البرلمان التونسي يسائل الغنوشي حول لقائه إردوغان

تحركات لسحب رئاسة البرلمان من زعيم «النهضة» استباقاً لتشكيل الحكومة الجديدة

البرلمان التونسي يسائل الغنوشي حول لقائه إردوغان
TT

البرلمان التونسي يسائل الغنوشي حول لقائه إردوغان

البرلمان التونسي يسائل الغنوشي حول لقائه إردوغان

صعدت الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان التونسي لهجتها، أمس، ضد راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، رئيس البرلمان التونسي، وذلك بسبب الزيارة المفاجئة التي قام بها السبت الماضي إلى تركيا، وعقد خلالها «جلسة عمل مغلقة» مع رئيس الجمهورية وزعيم حزب العدالة والتنمية التركي رجب الطيب إردوغان.
وفسر زعماء بعض الأحزاب السياسية وبعض البرلمانيين معارضتهم الشديدة لهذه الزيارة بكونها جاءت في وقت يتواصل فيه الجدل في تونس وليبيا، وعدة دول عربية وغربية أخرى حول الدور التركي في ليبيا، وتلويح أنقرة بإرسال قوات لدعم حكومة فائز السراج في طرابلس، ضد الجيش الوطني بزعامة الجنرال خليفة حفتر.
وصوت 122 من النواب على مساءلة الغنوشي رسميا، فيما لم يعارضها سوى 20 نائبا، واحتدت الانتقادات لرئيس النهضة رغم التصريح الذي نفى فيه أن يكون البرلمان دفع تكاليف رحلته القصيرة إلى تركيا في عطلة آخر الأسبوع. كما وصف الغنوشي تلك الزيارة بكونها «شخصية ومبرمجة منذ مدة» في سياق برامجه، بصفته رئيسا لحركة النهضة، وفي إطار العلاقات القديمة بين حزبه وحزب إردوغان.
لكن هذا التبرير لم يقنع المعارضين للغنوشي، بل دفع بعضهم إلى المطالبة بتنحيته عن رئاسة البرلمان ما دام متمسكا برئاسة حركته. وتحدثوا عن تناقض بين المسؤوليتين، فيما رد قياديون من النهضة، ومنهم المحامي سامي الطريقي، على هذا المطلب بكون رئيس البرلمان السابق كان في ذات الوقت رئيسا لحزب نداء تونس، بعد استقالة الباجي قائد السبسي، كما كان مصطفى بن جعفر رئيس البرلمان الانتقالي ما بين 2011 و2014، ورئيسا لحزب التكتل الديمقراطي في نفس الوقت.
ومن بين المفارقات أن مطلب الفصل بين رئاستي البرلمان والحركة سبق أن صدر عن قياديين مقربين للغنوشي في قيادة النهضة، بينهم الوزير السابق للصحة، ورئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق عبد اللطيف المكي.
كما طالب عدد آخر من القياديين في حزب النهضة، بينهم المنسق العام للحركة سابقا عبد الحميد الجلاصي، باستكمال الاستعدادات لعقد المؤتمر الدوري للحركة المقرر في مايو (أيار) القادم، وهو المؤتمر الذي يفترض ألا يترشح فيه الغنوشي لرئاسة الحركة. كما طلب الجلاصي مطولا من الغنوشي تعيين شخصية تعوضه مؤقتا في تسيير الحركة حتى يتفرغ لرئاسة البرلمان.
في السياق ذاته، ركزت تصريحات بعض قيادات الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية على توظيف الانتقادات الرافضة لزيارة الغنوشي إلى تركيا، بهدف ممارسة ضغوطات جديدة تقوم بها عدة أحزاب وكتل برلمانية على حركة النهضة (إسلامية)، بهدف إضعاف حظوظها في اختيار اسم المرشح الجديد لرئاسة الحكومة، من بين جملة الأسماء المقترحة على رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي من المقرر أن يبت في أمرها قبل 21 من الشهر الجاري.
وتزايدت مخاوف هذه الأحزاب لأن الغنوشي التقى مجددا قيس سعيد في قصر قرطاج، واستقبل صباح أمس نبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس الفائز بالكتلة الثانية في البرلمان. وقد أوضح القروي عقب اللقاء أنه تشاور مع رئيس حزب النهضة حول التنسيق بخصوص اسم رئيس الحكومة القادمة وفريقه.
وفتحت الانتقادات المعارضة للغنوشي من جديد جدلا قديما حول شرعية «الدبلوماسية الموازية» التي تقوم بها بعض القيادات الحزبية والنقابية التونسية، وخاصة من حركة النهضة، حيث انتقد غازي الشواشي، رئيس الكتلة الديمقراطية والقيادي في حزب التيار، مقابلة الغنوشي لإردوغان في ظل الخلافات حول مبادرته عن ليبيا، وقال في تصريح صحافي في البرلمان إن «الدبلوماسية الموازية ضرب لوحدة الدولة».
في نفس السياق، وصف أمين عام حزب الشعب القومي العربي والعضو في الكتلة الديمقراطية زيارة الغنوشي إلى تركيا بكونها «ممارسة سياسية تشكل خطرا على الدولة التونسية».
وسار في نفس التوجه نواب من اليسار الراديكالي، مثل المنجي الرحوي، وعبير موسى من الحزب الحر الدستوري.
وسبق لوزير الخارجية السابق خميس الجهيناوي أن انتقد «الدبلوماسية الموازية»، والزيارات التي قام بها الغنوشي، ومقربون منه لعدة عواصم، التقوا خلالها رؤساء دول وحكومات، من بينهم رؤساء الجزائر وتركيا وماليزيا وأمير قطر. كما انتقد الغنوشي سابقا زيارات زعيم حزب مشروع تونس اليساري محسن مرزوق إلى عدة بلدان، دون تنسيق مسبق مع وزارة الخارجية، ومن بينها زيارة إلى مدينة بنغازي الليبية التقى خلالها الجنرال خليفة حفتر ومساعديه.
وتسببت تصريحات الجهيناوي في انتقادات حادة وجهها له نواب في البرلمان السابق، تمسكوا بحق
المجتمع المدني والأحزاب في خدمة البلاد «عن طريق دعم الدبلوماسية الرسمية»، عبر تحركات المجتمع المدني، وقيادات الأحزاب ضمن ما يعرف بـ«الدبلوماسية الموازية والدبلوماسية الاقتصادية».
وقد تتسبب هذه الزوبعة السياسية والإعلامية الجديدة في إعادة خلط الأوراق داخل عشية تشكيل الحكومة الجديدة، وقد يحتويها الغنوشي وحلفاؤه في الكواليس، لكنها ستترك في كل الحالات بصماتها على المشهد السياسي التونسي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.