذلك سلبا على مداخيلنا».
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعلم فعليا إلى أي مدى نحن قادرون على الاستمرار، وبرأيي إننا لا محالة واصلون إلى الإفلاس، والثورة من ناحيتها تحاول إيجاد الحل على طريقتها. فكل ما ينتظرنا يتعلق بالوضعين السياسي والاقتصادي في البلد. ونتأمل أن توجد تركيبة جديدة في المجالين. ولكن ما هو الوقت الذي سنستغرقه كي تعود العجلة وتسير بطبيعية فلا نعرف».
وعن ردود الفعل السلبية التي تواجهها المحطة في ظل إعادات لمسلسلات معروضة سابقا يقول: «هل فكروا بالأزمة الاقتصادية التي نعاني منها قبل نشر هذا النوع من التعليقات؟ فالصرف الإعلاني هبط إلى ما دون نسبة 20 في المائة في المحطة. فمن أين نحصل على المال لشراء مسلسلات عرض أول؟» وعن سبب صرفه نحو 8 موظفين من المحطة يوضح: «كانوا تابعين لمحطة (إل بي سي) التي أقفلت أبوابها، فجاء القرار يواكب ما جرى على أرض الواقع». ويضيف «لا أريد أن أتشاءم ولكننا من دون شك سنصل إلى حائط مسدود. وفي حال وجد الحل سيكون صعبا، ويستغرق وقتا للعودة إلى ما كنا عليه. ولطالما حذرنا من هذه الأزمة منذ نحو 5 سنوات، ولا أحد كان يرد علينا. فلا المحطات تضامنت مع بعضها، ولا الدولة تجاوبت مع مقترحاتنا لتغيير الأنظمة فيها. ولكن هل بيار الضاهر متفائل أم متشائم؟ أنا متفائل ولسبب وحيد هو أن الطبقة السياسية الموجودة حاليا سترحل قريبا، وبالتالي سيتجدد لبنان من إعلامه ومجتمعه واقتصاده وصولا إلى تركيبته السياسية». وعن اتفاق جميع محطات التلفزة المحلية على تغيير بثها الفضائي لتنتقل من «نايل سات» إلى «عرب سات» يرد: «في أيامنا الحالية هل من معادلة أفضل من اعتماد التوفير واقتناص الفرص؟ فالمجان لا يمكن لأحد أن يرفضه وهو ما قدمته (عربسات) لنا من خلال اتفاق يؤمن لنا سنة ونصف السنة من البث من خلالها، مجانا من دون أي تكلفة».
وعن سبب تراجع محطات التلفزة وبينها «إل بي سي آي» في تغطية تحركات الثورة على الأرض يوضح: «لا يسعني أن أفتح الهواء من أجل حفنة من المتظاهرين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. فعندما كنا نواصل في الشهرين الماضيين هذه التغطية، فلأنه كان هناك ما نسميه (الخبر) في لغتنا الإعلامية. فلا مبرر للتغطية في ظل غيابه. كما أن نشاطات هؤلاء لم تعد يومية بل انتقائية. وعندما نلمس ضرورة للتغطية، فإننا لن نقصّر».
من ناحيتها فإن محطة «إم تي في» اللبنانية ليست في حال أفضل من زميلتها الأولى. فهي أيضا اضطرت أن تعتمد التأني في مصاريفها والتي تنعكس سلبا على إنتاجاتها. ولذلك أوقفت عرض مسلسل «بردانة أنا» الذي خصصت له حزمة إعلانية ملحوظة قبيل عرضه على شاشتها في منتصف سبتمبر الفائت. لتأتي ثورة «لبنان ينتفض» وتطيح به على أمل متابعة عرضه في موسم رمضان المقبل.
وأبقت إدارة برامج المحطة على عرض برامج مسلية كـ«منا وجر» لبيار رباط و«بالوكالة» لجو معلوف و«بيت الكل» لعادل كرم، والتي قد تشهد تعديلات في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
ويعلق مدير البرامج في محطة «إم تي في» جوزيف الحسيني: «نعم الثورة أطاحت بالبرامج التلفزيونية. وحاليا نتعامل مع الواقع الذي فرضته علينا كما هو. وهناك رسائل إلكترونية داخلية دائمة نعتمدها بين مديري الأقسام في المحطة للإعلان عن أي تغييرات وتعديلات في البرمجة تفرضها علينا الأوضاع الميدانية والسياسية». وعن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المحطة يقول في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هبطت نسبة الإعلانات عندنا لتلامس الصفر في عزّ أيام الثورة، وحاليا بالكاد نؤمن الـ20 في المائة منها. وكنا قبيل الثورة ملتزمين مع أكثر من مقدم برامج وشركات منتجة لتأمين عروض برامج دراما وأخرى اجتماعية ومسلية لسبعة أيام في الأسبوع. ولكن جميع تلك الارتباطات حلّت تلقائيا بسبب الثورة. حتى أننا اضطررنا إلى وضع بعض إنتاجاتنا في الأدراج كـ«مين بيعرف؟» لناديا بساط الذي صورنا عددا من حلقاته، ودراما «ع اسمك» لكارين رزق الله وجيري غزال. وبالتالي ألغينا برنامج «رقص المشاهير»، وآخر كان سيقدمه طوني بارود وثالث لمحمد قيس. إلى حين تتبلور الصورة عامة وعودة الحركة الإعلانية لتغطية تكلفتها».
وعما إذا كانت هذه الأزمة التي تمر بها محطات التلفزة يمكنها أن تدفع بمشاهدها للتحول إلى قنوات فضائية يرد: «سيكون ذلك من أصعب المراحل التي يمكن أن نمر بها فرئيس مجلس إدارة (إم تي في) ميشال المر حاول جاهدا وضع تركيبة تلفزيونية تجذب المشاهد اللبناني والعربي وحتى المغتربين، وهو لا يزال يجتهد للحفاظ عليها. فالأزمة الاقتصادية تسري على الجميع. وحاليا لا نقوم بوضع برمجة تلفزيونية بل ما يمكن أن نسميه (إدارة الأزمة)».
ومن ناحيته فإن تلفزيون «الجديد» عرف كيف يستدرك الأزمة المادية التي يمر بها كغيره من المحطات، عندما اكتفى بعرض برنامج «يوميات ثورة» مساء كل يوم. وتناوب على تقديمه إعلاميون كانوا يتمتعون ببرامج خاصة بهم عبر هذه الشاشة أمثال نيشان ديرهاروتونيان وطوني خليفة وجورج صليبي إضافة إلى عدد من مذيعي الأخبار. ولكنها عادت مؤخرا تعلن عن عودة تلك البرامج منفصلة «أنا هيك» و«طوني خليفة» و«هلق شو».
«إن الأولوية التي تقدمها محطتنا على غيرها هي إعطاء الشاشة للناس وللمستجدات على الأرض. ونحن كما أحوال البلاد نعيش كل يوم بيومه. وسنكمل في هذا الإطار؛ إذ لا يمكننا أن نغيب أخبار (الثورة) عن برمجتنا العامة». تقول كرمى خياط نائب رئيس مجلس إدارة تلفزيون «الجديد». وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قمنا حاليا في إعادة إطار الشكل لبرامجنا بحيث تعود برامج (أنا هيك) لنيشان ديرهاروتونيان و(طوني خليفة)، ولكن ضمن قالب يواكب الثورة والمستجدات على الأرض، وسنضيف إليها (فليسقط حكم الفاسد) مع رياض قبيسي ليطل مرة في الأسبوع في ملفات ساخنة تدور في فلك محاربة الفساد». وعن الخطة المستقبلية للقناة في رمضان 2020 تقول: «لا شك أننا نفكر في إتاحة متنفس للناس من خلال مساحة درامية. ونتوجه إلى برمجة تؤمن لهم ذلك وتناسب قدراتنا المادية في الوقت نفسه في ظل سوق مضروبة للإعلانات التجارية. فليس من الضرورة أن نلتزم ببرمجة معينة في موسم رمضان سيما وأننا محكومون بمستجدات نجهلها. وفي حال كان الهدوء سيد الموقف فإننا ندرس سيناريوهات مختلفة لإرضاء المشاهدين على اختلاف مشاربهم».
يذكر أن الاحتجاجات غير المسبوقة في لبنان تدخل شهرها الرابع، وشهد وسط بيروت في الأيام الأخيرة مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، أوقعت أكثر من 160 إصابة في صفوف الطرفين، فيما لا تزال القوى السياسية عاجزة عن تشكيل حكومة تهدئ غضب الشارع. ويتهم البعض الإعلام مؤخرا بأنه لا ينصف الشارع في التغطية.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.