30 قائمة حزبية تخوض الانتخابات الإسرائيلية القادمة

أجواء تفاؤل في المعسكرين... وتوحيد غالبية كتل اليمين واليسار

بيني غانتس رئيس حزب «كحول لافان» المعارض داخل مقر الكنيست في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
بيني غانتس رئيس حزب «كحول لافان» المعارض داخل مقر الكنيست في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

30 قائمة حزبية تخوض الانتخابات الإسرائيلية القادمة

بيني غانتس رئيس حزب «كحول لافان» المعارض داخل مقر الكنيست في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
بيني غانتس رئيس حزب «كحول لافان» المعارض داخل مقر الكنيست في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

مع إغلاق باب الترشيح، فجر أمس الخميس، انطلقت في إسرائيل وبشكل رسمي، معركة الانتخابات البرلمانية (الثالثة في غضون 11 شهرا)، التي ستجرى بعد شهر ونصف الشهر في 2 مارس (آذار) القادم.
ومع أن لجنة الانتخابات المركزية سجلت 30 قائمة حزبية، تتنافس فيما بينها على 120 مقعدا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، فإن التنافس الحقيقي سيقتصر على القوائم نفسها التي خاضت المعركتين الأخيرتين في أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول) وفشلت في تشكيل حكومة.
وقد نجح المتنافسان الرئيسيان على رئاسة الحكومة في جهودهما لتوحيد الكتل الأخرى في معسكر كل منهما. ففي اليمين، تمكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد جهد جهيد وتهديد ووعيد، من توحيد أحزاب اليمين المتطرف في قائمة واحدة موحدة بزعامة وزير الأمن، نفتالي بنيت، وذلك في الدقائق الأخيرة قبل إغلاق باب الترشح. وبدا أن جهوده ستذهب هباء، لأن بنيت، الذي يطمح بالحصول على أصوات اليمين الليبرالي الذي سيترك الليكود بسبب قضايا الفساد، أصر على استبعاد حزب اليمين المتطرف أكثر منه: «عوتسما يهوديت» (وتعني «عظمة يهودية»)، برئاسة الكهاني (من أتباع الحاخام الفاشي مئير كهانا، الذي يتباهى بأنه يضع في صالون بيته صورة كبيرة للسفاح باروخ غولدستاين، منفذ مذبحة الخليل)، إيتمار بن جبير. وقال بنيت دفاعا عن موقفه إن بن جبير يضع صورة سفاح قتل 29 إنسانا بريئا ولا مكان لأمثاله في قائمة انتخابية معي. وكان نتنياهو قد دعا إلى اجتماع عاجل، قبل نحو ساعتين على انتهاء الموعد المحدد لتقديم القوائم الانتخابية، بحضور بنيت، ورئيس «البيت اليهودي»، وزير التعليم الحاخام رافي بيرتس، بحضور أحد كبار حاخامات الصهيونية الدينية، حاييم دروكمان، وحاول إقناع بنيت بضم بن جبير حتى لا تضيع أصوات اليمين. فرفض. وتحداه قائلا: «إذا كنت تريده وتتحمس له إلى هذا الحد، فلماذا لا تأخذه إلى حزبك الليكود. فهكذا لا تضيع الأصوات». فسكت نتنياهو. وتقدم بنيت بلائحة تضم كل الأحزاب التي تقف إلى يمين نتنياهو، في لائحة واحدة، من دون بن جبير.
وفي أعقاب ذلك، خرج بن جبير في مؤتمر صحافي غاضب، يهاجم قوى اليمين الراديكالي ويتهمهم بخيانته وطعنه في الظهر. وقال إن «قادة هذا التحالف رجال دين ولكنهم جميعا كذابون ولا يعرفون الأمانة والإخلاص». وأعلن أنه سيخوض الانتخابات بقائمة مستقلة «عوتسما يهوديت»، علما بأنه حصل على 84 ألف صوت ولكنه فشل في تجاوز نسبة الحسم (3.25 في المائة من أصوات الناخبين). وسارع بن جبير إلى تشكيل قائمة بشكل ارتجالي قبل إغلاق باب الترشيح بدقائق.
ومع أن نتنياهو كان شريكا في القرار، إلا أن بن جبير لم يهاجمه. وحسب مقربين منه، باشر نتنياهو ممارسة الضغوط على بن جبير كي ينسحب من الانتخابات حتى لا تضيع عشرات ألوف أصواته هباء. وسرت إشاعات تقول إن نتنياهو وعد بن جبير بمنصب رفيع في حكومته، في حال انسحابه من المعركة. وقام وزير السياحة، ياريف لفين (الليكود)، بمهاجمة نفتالي بينيت، قائلا: «إبقاء حزب (عوتسما يهوديت) خارج الائتلاف سيلحق بمعسكر اليمين ضربة. ليس هكذا تتصرف قيادة تريد أن تنجح في الانتخابات. كل الأحداث حول المحاولة لتوحيد الصهيونية الدينية كانت صعبة وبرأيي غير محترمة». وأكد إلكين الأنباء حول تهديدات نتنياهو لنفتالي بنيت بإقالته من منصب وزير الأمن، وقال: «فعلا، كنا قريبين جدا من إقالة بنيت من منصبه في الحكومة».
من الجهة الثانية، تمكن رئيس تحالف «كحول لفان» (أزرق أبيض)، بيني غانتس، من دفع الأحزاب التي تقف على يساره من الاتحاد في قائمة واحدة. وستدور المعركة عمليا بين الليكود وعلى يمينه اتحاد «يمينا» برئاسة بنيت، مقابل «كحول لفان» وإلى يساره الاتحاد الديمقراطي برئاسة عمير بيرتس. وهناك «القائمة المشتركة» التي تضم الأحزاب العربية وتسعى لرفع تمثيلها من 13 إلى 14 - 15 نائبا. وهناك حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، برئاسة أفيغدور ليبرمان، الذي يعتبر لسان الميزان.
والمعروف أن غانتس فشل في تشكيل حكومة وسط يسار لأن ليبرمان، ولدوافع عنصرية، رفض الاستناد إلى دعم خارجي من الأحزاب العربية. وقد فاجأ، أمس، بالتصريح أن الانتخابات القادمة ستكون الأخيرة في هذه الجولة وأن حكومة ستقوم بالتأكيد وأنه لن يسمح هذه المرة بأي شكل من الأشكال في الفشل والتوجه لانتخابات رابعة. ورفض الكشف عن نوعية هذه الحكومة وإن كان قد غير رأيه بخصوص مساندة القوائم العربية. وقال إن لديه خطة جاهزة ومؤكدة لحل العُقدة السياسية في إسرائيل بعد الانتخابات. وأضاف: «أتعهد، وأنا معروف بمن يفي بالعهود: لن تكون هناك انتخابات رابعة». وأضاف: «لدينا ما يكفي من الأدوات، لمنع إجراء انتخابات رابعة، وسنفعل ذلك. آخذ على عاتقي مسؤولية عدم إجراء انتخابات أخرى». وأوضح أن الحكومة القادمة لن تمنح نتنياهو حصانة برلمانية يمنع محاكمته.
وبهذه التركيبة الحزبية، سيحاول نتنياهو بكل قوته الفوز بعدد من النواب لمعسكر اليمين مع المتدينين يكفي لتشكيل حكومة يمين، مع 61 نائبا، على الأقل. وهو يبغي من حكومة كهذه أن تمنحه حصانة. ومن ضمن خطته أن يرفع القضايا السياسية إلى درجة أعلى في المنافسة. وستساعده على ذلك إمكانية طرح صفقة القرن الأميركية لتسوية الصراع الإسرائيلي العربي، التي ينوي تأييدها بشروط معينة ويركن إلى أن الفلسطينيين هم الذين سيرفضونها.
بالمقابل، يسعى غانتس وحلفاؤه إلى إبقاء قضية الفساد على رأس سلم الأولويات في المعركة وتحصيل 61 نائبا من دون ليبرمان، على أمل أن ينضم لاحقا إليها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».