ليبيون ينتفضون لمنع حكومة «الوفاق» من استغلال عائدات النفط

قالوا إنها توظفها لجلب قوات تركية ومرتزقة لتأجيج حرب طرابلس

TT

ليبيون ينتفضون لمنع حكومة «الوفاق» من استغلال عائدات النفط

وسط حراك شعبي وقبائلي يطالب بمنع تصدير النفط الليبي، بهدف حرمان حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، من توظيف عائداته لجلب قوات تركية ومرتزقة موالين لها إلى الأراضي الليبية، رُصد أول من أمس، خرق جديد لهدنة وقف إطلاق النار بين قوات «الجيش الوطني»، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق»، تمثل في استهداف مستودع للنفط جنوب العاصمة طرابلس.
لكن مسؤولاً عسكرياً بارزاً في «الجيش الوطني» قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «قواته ما زالت ملتزمة بالهدنة الهشة في مختلف محاور القتال، رغم تسجيلها عدة خروقات من جانب الميليشيات».
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه: «سنذهب إلى مؤتمر برلين بالهدنة؛ لكننا نتحسب لاحتمال انهيارها في أي وقت»، لافتاً إلى أن قوات الجيش عززت من مواقعها في العاصمة «تحسباً لأي هجوم من العدو؛ خصوصاً بعد دعمه من تركيا بمقاتلين سوريين وأتراك، ومعدات وأسلحة».
وتحدث بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع لـ«الجيش الوطني»، عن ازدياد قتلى (المرتزقة) السوريين، عندما رد الجيش على محاولات تقدمهم»، الذي اعتبره «حقاً مكفولاً».
وبينما وصفها باختراقات صريحة لوقف إطلاق النار، نقل المركز أنباء عن «بدء عزوف مقاتلي إدلب عن الالتحاق بصفوف المقاتلين، رغم المغريات، وذلك بعد وصول جثامين قتلاهم، وما يرويه الجرحى عن بسالة وقوة مقاتلي الجيش الليبي».
كما اتهم البيان «الميليشيات السورية» بإطلاق النار، وقتل الليبيين العائدين لبيوتهم في منطقة المشروع، وطريق السدرة بالعاصمة طرابلس قصد منعهم من العودة، لافتاً إلى أن «الدم الليبي أصبح رخيصاً في ظل حكومة العمالة غير الشرعية»، على حد تعبيره.
وخاطب البيان سكان العاصمة طرابلس متسائلاً: «ماذا تنتظرون يا أهلنا في طرابلس؟ انتفضوا قبل أن تستباح بيوتكم وحرماتكم من هؤلاء».
في غضون ذلك، دعا حراك شعبي لأهالي وأعيان منطقة الهلال النفطي، في بيان مساء أول من أمس، إلى إغلاق صمامات تصدير النفط وحقوله بمنطقة الزويتينة والبريقة، احتجاجاً على ما وصفوه بـ«الدعم الذي تقدمه مؤسسة النفط، الموالية لحكومة السراج، للميليشيات التابعة لها»؛ لكن المؤسسة أدانت تلك الدعوات.
ونقل بيان أصدرته المؤسسة، أمس، عن رئيس مجلس إدارتها مصطفى صنع الله، قوله إن «قطاع النفط والغاز هو شريان الحياة بالنسبة للاقتصاد الليبي، وهو أيضاً مصدر الدخل الوحيد للشعب الليبي»، مشدداً على أن المنشآت النفطية «هي ملك للشعب الليبي، ولا يجب استخدامها كورقة للمساومة السياسية».
وكانت المؤسسة قد أعلنت عن سقوط قذائف على مستودع طريق المطار جنوب طرابلس، التابع لشركة البريقة لتسويق النفط، مساء أول من أمس، ما أدى إلى اشتعال نيران في سبع شاحنات تابعة للشركة، وإصابة أحد عناصر أمن المنشآت النفطية بشظايا القذائف، أثناء قيامه بمساعدة رجال الإطفاء على الدخول إلى المستودع.
وقال صنع الله: «إن المستودع تعرض للقصف عدة مرات، منذ بدء أعمال العنف في طرابلس، ما هدد سلامة العاملين به، وأدى إلى تعقيد عملية تزويد طرابلس والمناطق المجاورة بالمحروقات، وهو أمر غير مقبول بتاتاً»؛ مشيراً إلى أن «شركة البريقة ستتابع إيصال الوقود الضروري إلى المحطات في العاصمة». مطالباً «الجهات المحلية والدولية بالقيام بمسؤولياتها لوقف الاقتتال، الذي قد يؤدي لحدوث كوارث إنسانية وبيئية».
بدورها، نشرت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، صوراً قالت إنها «تظهر جانباً من الأضرار التي لحقت بأسطول شاحنات النقل في مجمع البريقة النفطي بطريق المطار، نتيجة استهدافه من قبل قوات (الجيش الوطني) بقذائف (هاون) أطلقتها، لتسجل خرقاً متكرراً في قرار وقف إطلاق النار».
ولا تزال هدنة مؤقتة بدأ سريانها منذ الأحد الماضي صامدة إلى حد كبير، رغم تبادل الفريقين الاتهامات بانتهاكها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.