«الجيش الوطني» متمسك بمواقعه جنوب طرابلس

مصر والجامعة العربية ترحبان بوقف النار وتدعوان إلى مسار سياسي... وكونتي يبحث الملف الليبي في القاهرة

TT

«الجيش الوطني» متمسك بمواقعه جنوب طرابلس

عبر البوابة الروسية، وبتوقعات بشأن توقيع اتفاق في موسكو بين المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، وفائز السراج رئيس حكومة الوفاق، دخلت أمس الأزمة الليبية مرحلة جديدة، استباقاً لمؤتمر دولي سيعقد في برلين الأسبوع المقبل لبحث حل الصراع القائم بين الطرفين الليبيين، رغم مخاوف من انهيار وقف النار في العاصمة الليبية طرابلس.
واستبق «الجيش الوطني» اتفاق موسكو المتوقع، بنفي اعتزامه سحب قواته من طرابلس؛ حيث قال «مكتب الإعلام» التابع له في بيان مقتضب أمس: «عازمون على تحرير كامل التراب الليبي من الميليشيات والجماعات الإرهابية، ونؤكد لكم أن جيشكم موجود في جميع مواقعه في العاصمة طرابلس، ولم ولن ينسحب خطوة واحدة للوراء». وتابع: «رجال زلزلوا الأرض بصولاتهم وانتصاراتهم، وختامها بإذن الله نصر مبين».
بدورها، وزعت «عملية بركان الغضب» التي تشنها ميليشيات حكومة السراج صوراً لما قالت إنها جولة لآمر المنطقة العسكرية الوسطى التابع لها، تفقد خلالها قواتها في محاور جنوب طرابلس.
ونقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج، عن خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، غير المعترف به دولياً والمرافق للسراج في اجتماعات موسكو، قوله: «رفضنا أي لقاء مع حفتر، ولن نجلس معه تحت أي ظرف، ومفاوضاتنا تتم مع أصدقائنا الأتراك والروس».
وكان المشري قد أعلن في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، أن السراج سيوقع مع المشير حفتر الذي يُرافقه رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح في موسكو، على اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على وجود «قوات للمراقبة»، من دون أن يُحدد طبيعة هذه القوات أو جنسيتها، معتبراً أن الاتفاق سيُمهد الطريق لإحياء العملية السياسية.
بدوره، استبق السراج توقيعه على اتفاق موسكو لوقف النار مع المشير حفتر، بكلمة فجر أمس، حث فيها الليبيين على «طي صفحة الماضي، ونبذ الفرقة، ورص الصفوف للانطلاق نحو الاستقرار والسلام».
في غضون ذلك، بحث أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، هاتفياً أمس، مع هايكو ماس وزير خارجية ألمانيا: «آخر المستجدات ذات الصلة بالأزمة الليبية، والتحضيرات لانعقاد قمة برلين التي ستبحث جهود السلام في البلاد».
وبحسب بيان للجامعة، فقد «تطرقت المشاورات إلى الجهود الدبلوماسية القائمة لتثبيت وقف إطلاق النار» في ليبيا، وما يجب أن يتبعه من جهد لاستئناف المسار السياسي بين الأطراف الليبية، تحت رعاية المبعوث الأممي غسان سلامة، والتحضيرات لانعقاد قمة برلين التي ستدعو إليها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وعلى صعيد متصل، رحبت مصر بـ«وقف إطلاق النار غير المشروط في ليبيا»، وأعربت وزارة الخارجية عن دعم القاهرة «لكل ما يحقن دماء الشعب الليبي الشقيق، وأهمية العودة إلى العملية السياسية، ممثلة في عملية برلين وجهود المبعوث الأممي لإطلاق المسارات الثلاثة: السياسية والاقتصادية والأمنية». كما أكدت القاهرة دعمها لـ«حل شامل يحفظ أمن ليبيا وأمن دول جوارها، ودول حوض البحر المتوسط، ويحفظ وحدة ليبيا وسلامة أراضيها»، منوهة بأن «وقف إطلاق النار يعد خطوة أولى يتعين بعدها تنفيذ ما يتعلق بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي تشكيلاً سليماً».
ووصل إلى القاهرة، مساء أمس، جوزيبي كونتي، رئيس الوزراء الإيطالي، قادماً على رأس وفد بطائرة خاصة في زيارة لمصر تستغرق يومين، يستقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حيث يتوقع أن تتناول المحادثات العلاقات الثنائية وآخر التطورات في ليبيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».