الأزمة الاقتصادية تنعكس على قطاعات المهن الحرة

TT

الأزمة الاقتصادية تنعكس على قطاعات المهن الحرة

رفعت نقابات ترعى شؤون المهن الحرة الصوت معلنة تفاقم أزماتها المادية على ضوء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فيما طالب وزير الاقتصاد في الحكومة اللبنانية بدعم القمح المستورد لإنتاج الطحين.
ووجّه وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء عرض فيه مسألة «ارتفاع أسعار كافة السلع الاستهلاكية عموماً والغذائية خصوصاً منذ بضعة أشهر، بما فيها أكلاف صناعة الرغيف»، طالباً «إعطاء موافقة استثنائية لدعم القمح المستورد لإنتاج الطحين الخاص بصناعة الخبز، حفاظاً على الأمن الغذائي للمواطنين واستقرار سعر الخبز».
وورد في الكتاب أن الطلب جاء على ضوء «الضائقة الاقتصادية والمالية التي تمرّ بها البلاد وانعكست ضيقاً على ذوي الدخل المتوسط والمحدود، بما أن هذا الواقع يضعنا جميعاً أمام مسؤولية وطنية، اجتماعية وإنسانية مشتركة». ونفّذ الجسم الطبي وقفة تضامنية رمزية مع القطاع الاستشفائي، أمام مستشفيات عدة منها مستشفى «أوتيل ديو» حيث نُفذ التجمع المركزي، وانضم الممرضون والمرضى إلى الوقفة في ظلّ أزمة شحّ المعدّات والمستلزمات الطبية، وبعد أن أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال جميل جبق أنه تم التوصل إلى حلّ مؤقت لهذه الأزمة، جاء الرد من نقابة المستشفيات أن الحلّ لا يمكن تطبيقه بهذه السرعة، ومن هنا الحاجة إلى حل أشمل.
ووعد الأطباء أنهم سيقفون دائماً إلى جانب المواطنين في الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع الاستشفائي، مطمئنين ألا داعي للقلق لأنهم لن يسمحوا بأن يكون أي مريض تحت الخطر. وأوضحوا أن «90 في المائة من الحالات يمكن للأطباء معالجتها بالإمكانات البسيطة المتوافرة»، مؤكدين أن «هناك قوة تضامن كبيرة واللبنانيون خارج لبنان وداخله يقدمون المساعدات للقطاع وستكون هناك دائماً مساعدات من جانبهم والجسم الطبي سيساعد القطاع على النهوض من جديد».
وتنظم جمعية الصناعيين اللبنانيين تجمعا صناعيا ضخما يشارك فيه صناعيون وعمال صناعيون من كل المناطق اللبنانية تحت شعار «آخر صرخة»، يوم الثلاثاء المقبل تحت شعار «لأن صناعتنا في خطر» و«لأن عمالنا في خطر».
وناشد رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان إيلي قزي في بيان، «الدولة توفير التسهيلات للمؤسسات، خصوصا شركات السيارات لا سيما فيما يتعلق بالضرائب والرسوم». وأوضح أن «تجار السيارات غير قادرين على دفع رسوم السيارات التي تم استيرادها بسبب وقف المصارف التسهيلات الممنوحة للشركات وكذلك توقف مبيع السيارات، لذلك كان لا بد من البحث في آلية محددة يمكن من خلال تحرير السيارات الموجودة في المرافئ وتمكين المؤسسات من تسيير أعمالها وتسييل ثمن السيارات وتحريك العجلة».
وفي السياق، أعلن نقيب أصحاب محطات المحروقات في لبنان سامي البركس رفض النقابة للخسائر المترتبة على سعر صرف الدولار، معلناً أن النقابة ستدعو في الساعات القليلة القادمة، بعد إتمامها وضع الخطة المناسبة للمواجهة، «إلى جمعية عمومية لاتخاذ القرارات الجريئة المتوجبة لوضع حد لهذه المهزلة ولوقف الخسائر عن أصحاب المحطات».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.