«استراحة محارب» احتجاجية تمهيداً لحملة قطع الطرق الدولية

TT

«استراحة محارب» احتجاجية تمهيداً لحملة قطع الطرق الدولية

تواصلت أمس، الاحتجاجات العراقية في غالبية الساحات والمحافظات لكن بوتيرة أقل من الأيام السابقة. واستمر اعتصام طلبة الجامعات أمام مبنى وزارة التعليم العالي في بغداد احتجاجا على القرار الذي اتخذته الوزارة في ضرورة عودتهم إلى مقاعد الدراسة.
وفي محافظة ذي قار، أفادت الأنباء الواردة من هناك، بأن مركزها، مدينة الناصرية، شهد هدوءاً نسبيا بعد أيام من التوتر. وأكدت استئناف الدوام الرسمي في دوائر التقاعد والرعاية وصندوق الإسكان في مدينة الناصرية، كما أن غالبية شوارع المدينة مفتوحة باستثناء شارع الحبوبي الذي يعتصم فيه المتظاهرون، وشهدت المدينة كذلك افتتاح معظم الجسور الرابطة بين شطريها باستثناء جسر الزيتون.
ويقول ناشطون إن «الهدوء الذي تشهده المدينة ربما يمثل استراحة محارب قصيرة، نظرا لعزم المتظاهرين على قطع الطريق الدولي الرابط بين محافظات الجنوب والعاصمة بغداد لتعطيل حركة النقل».
وكان ناشطون، أمهلوا أول من أمس، الحكومة والبرلمان الاتحاديين أسبوعا واحدا لتنفيذ مطالب المتظاهرين المعلنة، وخلافا لذلك سيقومون بشل حركة البلاد من خلال قطع الطريق الدولي.
كما دعوا بقية المتظاهرين في بقية المحافظات إلى القيام بعمل مماثل لقطع الطرق المؤدية إلى بغداد، بهدف الضغط على السلطات وإرغامها على تنفيذ المطالب الشعبية. ويقول الناشط زيد سالم إن «المتظاهرين يتأكد لهم يوما بعد يوم أن السلطات لن تستجيب ولن تحقق مطالبهم إلا من خلال الضغوط المتواصلة عليها».
ويؤكد سالم في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «عزم المتظاهرين على قطع جميع الطرق الدولية في الأسبوع المقبل إذا أصرت الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية على مواقفها الحالية غير المتطابقة مع مطالب المتظاهرين».
من جهته، قال عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية علي البياتي إن إجمالي عدد الضحايا من القتلى بين صفوف المتظاهرين العراقيين بلغ 492 قتيلا، ضمنهم 15 منتسبا للأجهزة الأمنية. وذكر البياتي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الإحصائية تغطي الفترة الممتدة من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى هذا الأسبوع». وعن أعداد المصابين كشف عن تسجيل ما لا يقل عن 23 ألف إصابة، وتجاوز عدد المعتقلين حدود الـ2900 معتقل، تبقى منهم 93 فقط قيد الاعتقال. ويؤكد البياتي أن «إحصاءاتنا متقارنة مع إحصاءات الأمم المتحدة، ومع ذلك تعتقد الحكومة العراقية أن أرقامنا غير صحيحة».
وعن الإحصاءات التي أصدرها «المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب» وأعلن فيها عن مقتل 669 متظاهرا وجرح أكثر من 24 ألف متظاهر، قال البياتي إنها «إحصاءات غير دقيقة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.