إسرائيل تضع خطة لمنع محكمة لاهاي من التحقيق في اتهامها بجرائم حرب

جنود إسرائيليون يدفعون بمتظاهر فلسطيني خلال مظاهرة قرب قلقيلية في الضفة الغربية أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون يدفعون بمتظاهر فلسطيني خلال مظاهرة قرب قلقيلية في الضفة الغربية أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تضع خطة لمنع محكمة لاهاي من التحقيق في اتهامها بجرائم حرب

جنود إسرائيليون يدفعون بمتظاهر فلسطيني خلال مظاهرة قرب قلقيلية في الضفة الغربية أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون يدفعون بمتظاهر فلسطيني خلال مظاهرة قرب قلقيلية في الضفة الغربية أمس (رويترز)

كشفت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، تسيبي حوتوبيلي، أمس (الثلاثاء)، عن خطة تديرها حكومتها بشكل سري ترمي إلى منع انعقاد جلسة لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، للبحث في توصية المدعية العامة، باتو بنسودا، بإجراء تحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة والضفة الغربية.
وقالت حوتوبيلي، إنها لا تستطيع الكشف عن الطريقة التي ستمنع فيها المحكمة من الانعقاد، لكنها أكدت أنها «تستند إلى إجراءات سياسية وعدلية». وقالت، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية العبرية، إن «الكثير من الخبراء في القانون الدولي يؤكدون أن المحكمة لا تملك صلاحيات للبحث في القضية؛ لأن السلطة الفلسطينية ا لتي رفعت الدعاوى ضد الحكومة الإسرائيلية لا تتمتع بأي صفة قانونية». وقالت: «السلطة ليست دولة ولن تكون دولة إلا إذا وافقت إسرائيل على ذلك. وواضح أن مثل هذه الممارسات العدائية الفلسطينية لا تساعد على تغيير وجهة النظر الإسرائيلية. بل إن إسرائيل وأصدقاءها الكثيرين في العالم سيعاقبون السلطة على توجهها العدائي هذا». وتابعت حوتوبيلي بلهجة تهديد واضحة: «الفلسطينيون سيندمون على توجههم إلى هذه المحكمة».
المعروف أن السلطة الفلسطينية تؤكد أنها تحمل عدداً كبيراً من الاستشارات الدولية التي تقول، إن المحكمة ستنعقد وإن السلطة تملك صلاحيات طلب محاكمة إسرائيل؛ لأنها تعتبر دولة مراقب في الأمم المتحدة وغالبية دول العالم تعتبرها دولة. وتعتقد بأن الاستمرار الإسرائيلي في ممارسة جرائم الحرب ضد الفلسطينيين، خصوصاً في مجال الاستيطان وإطلاق الرصاص على متظاهرين وقتلهم، حتى بعد صدور إعلان بنسودا، يلزم المحكمة بقول كلمتها الصارمة ضد حكومة إسرائيل.
وكان مصدر سياسي إسرائيلي، قال لصحيفة «معريب»، أمس، إن الحكومة لا تشعر بالاطمئنان من موقف المحكمة، وما زالت تل أبيب وواشنطن تسعيان لإقناعها برفض توصية بنسودا. وقال: «ما زال هناك احتمال لأن يستجيب قضاة محكمة العدل الدولية بشكل إيجابي لطلب المدعي العام ويوافقوا على فتح التحقيق. وفي هذه الحالة، فإنه في غضون 90 يوماً، ستصدر أوامر اعتقال دولية ضد عدد من المسؤولين الإسرائيليين، الذين تم تحديدهم على أنهم يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، أكان ذلك بسبب النشاطات العسكرية أو بسبب الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية وهضبة الجولان المحتلة».
وقال المصدر السياسي الإسرائيلي: «لقد بذلت إسرائيل في السنوات الأخيرة جهوداً كبيرة لإقناع المدعي العام للمحكمة بعدم الشروع في التحقيقات، لكن تلك المحاولات لم تنجح. والآن، وبعد قرارها حول التحقيق، بدأت إسرائيل في اتخاذ تدابير سياسية ودبلوماسية لتعبئة أكبر عدد ممكن من الدول الصديقة، من أجل ممارسة الضغط على المحكمة لتجنب التحقيقات. وحتى الآن، تلقت إسرائيل رسائل إيجابية من عدد من الدول التي تدعم موقف إسرائيل، منها «الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا والمجر وألمانيا».
جدير بالذكر، أن مجموعة من كبار خبراء القانون الدولي في تل أبيب، حذروا كلاً من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزرائه وكبار الجنرالات في الجيش، من احتمال قيام محكمة لاهاي، بإصدار أوامر اعتقال دولية «سرية» ضدهم، والسعي لاعتقالهم بشكل فعلي بشبهة ارتكاب جرائم حرب، في حال قررت المحكمة فتح تحقيق ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين. ونقلت صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم» على لسان «مصادر سياسية مطلعة»، قولها، إن هذا التحذير ورد بشكل رسمي خلال الجلسة التي عقدها نتنياهو للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية في حكومته (الكابينيت)، التي التأمت الأربعاء الماضي، وتم الكشف عنها الأحد التالي. وأضافت، أن «الكابنيت» بحث في تبعات إعلان المدعية في محكمة لاهاي، فاتو بنسودا، عزمها فتح تحقيق بشبهة ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد الفلسطينيين، إلى جانب التحقيق في عمليات نفذتها «حماس»، وبينها إطلاق صواريخ باتجاه مناطق مأهولة. وأكدت أن أوامر الاعتقال سارية يمكن أن تصدر في جميع الدول الأعضاء في محكمة العدل الدولية، وفي هذه الحالة، قد يتم احتجاز المسؤولين الإسرائيليين أثناء تواجدهم في الخارج دون علمهم بوجود مذكرة توقيف بحقهم، وبالتالي، يُنصح بعدم زيارة هذه البلدان وفقاً للصحيفة الإسرائيلية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.