قضية فساد تعكر آخر مناظرة رئاسية عشية انتخابات البرازيل

عكرت فضيحة فساد آخر مناظرة تلفزيونية في الحملة الانتخابية للاقتراع الرئاسي المقرر اليوم (الأحد) في البرازيل بين الرئيسة المنتهية ولايتها، ديلما روسيف، وخصمها من يمين الوسط آيسيو نيفيس. وشاهد عشرات الملايين من المشاهدين قناة «تي في غلوبو» آخر مرحلة من الحملة الانتخابية الأكثر احتداما منذ 30 سنة في البلد الناشئ العملاق بأميركا اللاتينية الذي يمر بمرحلة تحولية.
واتهم نيفيس الذي حقق تقدما واضحا خلال الأيام الأخيرة على منافسته اليسارية، الرئيسة روسيف، بأنها خاضت «الحملة الأكثر دناءة» في تاريخ البرازيل. وركز على القنبلة الإعلامية التي أطلقتها مجلة «فيجا» التي قالت إن «ديلما وسلفها لولا دا سيلفا كانا على علم بنظام الفساد السياسي في شركة (بتروبراس)». وكتبت مجلة «فيجا» على صفحتها الأولى استنادا إلى اعترافات مفترضة أن ألبرتو يوسف، أحد المشبوهين الأساسيين في هذا الملف، أدلى بها للشرطة: «كانا يعلمان كل شيء».
وسأل نيفيس الرئيسة: «هل كنت تعلمين كما قالت مجلة (فيجا)؟»، فأجابت روسيف: «إنها محض افتراءات وتشهير»، ونددت بـ«عملية دعائية انتخابية» ومحاولة «تضليل» الناخبين، وأضافت: «سأرفع دعوى لدى القضاء للدفاع عن نفسي وأنا متيقنة أن الشعب البرازيلي سيعرب الأحد عن استيائه برفضه برنامجك الذي يمثل تراجع البرازيل إلى الوراء».
وقد لطخت قضايا الفساد سمعة حزب العمال الذي تنتمي إليه روسيف، ويحكم البلاد منذ 12 سنة؛ مما دفع بالكثير من الناخبين اليساريين إلى النفور منه، وجعل نيفيس من ذلك منذ البداية أحد محاور حملته الانتخابية. وكانت روسيف دائما تدافع عن نفسها بالقول إنها غير متسامحة مع الفساد، مؤكدة أن «نشر التحقيقات حاليا دليل على منح الشرطة استقلالية كاملة»، في حين عندما كان الحزب الاجتماعي الديمقراطي البرازيلي يحكم البلاد بين 1995 و2002 «كانت تلك القضايا تدفن منهجيا».
وسألت ناخبة، دعيت إلى المناظرة، المشرحَين عما ينويان فعله لإنهاء هذه القضايا «التي تجلب العار للبرازيل»، وقالت روسيف إنها ستطلب عقوبات أشد على المفسدين والفاسدين وستمنع الشركات من تمويل الحملات الانتخابية. أما نيفيس فقال: «هناك طريقة لإنهاء الفساد، وهي تنحية حزب العمال من الحكم».
وحجبت هذه العبارات الشديدة القساوة رهانات الاقتراع الذي يثير انقسام البرازيليين. ويشعر الأكثر عوزا من سكان المناطق الأكثر فقرا في شمال شرقي البلاد، بالامتنان لليسار وبرامجه الاجتماعية التي استفاد منها أكثر من 50 مليون منهم. بينما تريد الطبقات الميسورة وضع حد لحكم حزب العمال وتحمله مسؤولية تباطؤ الاقتصاد ودخول البلاد مرحلة انكماش خلال النصف الأول من السنة.
ودعي 142 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في الدور الثاني من الاقتراع اليوم. وتدور المعركة من أجل كسب أصوات الطبقة المتوسطة التي أصبحت تشكل الأغلبية خلال السنوات الأخيرة، والتي توقف تحسن ظروفها المعيشية مع التباطؤ الاقتصادي الذي حصل أثناء ولاية روسيف. وظهر ذلك الاستياء بشكل مفاجئ مع الانتفاضة الاجتماعية التاريخية في يونيو (حزيران) 2013 احتجاجا على الفساد وعجز الخدمات العامة، وأصبحت الطبقات المتوسطة مترددة بين الوفاء إلى مكاسب سنوات لولا (2003 - 2010) وشعور متزايد بالاستياء من الحكومة الحالية في حين يعد نيفيس بنهج ليبرالي لإنعاش الاقتصاد ومكافحة التضخم. ومن بين هذه الفئة من الشعب استعادت روسيف أكثر النقاط خلال الأيام الأخيرة، لا سيما في جنوب شرقي البلاد الصناعي.
وتضاربت نتائج استطلاعات الرأي عشية الاقتراع؛ إذ أظهر استطلاع نشرت نتائجه أجرته مؤسسة «سينسوس»، ونشرت نتائجه، أول من أمس، أن نيفيس يحظى بتأييد 54.6 في المائة من الناخبين مقابل 45.4 في المائة لروسيف، لكن استطلاعا آخر أجرته مؤسسة «داتافولها» أظهر تقدم روسيف بنسبة 48 في المائة مقابل 42 في المائة لنيفيس.