بوتين يدشن مرحلة جديدة داخلياً بتعديلات دستورية توسّع صلاحيات البرلمان

حكومة مدفيديف تستقيل في أول مؤشر إلى عمق التغييرات المنتظرة

بوتين يلقي خطابه السنوي أمام الهيئة التشريعية في موسكو أمس (رويترز)
بوتين يلقي خطابه السنوي أمام الهيئة التشريعية في موسكو أمس (رويترز)
TT

بوتين يدشن مرحلة جديدة داخلياً بتعديلات دستورية توسّع صلاحيات البرلمان

بوتين يلقي خطابه السنوي أمام الهيئة التشريعية في موسكو أمس (رويترز)
بوتين يلقي خطابه السنوي أمام الهيئة التشريعية في موسكو أمس (رويترز)

أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرحلة جديدة في حياة البلاد السياسية، وحملت رسالته السنوية أمام الهيئة التشريعية مفاجأة كبرى لكثيرين من الروس، بعدما تضمنت ملامح تغييرات كبرى في إطار تعديلات دستورية مقترحة، تمنح البرلمان صلاحيات أوسع، وتعيد تنظيم العلاقة بين مؤسسات صنع القرار على أسس جديدة.
وشكلت الاقتراحات التي قدمها بوتين في خطابه نقطة تحول برز أول مؤشراتها مباشرةً بعد انتهائه من تلاوة رسالته، إذ قدم رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، الذي يعد أحد أبرز الوجوه في فريق بوتين، استقالة حكومته. وقال في خطاب الاستقالة إنها باتت «ضرورة من أجل تسهيل تنفيذ القرارات التي أعلن عنها الرئيس، في إطار الإصلاحات والتعديلات الدستورية». وتبع ذلك مباشرةً إعلان بوتين قبوله استقالة الحكومة، وقال إنه عرض على مدفيديف شغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي، وهو منصب لم يكن له وجود في السابق، وبدا أنه تم استحداثه ليشغله مدفيديف، علماً بأن رئيس المجلس هو فلاديمير بوتين نفسه.
وأوحى تسارع هذه التطورات بأن هذا السيناريو كان معداً بشكل مسبق، في مطبخ الكرملين، فيما شكّل مفاجأة كبرى للمواطنين وأوساط واسعة بين البرلمانيين والمحللين والقوى السياسية في البلاد.
ولم يطل انتظار الروس طويلاً لمعرفة اسم المرشح الجديد لشغل منصب رئيس الوزراء، إذ قدّم بوتين توصية لمجلس الدوما لإقرار ترشيح ميخائيل ميشوستين لهذا الموقع، لتكون هذه المرة الأخيرة في الغالب التي يختار فيها الرئيس هوية رئيس الوزراء، وفقاً للنصوص الدستورية الحالية، في حين أن التعديلات الدستورية التي اقتُرحت أمس، سوف تجعل فور إقرارها هذه الصلاحيات بيد البرلمان وحده، و«لن يكون بمقدور الرئيس الاعتراض على الشخصية التي يقدمها المشرعون أو على تركيبة التشكيلة الوزارية التي يتم اقتراحها من جانب مجلس الدوما»، كما شدد بوتين أمس خلال خطابه.
ولفت الأنظار أن ميشوستين لا يعدّ من الشخصيات السياسية البارزة في فريق الرئيس الروسي، وهو شغل حتى الآن منصب رئيس مصلحة الضرائب، ما دفع محللين إلى ترجيح أن يكون شخصية انتقالية لحين استكمال إنجاز الترتيبات الهيكلية والقانونية التي تضمنها الخطاب الرئاسي أمس.
وشكّلت التعديلات المقترحة حول منح البرلمان صلاحيات تشكيل الحكومة جزءاً من رزمة متكاملة من التدابير التي أعلن عنها بوتين في رسالته، وبينها تعزيز وضع الأقاليم ومنحها مساحة أوسع من الاستقلالية، على ألّا يتعارض ذلك مع القوانين الفيدرالية، وإدخال تعديل دستوري يجعل القوانين السارية على الأراضي الروسية أعلى من أي قرارات أو قوانين أجنبية أو دولية، ما يعني تحصين روسيا من أي محاولات لتدخل قانوني أو إجرائي أجنبي، علماً بأن هذه الفقرة كانت مطلب كتل برلمانية في السابق تحدثت عن عدم وجود نص دستوري يجعل القانون الروسي أعلى من أي قانون آخر على أراضي البلاد.
وامتدت التعديلات الرئاسية المقترحة لتشمل تحريم توظيف أشخاص لديهم إقامة دائمة أو مؤقتة خارج البلاد، أو جنسية أجنبية في مواقع مسؤولية أولى، مثل البرلمان والوزارات وحكومات الأقاليم والقضاء. وبرر بوتين ذلك بأن الولاء يجب أن يكون للوطن وحده، وانسحب ذلك على منصب الرئيس نفسه، إذ قال بوتين إنه لا بد من وضع شروط قاسية للترشح لمنصب الرئاسة بينها أن يكون أي مرشح يقيم في روسيا لمدة 25 سنة بشكل متواصل، وألا يكون حصل في أي وقت على إقامة دائمة أو مؤقتة في أي بلد أجنبي، أو أن يكون حصل على جنسية أجنبية.
وأشار بوتين إلى ضرورة تعزيز وضع مجلس الدولة، وهو هيكلية حكومية قام بتأسيسها في عام 2000 بعد توليه السلطة، ولم تدرج أي صلاحيات له في الدستور سابقاً، وشدد بوتين على أهمية أن يتضمن التعديل الدستوري بنداً بهذا الشأن.
ومع حديثه عن توسيع صلاحيات البرلمان شدّد الرئيس الروسي على أن روسيا بأراضيها الشاسعة وهيكلها القومي والإقليمي المعقد وتنوع التقاليد الثقافية والتاريخية، لا يمكنها أن تتطور بشكل طبيعي، أو حتى أن تبقى موجودة ومستقرة في إطار نظام برلماني، مشدداً على أن «روسيا يجب أن تحافظ على نظام رئاسي قوي». وتابع الرئيس الروسي: «يجب أن يظل الرئيس في سيطرة مباشرة على القوات المسلحة، وجميع أنظمة إنفاذ القانون. لكن في هذه الحالة أيضاً، اعتبر أنه من الضروري القيام بخطوة أخرى لضمان توازن أكبر بين هياكل صنع القرار».
كما حسم بوتين بطرحه التعديلات الجدل حول ضرورة تبني دستور جديد بالكامل، وهو أمر طُرح على مستوى البرلمان أكثر من مرة أخيراً، وقال الرئيس: «يطرح عدد من التجمعات السياسية والاجتماعية مسألة اعتماد دستور جديد. أريد أن أجيب على الفور: أعتقد أنه ليست هناك حاجة لهذا، وإمكانات دستور عام 1993 لم يتم استنفادها بعد، وآمل أن تبقى المبادئ الأساسية للنظام الدستوري وحقوق الإنسان والحريات لعقود أخرى قاعدة شاملة صلبة للمجتمع الروسي».
وأضاف بوتين أنه لا يمكن إلا الاتفاق مع أولئك الذين يقولون إن الدستور قد تم تبنيه قبل أكثر من ربع قرن، في ظروف أزمة سياسية داخلية حادة، وقد تغير الوضع بشكل كبير منذ ذلك الحين. وتابع: «الحمد لله، ليست لدينا الآن مواجهات مسلحة في العاصمة، ولا بؤر للإرهاب الدولي في شمال القوقاز. وعلى الرغم من عدد من المشكلات التي لم يتم حلها، والحادة إلى حد ما، فقد استقر الوضع في الاقتصاد والمجال الاجتماعي».
وخصص بوتين جزءاً مهماً من رسالته لمعالجة المسائل المعيشية والاقتصادية، وتحدث عن ضرورة مواجهة الأزمة الديموغرافية ونقص السكان، وقال إن الدولة سوف تنفق موارد ضخمة لتشجيع زيادة الولادات، كما أشار إلى خطط لتحديث القطاعين الصحي والتعليمي.
وفي مقابل التركيز الواسع على الملفات الداخلية، خصّص بوتين مساحة محدودة من خطابه للسياسة الخارجية، وقال إن النزاعات الإقليمية باتت غير قابلة للتنبؤ وهي تهدد النظام الدولي، مضيفاً: «يجب على مؤسسي الأمم المتحدة أن يكونوا مثالاً يُحتذى، والقوى الخمس الكبرى تتحمل مسؤولية خاصة في الحفاظ على البشرية وتنميتها المستدامة، كما يجب على هذه الدول إزالة الأسباب التي تهدد بحدوث حرب عالمية».
وأعلن بوتين أن بلاده ستواصل تحديث قدراتها العسكرية، وزاد أنه «لا يهدد أي طرف بهذه العبارات»، لكنه شدد على أن روسيا «تحمي نفسها من المخاطر، ولدينا إمكانات دفاعية تحمينا لعشرات السنين». وزاد بأن روسيا لأول مرة في التاريخ تفوقت على دول أخرى في مجال إنتاج الأسلحة النووية الحديثة.
وزاد: «لقد اتخذنا خطوات لتعزيز الأمن القومي في الوقت المناسب وبالكمية الكافية، ولأول مرة أود الإشارة إلى أننا لا نلحق بأحد، بل على الآخرين اللحاق بنا، على الآخرين العمل للحصول على أسلحة مثل تلك التي تمتلكها روسيا». واختتم: «القدرات الدفاعية للبلاد مضمونة لعقود قادمة، إلا أننا لا يجب علينا الاسترخاء. يجب أن نمضي قدماً، ونتابع باهتمام ونحلل ما يحدث في العالم في هذا المجال، وأن نقوم بتطوير أنظمة مستقبلية».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.