الرئيس التونسي يبدأ مشاورات جديدة لاختيار رئيس الحكومة

أقصى منها منظمات نقابية واجتماعية

الرئيس التونسي قيس سعيد مستقبلاً وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد مستقبلاً وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يبدأ مشاورات جديدة لاختيار رئيس الحكومة

الرئيس التونسي قيس سعيد مستقبلاً وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد مستقبلاً وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في تونس أمس (أ.ف.ب)

عشية احتفال التونسيين بالذكرى التاسعة لثورة 2011، شرع الرئيس التونسي قيس سعيّد في إجراء مشاورات ومحادثات مع رؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، بهدف التوافق على تكليف شخصية ثانية بتشكيل الحكومة، بعد حجب الثقة في البرلمان عن الحكومة المقترحة من قبل الحبيب الجملي.
وستقتصر المشاورات هذه المرة على رؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وستكون المحادثات ضيقة، ولن تشمل المنظمات الوطنية، على غرار «اتحاد الشغل» (نقابة العمال) وبقية النقابات المهنية، نظراً إلى عدم تنصيص الدستور التونسي على ذلك، علاوة على ضيق الوقت المخصص لهذه المشاورات.
ومن المنتظر أن يجري رئيس الجمهورية خلال فترة محددة بعشرة أيام، لقاءات مع رؤساء حركة «النهضة»، وحزب «قلب تونس»، وحزب «التيار الديمقراطي»، و«حركة الشعب»، و«ائتلاف الكرامة»، و«الحزب الدستوري الحر»، وحركة «تحيا تونس»، ورئيس كتلة «الإصلاح الوطني»، علاوة على عدد من الأحزاب الممثلة بعدد قليل من النواب (أقل من 3 نواب).
وينتظر أن يعلن سعيّد اسم «الشخصية الأقدر» من وجهة نظره لتشكيل الحكومة، في غضون عشرة أيام تنتهي يوم الاثنين 20 يناير (كانون الثاني) الحالي. وسيحاول سعيّد التوصل إلى توافق سياسي واسع، يضمن التصويت لحكومة الشخصية التي سيكلفها بتشكيل الوزارة الجديدة، وتفادي الإخفاق مرة ثانية الذي يؤدي إلى تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة.
من ناحيتها، شرعت الأحزاب السياسية في اقتراح شخصيات لتولي رئاسة الحكومة، وسعت إلى التذكير بالشروط الواجب توافرها في رئيس الحكومة المكلف من قبل الرئيس التونسي. وفي هذا الشأن، شددت أحزاب على ضرورة تكليف شخصية محسوبة على «المسار الثوري»، وتفادي شخصية محسوبة على «رموز النظام السابق».
وفي محاولة لتحديد ملامح رئيس الحكومة الجديد، عبَّر عبد اللطيف العلوي، القيادي في «ائتلاف الكرامة» (قريب من حركة «النهضة»)، عن رغبة الائتلاف في تشكيل حكومة سياسية قوية تشمل أغلب الأحزاب السياسية، باستثناء حزبي «قلب تونس» بزعامة نبيل القروي المتهم في قضايا تهرب ضريبي وتبييض أموال، و«الحزب الدستوري الحر» المحسوب على النظام القديم. وأكد أيضاً ضرورة تغيير المنهجية المعتمدة في المشاورات، داعياً إلى عقد لقاء تشاوري مع جميع الأطراف السياسية؛ حيث يتم طرح برامج الأحزاب السياسية وتصوراتها حول الحقائب الوزارية، بصفة علنية وتحت إشراف رئيس الجمهورية، تفادياً لما حصل في المرة الأولى خلال المشاورات حول حكومة الجملي، على حد قوله. واعتبر العلوي أن المرور إلى «حكومة الرئيس» فرصة لاختبار صدق نيات عدد من القيادات السياسية التي دفعت نحو هذا الخيار قبل التصويت على حكومة الجملي، وكذلك لمعرفة إن كان الهدف هو فعلاً البحث عن خيار وطني حقيقي أم العمل على إقصاء طرف من المشهد السياسي.
وكانت «النهضة» قد دعت عبر مكتبها السياسي إلى تشكيل ما أسمتها «حكومة وحدة وطنية توافقية على أرضية اجتماعية في مسار الثورة»، وذلك بعد سقوط حكومة الحبيب الجملي المقترحة. وعبَّرت عن ثقتها في رئيس الجمهورية لتكليف الشخصية الأقدر، وأشارت إلى استعدادها للتفاعل الإيجابي مع كل شخصية وطنية تتوفر فيها شروط النجاح، وتعكس تطلعات التونسيين.
وكان حزب «قلب تونس» قد أعلن عن مبادرة وطنية مفتوحة أمام بقية الأحزاب، تضم حزبي «حركة الشعب» (15 مقعداً) و«تحيا تونس» (14 مقعداً) وكتلتي «المستقبل» (9 مقاعد) و«الإصلاح الوطني» (15 مقعداً برلمانياً)، وبإمكان هذه المبادرة أن تضم 91 نائباً، في إشارة إلى استعداد «قلب تونس» للعب دور سياسي، إثر إسقاط حكومة الجملي التي دعمتها «النهضة» بقوة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.