إيران تنتقد آلية فض النزاع... وترفض مقترح «اتفاق ترمب»

انتقدت طهران أمس الخطوة الأوروبية بتفعيل «آلية فض النزاع»، التي تفتح الباب على نهاية القرار «2231» وإعادة العقوبات الأممية على طهران. ورفض الرئيس الإيراني حسن روحاني مقترحاً بريطانياً لإبرام اتفاق جديد أُطلق عليه اسم «اتفاق ترمب»، بهدف حل النزاع النووي، وصرح بأن عرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون «غريب»، قبل أن ينتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واصفاً إياه بأنه «دائم النكوص عن تعهداته».
وعدّ روحاني أن الجندي الأميركي اليوم في المنطقة «يعيش حالة اللاأمن، ومن الممكن أن يعيش الجندي الأوروبي أيضاً حالة اللاأمن في المنطقة غداً». وقال مخاطباً الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين: «نريد أن ترحلوا عن المنطقة، طبعاً ليس عبر الحرب، نريد رحيلاً عقلانياً من المنطقة. إنه في صالحكم».
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد دعا، أول من أمس، إلى تأييد خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لصياغة اتفاق جديد يحل محل الاتفاق النووي المبرم عام 2015، لضمان عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً.
وبعد ساعات؛ قال ترمب إنه اتفق مع جونسون على أن «اتفاق ترمب»، ينبغي أن يحل محل الاتفاق النووي. وكتب في تغريدة على «تويتر»: «رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون قال: علينا أن نبدل الاتفاق النووي بـ(اتفاق ترمب)... أنا موافق!».
وانتقد روحاني الأوروبيين لعدم وقوفهم في وجه ترمب. وتتهمهم إيران بالنكوص عن تعهداتهم بإيجاد سبيل للتحايل على العقوبات الأميركية. وطالب الرئيس الإيراني خلال اجتماع الحكومة الإيرانية واشنطن بالعودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه في 2018. وقال: «لا أعلم كيف يفكر السيد رئيس الوزراء هذا في لندن... يقول دعونا نترك الاتفاق النووي ونفعّل (خطة ترمب)». وتابع: «إذا اتخذتم الخطوة الخطأ فسوف تضركم. اختاروا الطريق الصحيحة. الطريق الصحيحة هي العودة إلى الاتفاق النووي».
ويدعو الاتفاق إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل الحد من برنامجها النووي. وأعادت واشنطن، منذ انسحابها من الاتفاق، فرض عقوبات لوقف صادرات إيران النفطية في إطار سياسة «الضغوط القصوى». وتقول الولايات المتحدة إن هدفها هو إجبار طهران على قبول اتفاق أشمل يضع قيوداً أكبر على نشاطها النووي، ويقلص برنامجها للصواريخ الباليستية، وينهي حروبها بالوكالة في المنطقة.
وأخذت إيران منذ مايو (أيار) من العام الماضي خطوات تدريجية للتراجع عن التزاماتها بموجب الاتفاق في إطار الانسحاب التدريجي من الاتفاق النووي، مما دفع بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى تفعيل بند «آلية فض النزاع» بعد أشهر من مطالبة إيران بوقف انتهاكاتها للاتفاق النووي.
ويأتي هذا التصعيد في الدبلوماسية النووية في وقت بلغت فيه المواجهة العسكرية بين واشنطن وطهران ذروة جديدة. وقتلت الولايات المتحدة المسؤول الأول عن عمليات إيران الاستخباراتية والعسكرية قاسم سليماني بضربة جوية بطائرة مسيرة في بغداد في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، وردّت طهران قبل أسبوع بضربات صاروخية على أهداف أميركية بالعراق. ولم يصب أي أميركي في هذه الضربات.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن روحاني ألقى باللوم على الولايات المتحدة وحلفائها في «زعزعة الأمن» بالشرق الأوسط. وقال إن من بين «أخطاء» الولايات المتحدة «قتل سليماني والتدخلات في العراق واليمن، وقرارها الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية».
وأضاف: «نقول للجميع: التوتر الأمني في المنطقة ليس في صالح العالم... ليس في صالح أوروبا، وليس في صالح آسيا».
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي بدا أمس غاضباً من الخطوة الأوروبية، إن الاتفاق النووي ما زال قائماً، متهماً القوى الأوروبية بانتهاك الاتفاق، مضيفاً أن أوروبا تتعرض لـ«تنمّر» واشنطن.
وصرح ظريف للصحافيين في نيودلهي بأن الأوروبيين «لا يشترون النفط منا، وانسحبت جميع شركاتهم من إيران، ولذلك فإن أوروبا تنتهك» الاتفاق الذي أكد أن مستقبله «يعتمد على أوروبا». وأضاف أن الاتحاد الأوروبي هو «أكبر اقتصاد في العالم. فلماذا تسمحون للولايات المتحدة بأن تتنمر عليكم».
وتعليقاً على مقترح بريطاني لاستبدال الاتفاق النووي، قال إن «الولايات المتحدة لم تنفذ التزاماتها (بموجب الاتفاق القائم)... ثم انسحبت منه. لدينا اتفاق أميركي انتهكته الولايات المتحدة. إذا أصبح لدينا اتفاق يبرمه ترمب، فإلى أي مدى يمكن أن يستمر، 10 شهور أخرى...؟».
وقال ظريف إنه سيرد على خطاب من الدول الأوروبية الثلاث بشأن تفعيل «آلية فض النزاع».
وتابع أن إيران «مهتمة بالدبلوماسية، ولكن ليس بالتفاوض مع الولايات المتحدة»، منوهاً بأن الاتفاق القائم «من أفضل الاتفاقات» التي يمكن تصورها.
وفي السياق نفسه، قال ظريف لوكالة «رويترز»، على هامش مؤتمر في نيودلهي: «لا. لم يمت... لم يمت».