لبنان يلجأ إلى «المقايضة» لتسديد سندات دولية

«المركزي» يعمل على إقناع المصارف المحلية والصناديق الخارجية بها

TT

لبنان يلجأ إلى «المقايضة» لتسديد سندات دولية

ينتظر حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة أجوبة حاسمة من إدارات المصارف بشأن تنفيذ عملية مبادلة استباقية (سواب) تهدف إلى تمكين وزارة المال من سداد قيمة 3 إصدارات من سندات «يوروبوندز» تستحق تباعاً بدءاً من مارس (آذار) المقبل بقيمة إجمالية تبلغ 2.5 مليار دولار، من خلال سندات مماثلة أطول آجالاً وأعلى مردوداً.
وعُلم أن المصارف تميل إلى الإيجابية في الرد على طلب سلامة «تجنباً لخيارات مؤذية» تنتج عن الاختناق المالي الذي تعانيه الدولة. وقد أبلغته هذه الأجواء فعلياً مشفوعة باستفسارات إضافية بشأن الحوافز المعروضة. ويرجح أن تدفع هذه الأجوبة إلى تسريع تنفيذ هذه العمليات بشكل متزامن نظراً لتنوع حملة السندات في كل إصدار على حدة.
ويعزز هذا التوجه الاستجابة المبدئية التي تلقاها الحاكم من أحد الصناديق الأجنبية الحائزة شريحة من الإصدار الأقرب أجلاً، ويترقب جواباً مماثلاً من صندوق ثانٍ يديره أحد البنوك الدولية الكبرى، بحيث تكتمل الموافقة الخارجية الضرورية للتنفيذ، علماً بأن استحقاق الإصدارات الثلاثة موزع بين 1.2 مليار دولار في مارس المقبل، و700 مليون دولار في أبريل (نيسان)، و600 مليون دولار في يونيو (حزيران) المقبل.
وطرح الحاكم على المصارف خلال الاجتماع الدوري مع الجمعية في نهاية الشهر الماضي، أن يجري المقايضة على سندات «يوروبوندز» بحيث يعطيها «مصرف لبنان» سندات طويلة الأجل من محفظته بدل السندات قصيرة الأجل التي تحملها وتستحق في الأشهر المقبلة، مما يفتح الباب لعمليات مقايضة مع الخارج. علماً بأن أحد أهم الصناديق بالنسبة إلى دين لبنان الخارجي أبدى انفتاحاً في هذا المجال. وتمنى أن تجيبه المصارف في مطلع عام 2020. وبرأي الحاكم؛ فإن عملية مثل هذه تحول دون إعادة جدولة ممكنة الحدوث، وقد تترتب عليها خسائر للمصارف.
وتمثل هذه السندات كامل استحقاقات الدين بالعملات الأجنبية للعام الحالي. ويحمل البنك المركزي في محفظته نحو 5.7 مليار دولار من السندات ذات الآجال الأطول التي تتراوح تواريخ استحقاقاتها بين 2029 و2037، ويصل مردود البعض منها إلى 11 و12 في المائة سنوياً، أي ما يماثل ضعفي المردود على السندات المستحقة، والبالغ 6.3 في المائة، و5.8 في المائة، و6.1 في المائة، على التوالي. كما ترددت معلومات عن إمكانية تقديم حوافز إضافية بالليرة اللبنانية لتشجيع البنوك على الانخراط في عملية المبادلة.
وإلى جانب عملية المقايضة، سيتعين على البنك المركزي تسديد نحو ملياري دولار هذا العام من الفوائد التي تستحق تباعاً على كامل محفظة سندات الدين الدولية التي تصل قيمتها الإجمالية حالياً إلى نحو 31 مليار دولار، تحمل البنوك المحلية منها نحو 15 مليار دولار، والبنك المركزي نحو 5.7 مليار دولار، فيما يحمل مستثمرون وصناديق استثمارية وبنوك خارجية نحو 10 مليارات دولار.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن سلامة قوله: «نعرض اقتراحات استباقية طوعية»، فيما يتعلق بمبادلة الدين بالسندات الأجنبية. وأضاف: «لم نتخذ قراراً بعدُ، لأنه ليست هناك حكومة». ولفت إلى أن المصرف المركزي «يريد أن تعتمد هذه المقترحات على موافقة البنوك اللبنانية»، موضحاً أن «وزارة المالية اللبنانية يجب أن تحول حملة السندات بالعملة الأجنبية التي تستحق في مارس إلى سندات أطول أمداً بعائد أعلى. كما أن المصرف (المركزي) لم يقرر بعد تقديم قرض مرحلي للحكومة اللبنانية لتتمكن من سداد كل السندات بالعملة الأجنبية المستحقة هذا العام».
ولفت سلامة إلى أن احتياطات البلاد بالعملة الأجنبية «ما زالت عند مستويات مقبولة ومريحة»، مشيراً إلى أن «(المركزي) سيقبل طلب الحكومة إلغاء مدفوعات الفائدة على أذون الخزانة هذا العام».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».