المخابرات الإسرائيلية تحذّر من تسلح نووي إيراني

TT

المخابرات الإسرائيلية تحذّر من تسلح نووي إيراني

في أعقاب تحذيرات قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وآخرها تحذير رئيس «شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)» تمير هايمن، بأن إيران ستكون قادرة على إنتاج أول قنبلة نووية، خرج رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتهديدات علنية قال فيها إن «إيران تعتقد أنها ستحصل على سلاح نووي. وأنا أكرر وأقول: إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية».
وعدّ نتنياهو حصول إيران على قدرات نووية خطراً على دول الغرب والعالم الغربي. ودعا «جميع الدول الغربية إلى فرض آلية العقوبات التلقائية في الأمم المتحدة، وحالاً». وكان رئيس «أمان»، الجنرال هايمن، قد نشر صباح أمس الأربعاء «تقدير الموقف السنوي» لـ«شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية»، وجاء فيه أن «إيران ستتمكن من صنع قنبلة نووية ورؤوس حربية خلال عامين، إذا ما أرادت ذلك، وعززت من مشروعها النووي إلى حدوده القصوى».
وأضاف أن إيران ستتمكن خلال الشتاء المقبل، إذا ما قامت بتسريع نشاطاتها في هذا الخصوص، من تجميع احتياطات اليورانيوم الكافية لصنع قنابل نووية خاصة بها، وستحتاج إلى سنة أخرى لتصنيع القنبلة. وعدّت «شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية»، أن «الإيرانيين ما زالوا مهتمين بالالتزام بالاتفاق النووي، والغرض من الانتهاكات أو خفض التزاماتها بموجب الاتفاق الموقع عام 2015، هو تجميع أوراق ضغط للمساومة بهدف تحسين موقفها في اتفاقية جديدة».
وأعرب تقرير «أمان» عن تقديرات تقول إن الهجمات الإسرائيلية في سوريا والعراق ولبنان يمكن أن تؤدي إلى التصعيد. وقال: «احتمال قيام (أعداء إسرائيل) بحرب استباقية ضعيف، لكن هناك احتمالية متوسطة إلى عالية (للحفاظ على معادلات الرد في الجبهة الشمالية مع الاستعداد للمخاطرة إلى حد الحرب)».
وبحسب تقرير «أمان»، فإن عام 2020 سيكون عام القرارات الصعبة بالنسبة إلى النظام الإيراني، حيث سيقوم بتحويل الموارد لمراقبة البرنامج النووي، في ظل القرارات التي يجب أن يتخذها والتي تتعلق بمواصلة المشروع النووي، والأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، بالإضافة إلى مشروع التمركز العسكري في سوريا، بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية الإيرانية المرتقبة.
وقالت مصادر مطلعة إن التقرير أعد في نهاية السنة الماضية لكن هايمن أجرى تعديلات عليه تلائم التطورات التي حدثت بعد اغتيال قاسم سليماني، رئيس «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، بداية الشهر الحالي. وجاء في هذا التعديل أن «قادة (أمان) يرون في شطب سليماني من المعادلة عامل لجم، لم تتضح آثاره بكاملها. ولكن بديله، إسماعيل قاآني، سيستصعب جداً ملء الفراغ الهائل الذي خلفه». وأضافت أن «غياب سليماني سيؤثر بشكل مباشر على إسرائيل. فقد كان هو الرجل الذي قاد مشروع دقة الصواريخ لـ(حزب الله) ومشروع تثبيت وجود ميليشيات شيعية في سوريا. وستضطر الآن دول المحور الشيعي لاتخاذ قرارات في مستقبل هذه المشاريع». وتقدر «أمان» أن «مشروع تثبيت الوجود سيستمر، ولكن مشروع الدقة كفيل بأن يشطب إذا ما توصل حسن نصر الله إلى الاستنتاج بأن ضرره الكامن يفوق المنفعة منه». وتقول شعبة الاستخبارات «أمان» إنه توجد لدى «حزب الله» اليوم «قدرة محدودة جداً من الصواريخ الدقيقة، والمشروع بكامله لم يصبح تنفيذياً بعد».
ويتضح من التقدير أنه وإن كان نصر الله غير معني بالحرب، ولكنه مستعد لأن يصل إليها كي يحافظ على «معادلة الردع» في الشمال. والتقدير هو أن «استمرار الأعمال الإسرائيلية في المعركة ما بين الحروب، كفيل بأن يؤدي إلى ردود من الطرف الآخر، وإمكانات تصعيد أعلى مما كانت في الماضي». ومع ذلك، تعتقد «أمان» أنه على خلفية تصفية سليماني بالذات يتعين على إسرائيل أن تزيد الآن نشاطها العسكري ضد مساعي التموضع الإيرانية في سوريا وفي المنطقة، في محاولة للتضييق على خطواتها. وقال التقرير إن «نصر الله سيبقى منشغلاً في السنة المقبلة أيضاً بالمشاكل السياسية والاقتصادية اللبنانية الداخلية، وكذلك إيران نفسها، المنشغلة هي الأخرى بمشاكلها الداخلية. فقد أدت العقوبات الأميركية إلى انخفاض دراماتيكي في مبيعات النفط الإيرانية (من 2.8 مليون برميل في اليوم قبل نحو سنتين إلى نحو 300 ألف برميل في اليوم في الشهر الماضي)».
وقال تقرير «أمان» إن «سوريا ستواصل إشغال بال إسرائيل في 2020، لا سيما في السياق الإيراني. فالأسد يواصل المساعي لاستكمال سيطرته على جيبي المعارضة الأخيرين اللذين لم يحتلا بعد في شمال البلاد، وبعد ذلك سيتفرغ لإعادة بناء سوريا. وقد بدأ الجيش السوري منذ الآن في سياقات الإعمار التي تتضمن أيضاً تسلحاً متسارعاً بوسائل قتالية، وإلى جانب ذلك، استؤنف العمل بالسلاح الكيماوي (وبقدر أقل بسلاح بيولوجي أيضاً، وإن كان ليس بعد في مستوى تهديد يستوجب اتخاذ قرارات تتعلق بالجبهة الإسرائيلية الداخلية)».
وتشخص «أمان» أن «هناك فرصة لتغيير استراتيجي في سوريا، لدرجة إمكانية إخراجها من المحور الشيعي. ولكن هذا يستوجب تدخلات وتسويات بين الولايات المتحدة وروسيا التي تسعى إلى تعميق وجودها في المنطقة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.