أسواق المنازل الثانية.. تشهد ركودا مرشحا للتصاعد في مختلف أنحاء أوروبا

تراجعت عقب تغيير شركات الطيران منخفض التكاليف مسارات رحلاتها

إسبانيا كانت أكثر الدول جذبا للمستثمرين الأجانب قبل أن تنهار أسعار المنازل فيها بفعل الأزمة المالية في 2008 («الشرق الأوسط»)
إسبانيا كانت أكثر الدول جذبا للمستثمرين الأجانب قبل أن تنهار أسعار المنازل فيها بفعل الأزمة المالية في 2008 («الشرق الأوسط»)
TT

أسواق المنازل الثانية.. تشهد ركودا مرشحا للتصاعد في مختلف أنحاء أوروبا

إسبانيا كانت أكثر الدول جذبا للمستثمرين الأجانب قبل أن تنهار أسعار المنازل فيها بفعل الأزمة المالية في 2008 («الشرق الأوسط»)
إسبانيا كانت أكثر الدول جذبا للمستثمرين الأجانب قبل أن تنهار أسعار المنازل فيها بفعل الأزمة المالية في 2008 («الشرق الأوسط»)

وصف مديرو العقارات التنفيذيون على طول كوستا برافا الأمر بأنه يشبه انهيار علاقة حب، أي الرومانسية التي وصلت إلى مستويات هائلة، ثم توترت بطريقة مثيرة للدهشة.
كانت العلاقة ما بين شركة طيران «ريان إير» منخفض التكلفة وجيرونا، العاصمة الإقليمية شمال برشلونة، التي أصبحت ثاني مدينة مزدهرة بالمنازل الثانية، بعد أن اختارتها شركة الطيران منخفض التكلفة مركزا إقليميا عام 2003، وبدأ المشترون يتوافدون عليها من مختلف أنحاء أوروبا وخارجها.
ثم جاءت بعد ذلك الأزمة المالية العالمية عام 2008. والآن، عقب سلسة من المشاحنات بشأن رسوم المطار والدعم الحكومي، خفضت «ريان إير» من رحلاتها إلى جيرونا لأكثر من النصف.
ويخشى وكلاء العقارات المحلية، الذين كانوا شهدوا تزايد في الأسعار لأكثر من الضعف على مدى السنوات الأخيرة، تخفيض المزيد من الرحلات في المستقبل.
ومن جهته، قال هكتور راميريز صاحب «سويت هوم كوستا برافا»، المؤسسة العقارية التي أنشئت منذ عام: «سيكون لذلك أثر سلبي». وأضاف: «ما نسبته 90 إلى 95 في المائة من عملائنا ليسوا من الإسبان».
تواجه كثير من أسواق المنازل الثانية في مختلف أنحاء أوروبا سيناريوهات مشابهة تنطوي على مجموعة متنوعة من شركات الطيران منخفض التكلفة، بيد أن شركة «ريان إير»، التي أنشئت منذ 29 عاما، تصدرت معظم عناوين الصحف الرئيسة.
ومحاولة منها لإعادة ترتيب أعمالها، أضافت شركة الطيران الآيرلندية العام الماضي بعض الرحلات، ولكنها خفضت 222 رحلة تتعلق بالأساس بأصغر المطارات في إسبانيا وإيطاليا والنرويج والسويد، وفقا لمعلومات جمعتها شركة «انوفاتا» للأبحاث في قطاع الطيران.
وفى الوقت ذاته، أشار محللون في هذا المجال إلى تزايد مشتري المنازل الثانية بشكل أكثر تحفظا، من خلال تركيز اهتمامهم على الأسواق المستقرة، مثل كوستا ديل سول في إسبانيا، وريفيرا الفرنسية، وليس المناطق النائية التي أصبح يمكن الوصول إليها عن طريق السفر الجوي الرخيص.
وقال ماثيو هودر ويليامز، بشركة «نايت فرانك للاستشارات العقارية»: «نرى الآن أن نموذج (ريان إير) بدأ طريقه إلى الانهيار»، مضيفا: «ينصب اهتمام الأشخاص على مناطق التي كان من المعتاد الإقبال عليها».
وفي عام 2002، وقبل تزايد نشاط «ريان إير»، كان مطار جيرونا أكثر قليلا من مجرد محطة صغيرة وساحة يغمرها التراب مخصصة لوقوف السيارات.
ومن جانبه، قال فيلومينا فليمينغ، وهو مواطن من مقاطعة ويكسفورد، آيرلندا، وهو الآن صاحب كوستا برافا كونيكشنز (شركة عقارات محلية): «الأمر كاد يشبه موقفا للسيارات في ملعب لكرة القدم»، مضيفا: «كان مطارا ريفيا وصغيرا للغاية».
جرى تحسين مرافق مبنى الركاب، وسريعا ما استبدلت ساحة انتظار السيارات لتحل محلها «ريان إير»، وجذبها للمسافرين من خلال تقديم تذاكر بتكلفة قليلة تصل إلى 4 يوروات (نحو ما يعادل 5 دولارات). وبحلول عام 2009، كانت تدير أكثر من 35 ألف رحلة حول العالم داخل وخارج جيرونا، لترتفع بذلك عما كانت عليه عام 2002، حيث كانت تدير 100 رحلة.
بدأ المشترون الأجانب يستفيدون من الأسعار المنخفضة لثمن التذاكر من أجل تعزيز مبيعات العقارات، الظاهرة المعروفة على نطاق واسع في هذا القطاع باسم «تأثر ريان إير». وتجدر الإشارة إلى بيع فيلا مميزة مكونة من 3 غرف نوم كانت تبلغ قيمتها 220 ألف جنيه إسترليني في عام 2004، بنحو 350 ألف جنيه إسترليني بعد مرور 5 سنوات.
في حين قالت السيدة فليمنج، التي تدير الشركة العقارية بالتعاون مع زوجها ديفيد (61 عاما): «كانت (ريان إير) تتجه إلى تحقيق تقدم كبير». وأضافت: «اشترينا هنا بالأساس حتى يكون بمقدورنا العودة إلى آيرلندا إذا رغبنا في ذلك».
وفي حين لا توجد وسيلة لقياس تأثير «ريان إير» بنحو دقيق، أفاد مسؤولون تنفيذيون في مجال العقارات بالأسواق في مختلف أنحاء أوروبا بأن هناك علاقة مباشرة بين توافر الرحلات الجوية منخفضة التكلفة ومبيعات المنازل الثانية.
وأوضح بول مارتن، مدير إداري بمؤسسة غرناطة للعقارات، أن المبيعات انخفضت بشكل كبير في غرناطة، الواقعة جنوب إسبانيا، عام 2010، عندما خفضت «ريان إير» من رحلات الطيران المباشرة من بريطانيا، من خلال إرسال السياح والمشترين المحتملين إلى مطارات أخرى، بما فيها مطار ملقا، التي يبعد مسافة ساعتين بالسيارة.
وأضاف السيد مارتن: «كان لذلك أثر كبير على حجم المبيعات هنا، وبالأخص المبيعات الداخلية». وأردف: «اشترى كثير من البريطانيين عقارات في منطقة غرناطة، على أساس أنه بإمكانهم القيام برحلات جوية من مطار غرناطة، إلا أنهم قاموا ببيعها، وعادوا إلى بريطانيا».
وفقا لاستطلاع رأي لعدد 12 ألفا من مالكي المنازل الثانية، أجرته وكالة «سافيلس»، وموقع «Holidayrentals.co.uk» عام 2007، فإن العقارات التي تقع على مسافة 10 أميال من مطار يتبع شركة طيران منخفض التكلفة كانت نسبتها 39 في المائة، في زيادة عن المناطق النائية.
كما أن إيرادات العقارات المجاورة من المطار تجاوزت إيرادات الإيجار بما نسبته 30 في المائة.
ومن جانبه، قال يولاند بارنز، مدير الأبحاث العالمية في وكالة «سافيلس للاستشارات العقارية»: «عندما يتعلق الأمر بالمنازل الثانية، يعد هذا عاملا رئيسا».
لقد نمت أسواق مثل برجراك في جنوب فرنسا، وبيروجيا بشمال إيطاليا، وأصبحت رائجة بالنسبة لأصحاب منازل العطلة، في الفترة ما بين عامي 2000 إلى 2007، عقب شروع شركات طيران منخفض التكلفة مثل «ريان إير» و«إيزي جيت» في تقديم خدمات منتظمة. وعن ذلك، لفت بول بلتشر، المدير الإداري لـيولتيسيمو، المطور والمروج في شمال إيطاليا، إلى أن توافر رحلات رخيصة يساعد على إعطاء المشترين «الثقة» في السوق.
وقال السيد بليتشر: «واحد من الأسئلة الرئيسة التي عادة ما نسمع عنها من المشترين لمنازل العطلة، هو كيف يمكنني الحصول على منزل هناك بسهولة؟».
ولكن نما قطاع الخطوط الجوية، وأصبح أكثر قدرة على المنافسة في أوروبا. كما أضافت ونقلت «ريان إير» رحلات طيران إلى مطارات كبيرة، بينما تحاول جذب المزيد من المسافرين من رجال الأعمال.
وفي الوقت ذاته، فإن الحكومات التي تعاني من نقص الإيرادات هي الأكثر ترددا في دعم الخدمات المقدمة للمطارات الصغيرة مقارنة، بما كانت عليه في الماضي القريب. وتُعد المفوضية الأوروبية في خضم التحقيقات التي طال أمدها بشأن نزاهة الصفقات بين «ريان إير» وكثير من مشغلي المطارات في جميع أنحاء أوروبا.
وفي مملكة مونتينيغرو الصغيرة التابعة لدول البلقان، حيث يجري حاليا بناء كثير من المشاريع السكنية واسعة النطاق، يأمل المطورون في اجتذاب رحلات الطيران على حساب أماكن أخرى. ويسافر كثير من الزوار الآن إلى جنوب مدينة كرواتيا في دوبروفنيك ثم ينتقلون بالسيارة عبر مختلف الحدود.
ولكن أفادت التقارير بأن «ريان إير» تدرس مسألة إضافة رحلات جوية مباشرة إلى تيفات الواقعة غرب مونتينيغرو، وهو ما يضعها في موضع تنافس مع شركتي «إيزي جيت» و«مونارتش» للطيران، اللتين تقدمان مسارات طيران منتظمة إلى دوبروفنيك.
وعن ذلك، قال مواطن بريطاني اشترى شقة عام 2012 في إحدى المنازل الواقعة على الساحل بمدينة بركانج، في مونتينيغرو، كمنزل للعطلة والاستثمار، يُدعى «جيمس هيد» أنه حال تنفيذ «ريان إير» هذا الأمر، فهذا من شأنه أن يمثل «دفعة كبيرة»، مضيفا: «مع دخول 3 شركات طيران منخفض التكلفة إلى المنطقة، فمن المرجح أنه سيكون هناك شركة طيران واحدة عاملة على الأقل».
ومع ذلك، لم تتدخل شركات طيران أخرى منخفض التكلفة في جيرونا لتحل محل الجزء الأكبر من رحلات «ريان إير» المفقودة.
ولكن هناك مؤشرات تشير إلى أن سوق العقارات تتعافى، وفي هذا الصدد، أشارت السيدة فليمينغ إلى أن المشترين الروسيين، الذين يبحثون عادة عن العقارات الفاخرة تزيد قيمتها عن 500 ألف جنيه إسترليني، ساعدوا على تعزيز حجم المبيعات على الساحل، مشيرة إلى أن الأثرياء من الروس «لا يسافرون من خلال (ريان إير)».

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»