غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «برلين» مظلة واقية لتوافقات الليبيين اللاحقة

تحدث عن 3 فروقات جوهرية للقمة المرتقبة... وخطة لتحويل الهدنة إلى وقف إطلاق نار «حقيقي»

غسان سلامة (أ.ف.ب)
غسان سلامة (أ.ف.ب)
TT

غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «برلين» مظلة واقية لتوافقات الليبيين اللاحقة

غسان سلامة (أ.ف.ب)
غسان سلامة (أ.ف.ب)

قبل 48 ساعة تقريبا من انعقاد قمة سعى إليها منذ ما يربو على خمسة أشهر من الركض والترتيبات والاجتماعات، يقول الدكتور غسان سلامة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إن لديه خطة متكاملة لتحويل الهدنة الحالية إلى وقف لإطلاق نار حقيقي لكل العمليات العسكرية في ليبيا، وسيعرضها على قمة برلين المزمع عقدها غدا بحضور كبير، لكي يحصل منها على الموافقة والدعم.
وفي حوار هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مع الممثل الأممي، شدد سلامة على أن قمة برلين «لا تسعى إلى حل المشكلة الليبية بكل جوانبها، هي فقط تسعى إلى إنشاء مظلة دولية حامية لما سيتفق عليه الليبيون». وتحدث سلامة عن أن القمة «ستكون المظلة الواقية لما سيتفق عليه الليبيون في مسارات ثلاثة، اقتصادية وسياسية وعسكرية».
ويأمل سلامة «إنشاء حكومة وحدة وطنية يفرزها الحوار الليبي ـ الليبي خلال الأسابيع المقبلة بحيث نضع حدا لوجود حكومة في طرابلس وحكومة موازية أخرى». ويقول: «نسعى لتوحيد الحكومتين، وإنشاء حكومة وحدة وطنية».
وشدد الممثل الأممي على أنه «هناك عدد كبير من غير الليبيين الذين يقاتلون في الجبهات الليبية، هناك مقاتلون من أكثر من 10 دول، آخرهم كان وصول عدد من المقاتلين السوريين»، مفيدا بأنه جرى وضع خطة أمنية تقضي بخروج كل المقاتلين الأجانب من ليبيا مهما كانت جنسياتهم. فإلى تفاصيل الحوار

> دكتور غسان، ماذا يفرق مؤتمر برلين عن غيره من التجمعات الدولية التي ترمي إلى إخراج ليبيا من أزمتها التي تلمّ بها منذ سنوات؟
- مؤتمر برلين مختلف جوهريا عن كل ما سبق. أولا نحن نعمل على المؤتمر منذ منتصف أغسطس (آب) الماضي، حين جرى لقاء بيني وبين المستشارة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل في 15 أغسطس 2019. واتفقنا حينها ألا نعلن عن المؤتمر إلا بعد تجهيزنا كل الوثائق المتعلقة به، لذلك جرت حتى الساعة 5 اجتماعات في برلين على مستوى كبار المسؤولين، كما انعقد اجتماع وزاري على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي أيضا للتحضير إلى هذه القمة. وبالتالي هذه القمة أخذت 5 أشهر من التحضير الدقيق مع مجموعة من 10 دول بينها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وأيضا 3 منظمات إقليمية وهي الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وبالتالي هي لا تأتي من لا شيء، هي فقط نقطة الوصول بعد خمسة أشهر من العمل المضني للتوصل إلى ترميم الموقف الدولي من المسألة الليبية، وتم ذلك إلى حد كبير في الاجتماع الأخير لكبار المسؤولين الذي عقد في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اليوم السبت سنجتمع مرة أخيرة على مستوى كبار المسؤولين والأحد تجري القمة الساعة الثانية بتوقيت برلين.
الاختلاف الثاني الجوهري في قمة برلين، هو أنها لا تسعى إلى حل المشكلة الليبية بكل جوانبها، هي فقط تسعى إلى إنشاء مظلة دولية حامية لما سيتفق عليه الليبيون، الليبيون سيجتمعون وقد بدأوا في 3 مسارات ليبية خالصة، أولا: مالي واقتصادي وبدأت اجتماعاته في السادس من يناير (كانون الثاني)، أي منذ أسبوعين، الثاني: المسار العسكري والأمني نأمل عقده في القريب العاجل بين خمسة ضباط نظاميين من كل طرف لبحث الأمور العسكرية والأمنية لا سيما بحث تعزيز وقف إطلاق النار وبحث مستقبل التشكيلات المسلحة الموجودة على كامل البلاد، والمسار الثالث أساسي أيضا وهو المسار السياسي، وكما تعلم لقد وضعنا آلية لاختيار المندوبين إلى هذا المسار وبدأ كل من مجلس الدولة ومجلس النواب باختيار مندوبيهم منذ نحو خمسة أيام حيث يكون لكل دائرة انتخابية ممثل عن مجلس النواب وممثل آخر عن مجلس الدولة، وسنجمع هذا المسار السياسي في جنيف آخر هذا الشهر.
إذن الفرق الجوهري الثاني هو أننا فصلنا بحث عملية المظلة الدولية التي ستنشأ في برلين عن الحوار الداخلي الليبي الذي سيحصل في مسارات ثلاثة بدأ العمل عليها جدا منذ مطلع هذا العام.
أما الفرق الثالث الجوهري، هو أن الاجتماعات السابقة كانت تتم ثم يترك لبعثة الأمم المتحدة أن تنفذها منفردة، وبعثة الأمم المتحدة كانت دائما تسعى لكي تحصل على الدعم الدولي الضروري لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه وأحيانا تحصل عليه وأحيانا كثيرة لا تحصل عليه. لكن هذه المرة اتفقنا على مبدأ أساسي وهو أن كبار المسؤولين الذين اجتمعوا منذ أغسطس الماضي سيتحولون بعد قمة برلين يوم الأحد إلى لجنة متابعة، تعمل إلى جانب البعثة لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه. هذه هي الفروقات الأساسية بين قمة برلين والاجتماعات السياسية التي حصلت في السابق.
> جميع الحلول السياسية في المنطقة دائما تتحدث عن ضمانات التطبيق على الأرض. الآن أنتم جمعتم الأضداد هذه المرة، فهل الهدف هو هذه الضمانات؟
- نعم، هذا هو الهدف، أن تأتي كل الدول المتدخلة وتجتمع معا في برلين، وتتفق على عدد من الأمور منها وقف التدخل في الشؤون الداخلية الليبية، وقف تصدير السلاح، ومنها وقف تصدير المرتزقة، واحترام ما يتفق عليه الليبيون في المسارات الثلاثة التي ذكرتها آنفا.
بالتالي، فإن قمة برلين ستشكل المظلة الواقية لما سيتفق عليه الليبيون، هذا هو المنطق، وتقدمت بهذه الفكرة لمجلس الأمن في آخر شهر يوليو (تموز) الماضي، ووافق مجلس الأمن على خطة العمل التي نفذناها بحذافيرها، إذ أننا فصلنا عملية ترميم الموقف الدولي الذي تهتم به قمة برلين عن المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية الليبية التي تجري بإشراف البعثة في الوقت نفسه. هناك تزامن بين الحوارات الليبية وبين إنشاء المظلة الدولية الواقية، لأن ما حصل في السابق هو أن الأطراف الليبية نفسها استقوت بالخارج، وبالتالي استدعت التدخلات الخارجية، والتدخلات الخارجية بحدوثها زادت من الانقسامات الليبية، هذه الحلقة المفرغة التي دخلت إليها ليبيا منذ مطلع العام 2019 نريد أن نكسرها كسرا باترا، ونقيم مكانها دائرة فاصلة، وهي المظلة الدولية الحامية والتفاهم الليبي الداخلي.
> هناك تساؤلات عن موقف الأمم المتحدة من إرسال تركيا مقاتلين سوريين إلى ليبيا في الوقت الذي يعاني فيه السوريون كثيرا طيلة الأعوام الماضية. فبماذا تطالبون حيال ذلك؟
- هناك عدد كبير من غير الليبيين الذين يقاتلون في الجبهات الليبية، هناك مقاتلون من أكثر من 10 دول، آخرهم كان وصول عدد من المقاتلين السوريين، نحن طبعا وضعنا خطة أمنية تقضي بخروج كل المقاتلين الأجانب من ليبيا مهما كانت جنسياتهم. نحن نعلم أن الوضع القانوني لهؤلاء المقاتلين مختلف جوهريا. هناك شركات أمنية خاصة تعمل إلى صالح هذا الطرف أو ذاك. هناك بعض القوى النظامية تعمل كخبراء ومدربين إلى جانب هذا الطرف أو ذلك. هناك مقاتلون جاءوا لأسباب أيديولوجية للقتال في ليبيا إلى جانب هذا الطرف أو ذلك، كل هذه الفئات من غير الليبيين مهما كان وضعهم القانوني نحن نريد أن يخرجوا من ليبيا خلال الأسابيع المقبلة لكي يتفاهم الليبيون فيما بينهم. وبالتالي، نحن نعارض وجود كل هؤلاء المقاتلين من غير الليبيين سواء كانوا نظاميين أو مرتزقة أو شركات أمنية خاصة.
> ماذا لو سألنا عن الموقف الأميركي حيال قمة برلين؟
- كان هناك تشوش في الموقف الأميركي، لكن هذا التشوش بدأ ينحسر بشكل كبير. كان هناك في البداية تحفظ من مسار برلين كما أطلقته الأمم المتحدة، لكن في الفترة الأخيرة وجدنا الأميركيين أكثر اهتماما مما سبق بمسار برلين وأكثر انغماسا في تفاصيله، وكنت أعلم أن أميركا كانت ستتمثل على مستوى ضعيف جدا في برلين لكن منذ يومين الأميركيون قرروا رفع مستوى تمثيلهم وسيرسلون وزير الخارجية مايك بومبيو ليكون موجودا وهو طلب الالتقاء بنا فور وصوله برلين، وسنتحدث معه ونضعه في صورة الأحداث في ليبيا. أنا أعتقد أن الشرنقة الغامضة إلى حد ما التي كانت فيها السياسة الأميركية بدأت تتبلور منذ أسابيع، وهي الآن أكثر حرصا من أي وقت مضى على إنجاح قمة برلين.
> هناك مسعى بحسب البعض لرئيس برلمان شرق ليبيا بسحب الشرعية من حكومة الوفاق. هل هي ما زالت شرعية برأيكم فهناك دول مثل مصر مثلا طرحت مثل هذا التساؤل؟
- يحق لكل دولة أن يكون لها رأيها. لكن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عليه أن يحترم قرارات مجلس الأمن الدولي. وهناك قرار من مجلس الأمن الدولي يعود إلى مطلع العام 2016 يعترف بحكومة الوفاق الوطني حكومة شرعية للبلاد. أنا لا يحق لي كممثل للأمين العام أن أناقض ما يقرره مجلس الأمن الدولي. إذا قرر مجلس الأمن الاعتراف بهذه الحكومة أو حكومة أخرى فعلي أن لا أعارض ذلك القرار. نحن نأمل إنشاء حكومة وحدة وطنية يفرزها الحوار الليبي ـ الليبي خلال الأسابيع المقبلة بحيث نضع حدا لوجود حكومة في طرابلس وحكومة موازية أخرى. نحن نسعى لتوحيد الحكومتين، وإنشاء حكومة وحدة وطنية، ولكن حتى حدوث ذلك الأمر علي احترام قرارات مجلس الأمن الذي ما زال يعترف بحكومة الوفاق الوطني حكومة شرعية للبلاد. ولا يحق لدولة بعينها، وبالتأكيد لا يحق لي أن أعارض مجلس الأمن.
> هل توافق قول المشير حفتر في أن هناك ميليشيات إرهابية تساند حكومة السراج وتنتشر في طرابلس، فما مدى دقة هذه المعلومات؟
- هناك أشكال وأنواع من المقاتلين في ليبيا حاليا. نحن نريد أن يخرج المقاتلون مهما كانت جنسياتهم ومهما كانت آيديولوجياتهم من ليبيا. وهذا ما يريده الشعب الليبي. ويأتي ليبيون كل يوم إلى مكتبنا في طرابلس ويقولون لقد سئمنا من التدخلات الخارجية والمقاتلين غير الليبيين الموجودين على الأرض الليبية، ولذلك، نسعى بكامل قوانا لكي تعود الأرض الليبية ملكا لليبيين دون غيرهم. بهذا المعنى نحن نسعى بكل قوانا في هذا الاتجاه.
> ماذا ستفعل بعد برلين مباشرة؟
- سأُفعّل المسارات التي بدأت في السادس من يناير الحالي، المسار المالي والاقتصادي وهو أساسي في بلد ريعي كما هي ليبيا. وأيضا المسار الأمني في حال سلمني السيد حفتر والسيد السراج لائحة بخمسة ضباط نظاميين من كل جانب أجمعهم فورا في جنيف أجمعهم فورا لكي نتحدث في عملية تحصين وقف إطلاق النار وتحويل الهدنة الحالية إلى وقف نار حقيقي، وأنت تعلم أن هناك فارقا كبيرا بين الهدنة وإطلاق النار، الهدنة قرار فردي لكن وقف إطلاق النار يتطلب العديد من التفاصيل التي يجب التفاوض عليها مثل «متى يحصل وقف إطلاق النار» و«من يراقب وقف النار» وغير ذلك.
> هل تلقيتم دعما بالمساعدة في مسألة وقف إطلاق النار سواء من الأمم المتحدة أو أي من الدول الأخرى على غرار ما يتم في الحديدة على سبيل المثال؟
- أنا ذاهب إلى برلين للمطالبة بذلك، ولدي خطة متكاملة لتحويل الهدنة الحالية إلى وقف لإطلاق نار حقيقي لكل العمليات العسكرية وسأعرضها على قمة برلين لكي أحصل منها على الموافقة والدعم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.