السيسي يشدد على «الحق الوجودي» في مياه النيل

شكري قال إن مفاوضات «سد النهضة» وصلت إلى نقطة «حاسمة»

الرئيس المصري السيسي ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط يتوسطان عدداً من مسؤولي «البنك الدولي» أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري السيسي ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط يتوسطان عدداً من مسؤولي «البنك الدولي» أمس (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يشدد على «الحق الوجودي» في مياه النيل

الرئيس المصري السيسي ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط يتوسطان عدداً من مسؤولي «البنك الدولي» أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري السيسي ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط يتوسطان عدداً من مسؤولي «البنك الدولي» أمس (الرئاسة المصرية)

في الوقت الذي شدد فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقاء مع عدد من مسؤولي «البنك الدولي»، أمس، أهمية مياه النيل باعتبارها تمثل «الحق في الوجود والحياة» بالنسبة إلى القاهرة، اعتبر وزير خارجيته سامح شكري، أن «مفاوضات سد النهضة» مع إثيوبيا والسودان وصلت إلى نقطة «حاسمة».
وأفادت الرئاسة المصرية، أمس، بأن السيسي استقبل وفداً رفيع المستوى من أعضاء مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي، وتطرق إلى «ملف سد النهضة مستعرضاً التطورات الجارية فيما يخص المفاوضات». وشارك البنك الدولي والولايات المتحدة، كمراقبين، في المشاورات التي استضافتها واشنطن بين مصر والسودان وإثيوبيا، للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة الذي تشيّده أديس أبابا. وأعلنت الدول الثلاث المعنية بمفاوضات سد النهضة، أواخر الأسبوع الماضي، في أعقاب مفاوضات ماراثونية، جرت في واشنطن، أنّها «أحرزت تقدّماً حول محددات رئيسية لملء خزان السد»، مشيرةً إلى أنّها «ستجتمع مجدّداً في 28 و29 من يناير (كانون الثاني) الجاري في أميركا لتذليل العقبات المتبقية والتوصّل لـ(اتفاق شامل)».
وقال السفير بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أمس، إن السيسي «شدد لوفد البنك الدولي على أهمية مياه النيل الحيوية بالنسبة لمصر وشعبها، وأيضاً الفارق الجوهري بين الحق في التنمية (لإثيوبيا)، والحق في الحياة والوجود (لمصر)».
بدوره، قال وزير الخارجية المصري، خلال تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن «هناك اهتماماً من مصر والسودان لتحقيق المصالح الإثيوبية»، معبّراً عن توقعه أن يكون «الطرف الإثيوبي أكثر تفاهماً واهتماماً بالمصالح المصرية والسودانية، وعلى استعداد للوفاء بها».
وأفاد شكري بأن «هناك تفاهماً بشأن التعريفات بشأن سد النهضة، بينما تتبقى صياغة التفاهمات بلغة لا تقبل التأويل»، موضحاً أن «مفاوضات فنية وقانونية بشأن السد ستبدأ الأربعاء المقبل لوضع الصياغات النهائية للاتفاق المنتظر مناقشته خلال الاجتماع المنتظر أواخر الشهر».
كما نوه شكري بأن مشاركته خلال «الجولات التي عُقدت خلال الشهرين الماضيين في السودان وإثيوبيا والقاهرة بالإضافة إلى الاجتماعات التي عُقدت في واشنطن وآخرها التي انتهت أمس، كلها كانت إيجابية في الوصول إلى مجموعة من التفاهمات بين الدول».
وفي حين أوضح شكري أنه كان «هناك توافق حول مفاهيم مرتبطة بالقضايا الجوهرية الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة، والتي تؤكد أيضاً الحقوق الخاصة بدول المصب وتتيح لإثيوبيا الاستفادة من المشروع الكبير دون الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان»، أكد أن «البيان الذي صدر عن وزارة الخزانة الأميركية بشأن المفاوضات لا يشكل اتفاقاً وإنما هو مجرد توضيح للقضايا الرئيسية التي ستكون محل الاتفاق النهائي».
وبشأن البند العاشر في اتفاق المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا والمتعلق باللجوء إلى وسيط دولي في حال تعثر الوصول لاتفاق، أكد شكري أنه «سيظل قائماً لحين الوصول إلى اتفاق نهائي، وحال تحقق ذلك ستنتهي الوضعية القانونية لاتفاق المبادئ».
كانت وزارة الري بمصر قد اتهمت مواقع إلكترونية -لم تسمّها- بتناول «معلومات خاطئة» عن الجولة الأخيرة لمفاوضات سد النهضة، موضحةً أن «البيان الختامي للاجتماع تناول العديد من النقاط المهمة، منها كميات المياه المراد تخزينها، وسنوات الملء، عبر الإشارة إلى أن عملية الملء ستكون طبقاً لهيدرولوجية النهر، بمعنى أن تتوقف على كميات الفيضان المتغيرة من سنة إلى أخرى، وهذا المفهوم لا يعتمد على عدد السنوات والكميات المخزنة كل عام بشكل محدد أو ثابت، إنما اعتماداً على هيدرولوجية النهر وحالة الفيضان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».