من الممكن أن تساعدك النصائح التالية على تذكر تفاصيل الأحداث السابقة والتعلم منها. على سبيل المثال، هل هذا الصوت مألوف؟ هل نسيت اسم شخص التقيت به من قبل، أو نسيت الاسم المختصر الذي سجلته على هاتفك أثناء قيادتك للسيارة؟ أو أنك ترتكب نفس الخطأ مراراً وتكراراً أثناء القيام بمهمة من المفروض أنك اعتدت عليها؟
إنه لأمر محبط عندما لا يمكنك تذكر بعض التفاصيل السابقة. إلا إنك قد تعتبر ذلك راجعا إلى «جوانب التقدم في العمر». لكن المشكلة الفعلية هي في تراجع الذاكرة العرضية episodic memory التي تعد أكبر نظام ذاكرة في الدماغ وأكثرها تعقيداً. (الذاكرة العرضية، وفقا للتعريف الدارج لها، هي ذاكرة أحداث السيرة الذاتية مثل الأوقات والأماكن، والعواطف المرتبطة بها، وغيرها كمعرفة من، ماذا، متى، أين، لماذا؟ وهي مجموعة من التجارب الشخصية السابقة التي وقعت في وقت معين ومكان معين).
ومع ذلك، فإننا غالبا ما نفكر في هذا النوع من فقدان الذاكرة بطريقة خاطئة، حيث يقول الدكتور أندرو بودسون، محاضر علم الأعصاب ورئيس قسم علم الأعصاب السلوكي بكلية الطب بجامعة هارفارد إن «الذاكرة العرضية لا تتعلق فقط بتذكر التفاصيل المحددة لحدث سابق، بل أخذ ما تعلمته من تلك التجربة واستخدامه في المستقبل»، مضيفا أنه «في كثير من الأحيان، فإن تذكر التفاصيل يعد أمرا أقل أهمية من تعلم الدرس من تلك الذاكرة».
- نشاط الدماغ
تأتي ذاكرتك العرضية من منطقتين من المخ تعملان معاً: الحصين، والفص الأمامي. الحصين hippocampus هو جزء من الدماغ على شكل فرس البحر، وهو مسؤول عن تسجيل الأفكار والتصورات والأحاسيس الجديدة، بينما يساعد الفص الأمامي الجبهي frontal lobe في تركيز الانتباه، واستعادة الذكريات، وتذكر سياق المعلومات التي تعلمتها.
إليك مثالا على كيفية عمل الذاكرة العرضية: لقد حضرت أنت موعدا على العشاء مع فتاة حيث تحدثت في موضوعات تتعلق بعلاقاتك ومغامراتك السابقة، لكن الفتاة لم ترغب في الإنصات إلى خبراتك السابقة، وتضايقت وانسحبت من اللقاء، ولم ترغب في لقاء آخر.
بعد ذلك بفترة حضرت موعدا على العشاء مع فتاة أخرى، لكنك هذه المرة تذكرت كيف أن هذا الموضوع قد أفسد تلك الأمسية، لذلك قررت أن تتجنب الخوض فيه مجددا. قد لا تتذكر تفاصيل الموعد الأول مع الفتاة الأولى، مثل المطعم أو الوجبة أو ملابسك التي ارتديتها في تلك الليلة. لكن عقلك ركز على الدرس المهم من ذلك الموقف وهو ألا تتحدث عن علاقاتك ومغامراتك المؤذية للآخرين، وهو الدرس الذي ما زلت تذكره... وهذه هي طريقة عمل ذاكرتك العرضية.
يقول الدكتور بودسون: «لا يجب أن تشمل الذاكرة العرضية ذكريات قديمة فقط، إذ من الممكن أن تتضمن أحداثا مر عليها أيام أو أسابيع فقط، أو حتى بضع دقائق أو عدة ساعات».
- تعلّم وحفظ الدرس
تميل الذاكرة العرضية إلى التراجع مع مرور الوقت. فمع تقدمك في العمر، تميل وظيفة الفص الجبهي إلى التراجع في الأداء، ولهذا السبب تحتاج أحياناً إلى معلومات جديدة - مثل رقم الهاتف أو التعليمات، تحتاج لتكرارها حتى تصل إلى الحصين.
إن الفص الجبهي الأضعف من السابق، هو أيضاً سبب فشلك في استعادة الدروس من التجارب السابقة أو نسيان المعلومات الحيوية أو تكرار الأخطاء (إلى جانب الشيخوخة الطبيعية، يمكن أن يحدث هذا التراجع في الفص الجبهي أيضاً بسبب السكتات الدماغية أو المراحل المبكرة لمرض ألزهايمر، بحسب الدكتور بودسون).
على الرغم من أنه لا يمكن عكس تأثير الشيخوخة على هذا النوع من فقدان الذاكرة فإنه يمكنك تحسين مستوى أداء الذاكرة العرضية الحالي. يقول الدكتور بودسون: «لا يزال من الممكن تعلم المعلومات الجديدة والاحتفاظ بها والوصول بشكل أفضل إلى التفاصيل السابقة، والأهم من ذلك هو استخدام هذه المعرفة لصالحك».
- خطوات الحفظ
إليك ثلاث استراتيجيات مقترحة يمكن تجربتها:
> ركز انتباهك: إذا كنت تواجه مشكلة في الاحتفاظ بمعلومات لأول مرة، كما هو الحال عندما تقابل شخصاً ما، فاحرص على أن تبقى مدركا وواعيا. فعندما ينطق الشخص اسمه، ركز على مقاطع الاسم. على سبيل المثال، إذا كان الاسم هو إليزابيث، فاحرص على قراءة المقاطع: «إلي - زا - بيث»، بحسب الدكتور بودسون، مضيفا أن محاولة التركيز على المعلومات عند سماعها لأول مرة يمكن أن تساعدك في الاحتفاظ بها بشكل أفضل.
> احرص على الحصول على لمحة أو إشارة. إذا كنت تستطيع تذكر بعض الذكريات فقط، فإن استخدام تلميح أو إشارة ذهنية يؤدي غالباً إلى الاحتفاظ بالمزيد من التفاصيل. على سبيل المثال، إذا كنت لا تستطيع تذكر اسم شخص ما، فكر في كل ما تعرفه عنه، مثل وظيفته أو مسقط رأسه أو هوايته يمكنك أيضاً الاطلاع على الأبجدية، ومعرفة ما إذا كان يمكنك تذكر الحرف الأول من الاسم الأول للشخص.
يقول الدكتور بودسون إن «هذا يمكن أن يعلمك أيضاً أن تتذكر الاسم في المرة القادمة». يمكنك تطبيق هذا على المواقف الأخرى أيضاً. إذا كنت لا تستطيع تذكر الاتجاهات، فركز على ما تتذكره، مثل العلامات المرئية المميزة أو اسم الشارع. ويقول الدكتور بودسون: «فقط استخدم أي معلومة لديك، وغالباً ما ستتمكن الذاكرة من ملء الفراغ الباقي».
> اصنع رابطة ذهنية. بحسب الدكتور بودسون، مثلما نسترجع مقالا أو موضوعا نشر في السابق عبر الإنترنت عن طريق عمل رابطة ذهنية، وذلك بكتابة عبارة في خانة البحث أو بالبحث عن طريق صورة تتوافق مع السياق أو ذكر تمرين رياضي اشتمل عليه الموضوع، ومن ثم تقوم ذاكرة الجهاز بالبحث واسترجاعه مجددا، فإن ذاكرة الإنسان تستطيع أن تفعل الشيء نفسه فقط بتذكر لمحات وإشارات بسيطة نستطيع من خلالها استرجاع الموضوع كاملا. لذلك من المطلوب أن يصنع الإنسان رابطة ذهنية أو عقلية لكل حدث يستطيع من خلاله استعادة موقف سابق.
- رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل» خدمات «تريبيون ميديا»